شيخ الدين السياسي، هو ذلك الشيخ الذي يوظف الدين لخدمة أهداف سياسية، ويقوم بالفتيا السياسية وكأنها فتوى حيض أو نفاس، ولا يفكر في تبعات تدخله، وتجييش الناس، وينظر للأمر وفق فقه يؤمن فيه بمصالحة حتى لو كانت في إطارها الضيق بعيداً عن مصلحة عامة، ويسعى إلى وضع نفسه في خانة النجم فهو يفتي ويحلل ويحرِّم ويعطي من يشاء ما يشاء وفق هواه، مثل هؤلاء المشايخ لم يفكروا ولو للحظة في أن المناصحة لو كانت، فيجب أن تكون في سرية وأن تكون في شأن يهم القريب ولا تتداخل مع الآخرين، ولا تضر بمصالح سياسية واجتماعية للمكان الذين يعيشون فيه.
آخر التقليعات ما ظهر به الدكتور محمد العريفي في تغريداته الأخيرة التي نال فيها من شخصية كويتية رمز، وقام بالتحريض على العنف، ولم يكتف بذلك بل أدخل نفسه في عنق الزجاجة من خلال نزع الولاية، وهو أمر لا يمكن أن يقبل من إنسان عادي فكيف بشيخ ينظر إلى الآخرين بمبدأ التشكيك، وينال من رموز الآخرين، ويظن أن الناس مهما اختلفوا مع من تحدث عنه سيصفقون له.
إن كثيرا من الذين علقوا على الأمر اعتبروا أن هذا تدخلاً فيما لا يعني العريفي، فهل نصب العريفي نفسه ولياً لأمر المسلمين، وهل من صلاحيته التدخل في أمور بلد لها قيادتها وحكماؤها، وشعبها، وفيها من يدير الدفة بحكمة واقتدار وبغير حاجة إلى رؤية قاصرة أو فتوى مؤججة.
لعل التاريخ دائماً ما يذكر أن هناك من استغل الدين كتوطئة لعُقدٍ في داخله، وأخذ في استغلال أن بعض الأتباع يتعاطون مع كل ما يقول بتأييد دون النظر لتبعات ما يحدث، أو قد يحدث، ولعل العريفي نفسه نسي أو تناسى أننا كسعوديين نرفض أن يأتي شخص من خارج وطننا أو داخله لبث فتنة بيننا.
لعل الصورة الكبرى تكتمل عندما يدرك المتابع أن تغريدات العريفي لو حسنت النية بها، فإنها تفتح طريقاً نحو أبواب فتنة في كل دول الخليج ومنها السعودية، وقد تتسبب فيما لا يحمد عقباه، والسؤال هنا: ألا يوجد رجل عاقل ينصح ويناصح العريفي؟
سعيد معتوق
نائب رئيس تحرير صحيفة الشرق في 25-10-2012م