قصة الملك الأندلسي ( المعتمد بن عباد ) ملك اشبيلية و صاحب أكبر مملكة في عهد ملوك الطوائف من أكثر القصص المؤثرة في التاريخ لأنها جمعت جميع المتناقضات من ملك و عز و سؤدد ثم أسر و سجن و تهجير و فقر اضافة لكونه شاعر مبدع و متميز
و لا يمكن لنا أن نستعرض قصة المعتمد دون اسعراض قصة زواجه و حبه لــ الجارية ( اعتماد الرميكية ) و ما صاحب هذه القصص من أحداث مثيرة إليكم هذه القصة التي تحكي أروع قصص العشق الزوجي في العصر الأندلسي في يوم كان المعتمد بن عباد ملك إشبيلية يتنزه مع وزيره ابن عمار على ضفاف نهر الوادي الكبير قرب مرج الفضة ، فأخذ المعتمد بمنظر الماء المتموج فقال
صـنـع الـريـح عـلـى الـمـاء زرد
وطلب من ابن عمار - وهو شاعر - أن يجيزه (يكمل ما نظمه)، فتوقف ابن عمار قليلا (يحاول ينظم)، وكان على شاطئ النهر جوار يملأن الماء في جرار فقالت إحداهن
أي درع لـقـتـالٍ لـو جـمــد
فألتفت المعتمد إلى حيث الصوت فلم تكن الصورة بأقل جمالاً من المنطق. فبهر بها وكان اسمها اعتماد - فسألهم ألها زوج ؟ قالوا : لا , فاشتراها من سيدها وأعتقها ثم تزوجها وولد له منها : عباد الملقب بالمأمون وعبيد الله الملقب بالرشيد والملقب بالراضي وبثينة الشاعرة .
كانت ملكة إشبيلية الأثيرة ، تحتل مكانة بارزة في حياة المعتمد ، وكانت لسمو مكانتها وتمكن نفوذها يطلق عليها اسم (السيدة الكبرى) ، وكانت تسرف في دلالها على المعتمد
* من ذلك أنها طلبت من المعتمد أن يريها الثلج ، فزرع لها أشجار اللوز على جبل قرطبة حتى إذا نور زهره بدت الأشجار وكأنها محملة بالثلج الأبيض .
* ومن ذلك أيضا أنها رأت فلاحات يمشين في الطين في يوم مطر وهن يتغنين فرحات ، فاشتهت المشي في الطين ، فأمر المعتمد أن يصنع لها طين من الطيب فسحقت أخلاط منه وذرت بها ساحة القصر ، ثم صب ماء الورد على أخلاط المسك وعجنت بالأيدي حتى عاد كالطين ، فخاضته مع جواريها . وحدث أن غاضبها المعتمد ذات يوم ، فأقسمت أنها لم تر خيرا منه قط ، فقال لها : ولا يوم الطين ؟ وجرى هذا القول مثلا للمرأة تنكر على زوجها نعمته عليها .
ومضى المعتمد على حاله معها فلم يقصر في شيء يجلب السرور إلى نفسها ، * وقد بلغ من إعزاره لها أن صنع أبياتا يبدأ كل منها بحرف من حروف اسمها (اعتماد) وهي
دسست اسمك الحلو في طيهوألــفــت مــنــه حــــروف اعـتــمــاد
كان المعتمد مشكور السيرة في رعيته. وقال أبو نصر في قلائده وكان المعتمد على الله ملكاً قمع العدا، وجمع بين البأس والندا. وطلع على الدنيا بدر هدى. لم يتعطل يوماً كفه ولا بنانه، آونة يراعه. وآوثة سنانه. وكانت أيامه مواسم، وثغوره بواسم. لقبه أولاً الظافر. * ثم تلقب بالمعتمد. كلفاً بجاريته اعتماد، لما ملكها. لتتفق حروف لقبه بحروف اسمها. لشدة ولوعه بها.
ولما أغار جيش ابن تاشفين على إشبيلية وأسر المعتمد أسرها فيمن أسر من أبنائه ونسائه ، وأرسل الجميع إلى (أغمات) بإفريقية ، و عاشوا عيشة الفقرو ذاقوا معاناة الأسر, و قد أشار لتبدل الحال هذا في رائيته الشهيرة التي صاغها في أغمات حين قال في بناته :
يطأن في الطين والأقدام حافيةكـأنـهـا لـــم تــطــأ مـسـكــاً وكــافــورا