وأوضحت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها اليوم التي كانت بعنوان ( البورصات .. عواصف 2020 أم مبشرات 2021؟ ) : في الوقت الذي كان فيه عام 2020 ينذر بمخاطر لم تشهدها الأسواق المالية والبورصات ولم يشهدها الاقتصاد العالمي أيضا منذ الكساد الكبير الذي حدث عام 1929، ومع كل الرعب الذي عم الأسواق مطلع العام، خصوصا مع انتشار الأنباء السيئة من الصين، رغم كل ذلك إلا أنه مع نهاية العام تبدو الصورة أفضل بكثير جدا مما كان يعتقد، لكن الأسواق وهي تنتقل من مرحلة الرعب هذه حتى المرحلة التي تشهدها الآن قد شهدت اضطرابات وتقلبات حادة جدا. وهنا لا بد من أن نشير إلى أن العالم خلال هذه الأزمة الصحية واجه خسائر كبيرة في البورصات العالمية، حيث يتوقع ظهور ضبابية في الأفق مستقبلا. إن هذه التقلبات كانت بمنزلة الأخبار السيئة عند كثيرين، لكن هناك من وجدها فرصة لتعظيم الأرباح، ولا يوجد منحنى لأي سلعة فضلا عن الأسهم والأصول الأخرى لم تشهد تقلبات غريبة وحادة جدا. ولا أدل على ذلك من خروج أسعار النفط عن السيطرة تماما، في نيسان (أبريل) الماضي، ومع ذلك فإن سعر النفط يتجاوز 50 دولارا، وهذا حد كثيرا من الخسائر التي بدأت مخيفة في بداية العام، لكنها تبدو معقولة جدا في نهاية العام، خاصة في ظل الأزمات الكثيرة غير ذات الصلة بالأزمة الصحية مثل أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي تبدو مربكة حتى الآن. وواصلت : كما أن الصراعات التجارية لم تزل قائمة وأزمة الاتفاق النووي الإيراني، كل ذلك يجعل المشهد الضبابي كفيلا بأن تصبح خسائر نهاية العام عند مستوى 5 في المائة فقط، أمر مقبول نوعا ما في عالم الاستثمار. ورغم هذا القبول العام فإن القلق لم يزل قائما حول الأحداث التي ستشهدها الأيام القليلة المقبلة مع عودة انتشار سلالة جديدة من فيروس كورونا، فالتفاؤل الذي قاد الأسواق والبورصات مع الربع الأخير من العام، يعود سببه إلى التفاؤل بأن عام 2021 سيكون أفضل، لكن الغيوم تتلبد في سماء الأسواق مرة أخرى مع موجة الإغلاقات الجديدة فعلا ما لم ترتكز الأسواق في تفاؤلها للعام المقبل. لقد كان الدور الكبير الذي لعبته دول مجموعة العشرين في إنقاذ الاقتصاد العالمي والمحافظة على سلامة بنية سلاسل الإمداد طوق النجاة الرئيس من الغرق لكثير من الشركات بجميع أحجامها، فالحكومات والمصارف المركزية استطاعت التدخل بسرعة لمنع حصول كساد وإنقاذ الأسواق المالية والبورصات. ومع نهاية أيلول (سبتمبر)، عادت معظم الدول إلى مستوى نمو بلغ 95 في المائة من مستوى ما قبل الأزمة، كما أكد عدد كبير من الخبراء. وبينت : ومن الواضح جدا اليوم أن الحكومات تلعب دورا اقتصاديا أكبر بكثير من أي مرحلة اقتصادية سابقة، وهذا الدور تقوده المؤسسات الدولية بتناسق كبير، ومن ذلك الإعفاءات التي حصلت عليها الدول النامية، ولعل الأزمة المالية العالمية عام 2008، قد صنعت عولمة حقيقية للقرار الاقتصادي، حيث أدرك العالم أن الأخطاء التي قد تحدث في السوق وتربك الاتجاهات كافة في الخريطة الاقتصادية، ومع الأزمة الحالية فإن الأخطاء الصحية والبيئة ستربك العالم بأسره، وهذا هو الثمن الذي يجب علينا دفعه جميعا في سبيل بقاء العولمة فعالة ومنتجة، ولم يعد باستطاعة البشرية العودة للوراء. الأمر الثاني الذي يقود إلى التفاؤل في عام 2021 هو بدء استخدام اللقاح بشكل واسع وعلى نطاق عالمي، كما وصل عدد آخر من اللقاحات، التي ستعمل مع العالم في محاربة هذا الفيروس الفتاك، وقد كان أثره واضحا، فرغم أن الموجة الثانية من الوباء قد أجبرت أوروبا على إعادة فرض قيود أدت مجددا إلى إبطاء الحركة الاقتصادية، وبالتالي النمو فقد انخفض مؤشر "يورو ستوكس"، نحو 7 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر)، لكنه عاد مع تسارع الأنباء عن اللقاحات ليرتفع 22 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو أفضل أداء شهري في تاريخ سوق الأسهم منذ 30 عاما. أما الأمر الثالث الذي يقود التفاؤل هو الاستمرار في خطط تحفيز النشاط الاقتصادي، وكما هي عادة المستثمرين في المضاربة وفقا لتوقعات أسعار الفائدة، فالجميع يتوقع البقاء عند أسعار فائدة منخفضة طوال عام 2021 بسبب الدين العام المرتفع جدا، كما أن الحكومات لم تزل قلقة بشأن مدة المناعة التي سيوفرها اللقاح، ولهذا فإن احتمالات بقاء القيود الصحية قائمة، وهو ما يجعل جميع الحكومات على أهبة الاستعداد للتدخل وحماية الأسواق مرة أخرى. وفي هذا السياق فإن الأسئلة حول مدى أهلية القطاع الخاص على الصمود وحيدا في هذه العواصف تجعل من الصعب تقييم قدرته على الاستدامة، فالعودة إلى الحياة الطبيعية قد تكون سببا لفشل عديد من الشركات التي أدمنت التحفيز والفوائد المنخفضة، ولهذا فإن البدايات السعيدة المتوقعة لعام 2021 قد لا تكون نهايتها على هذا النوع من مؤسسات القطاع الخاص. // يتبع//06:04ت م 0006