منذ /06-28-2013, 02:30 PM
|
#1 |
رقم العضوية : 9523 | تاريخ التسجيل : 23 - 9 - 2008 | الجنس : ~ الاهلي | المشاركات : 155,340 | الحكمة المفضلة : Canada | SMS : | | تجربتي في "سرايا المقاومة" بينما كنا في حصة تدريبية تقنية على أجهزة الحاسوب في الجامعة اللبنانية، نختلس النظر على مواقع الإنترنت التي تنقل آخر أخبار تحرير الجنوب، وصلتني رسالة نصية من زميلي مفادها "شو رأيك نطلع؟"، فالتفت نحوه مبتسماً أهز رأسي بالموافقة.
كان اليوم الثالث لتحرير الجنوب اللبناني من أيدي العدو الإسرائيلي بعد أن تم دحره على أيدي المقاومة الشريفة حينها. ركبنا السيارة رافعين العلم اللبناني وراية "حزب الله" متجهين نحو الجنوب عبر معبر كفرتبنيت، مستذكرين موقعة أرنون وخلعنا للأسلاك الشائكة الإسرائيلية بأيدينا غير آبهين للألغام، وأذكر موقفين إثنين نظراً لاختلاف المعايير بين مقاومة الأمس و"مقاومة" اليوم؛ فعند تزويد سيارتي بالوقود من محطة داخل الشريط الحدودي القديم، نظر إلينا شاب جنوبي باستهزاء قائلاً "راية حزب الله فهمنا بس ليه رافعين العلم اللبناني؟!؟". تابعنا في طريقنا، لتوقفنا سيارات دفع رباعي، يُفْتَرض أن تكون لعناصر "حزب الله" الجهاز الأمني الوحيد في تلك الأراضي آنذاك، حتى تسمح لمرور باصات عديدة تقل مجموعة من العملاء، فقال لنا أحد العناصر "قبل ما تمروا ابصقوا عليهم"... واليوم يتشدق أنصار "المقاومة" بالوطنية وبرفعهم العلم اللبناني ولكنه يدهس في مظاهراتهم وأعمالهم التخريبية، وتدافع عن عملاء جمعها معهم حلف سياسي، تحت قاعدة إختلاف المعايير والضرورات تبيح المحظورات.
تعتبر سنة 2001 حبلى بالتثقيف الذهني والروحي الذي أبعدني عن التمييز، فهي مرحلة ما بعد تحرير الجنوب وبدء مرحلة الجهوزية للثأر الإسرائيلي، أذكر أنني استُدعيت ذات يوم بطريقة مافياوية من الجامعة لألتحق بدرس خصوصي في المركز (حسينية وحوزة علمية) على يد "هاشم صفي الدين"، وحين انتهاء الدرس رددت ألسن مرافقيه على مسامعنا "ما تحكو ولا تقولو وين كنتو"...
المركز كان بالقرب من الجامعة اللبنانية في صيدا وهو يضم في طابقه الأرضي قاعة كبيرة للمحاضرات وحسينية في الطابق الأول والثاني مخصص للنساء؛ أما الطوابق السفلية فكانت تضم إحداها قاعة صغيرة محيطة بغرف منامة، وأخرى مكتبة وقاعات للدروس الخاصة والإجتماعات. غرف المنامة كانت مخصصة لطلاب العلم وبينهم إيرانيون وللشباب الجامعي الملتحق بالحزب أو التعبئة التربوية له ويمكث فيها أثناء شهر رمضان حتى لا يفطر بداعي "السفر" اليومي من قرى الجنوب إلى صيدا. هذا المركز هُدِم أثناء حرب تموز وأعيد تشييده ويعتبر المركز الأهم ل"حزب الله" في صيدا.
هذه الطريقة في تعبئة الشباب الجامعي واستحضارهم على عجل كانت منطقية نظراً لوجودنا في الجامعة أثناء الدوام الدراسي، ولكن ما أثار دهشتي يوماً، أنه عندما رَكَنت سيارة بالقرب من المقهى الذي أتواجد فيه ليلاً، تقدم نحوي رجلين أحدهم أعرفه جيداً وهو مسؤول عن الخلية التي كنت أنتمي إليها طالباً مني أن نذهب إلى الناحية الثانية من الطريق عند الواجهة البحرية للتحدث متمنياً مني البقاء على جهوزية... وحتى الآن لا أعلم كيف عرفوا بتواجدي هناك؟!؟!؟
قضيت إحدى الليالي على الشريط الحدودي مع بعض العناصر التي تتولى مهام حماية ومراقبة احدى النقاط الحدودية، ولفت انتباهي ثلاث صور ملصقة بجدار "الكونتيانر" الذي يقطنوه ، إحداها للخميني وأخرى للخامنئي والثالثة لنصر الله؛ واثناء حديثي معهم لفتتني عبارة احدهم "حتى نقدر نفوت نحارب العدو لازم نغتسل ذهنياً بدم الحسين ونتّعظ من كربلاء"!!!
هذه هي وطنية المقاومة، التي لا تقبل إنخراط أحد إن لم يكن "شيعياً"، وربما مُقَلّداً للخامنئي أيضاً؛ فمن خلال تجربتي، لم أعرف احدا منهم، مقلداً السيستاني أو فضل الله! مقاومة إسمها ديني، أمينها العام رجل دين، هيكليتها دينية، شعارها ديني، اهدافها محض دينية ... وحتى يُخرِج "حزب الله" نفسه من هذا الإ أثناء حربه ضد المحتل الإسرائيلي للجنوب اللبناني، وبعد مقتل إبن أمينه العام، تولدت فكرة إنشاء "سرايا المقاومة اللبنانية"، حتى تستقبل متطوعين من غير الطائفة "الشيعية"...
من خلال تجربتي مع "حزب الله"، إتضح أنه يرتكز على دعامة واحدة، وهي المهدوية؛ علماً أن هذه الفكرة لا تختص بشعب دون آخر، ولا بأمة دون غيرها؛ ذلك أن كل شعب يتعرض لظلم واضطهاد يحلم بغد أفضل وقيادة إمام عادل يملأ الأرض قسطاً بعد أن امتلأت ظلماً وجورا. ولكن ما يُفَرِق "حزب الله" عن غيره ممن يؤمنون بفكرة المهدوية، أنها ترتبت وتترتب على هذه العقيدة أمور كثيرة فكرية وسياسية، أغرقته ضمن المحيط الذي يعيش فيه في أتون حروب وصراعات كثيرة.
بالعودة إلى تاريخ بدء نظرية الإمامة والأئمة الإثنى عشر وآخرهم المهدي الذي ينتظره "الشيعة" وبالأخص أصحاب نظرية "ولاية الفقيه"، لم يكن الفكر السياسي الشيعي يعرف نظرية الإمامة الإلهية والنص الذي يدعم عقيدتهم إلا عند منتصف القرن الثاني الهجري، إذ يؤرخ الشيخ "الكليني" في كتابه "الكافي" (أهم مصدر للشيعة الإثنى عشرية) بقوله "لم يكن الإمام الصادق يطرح نفسه كإمام مفترض الطاعة من الله، وإنما كزعيم من زعماء أهل البيت، ولذلك استنكر قول بعض الشيعة في الكوفة إنه إمام مفترض من الله، وقال لمن سأله: ما أعرف ذلك في أهل بيتي!!".
ويدعم هذا القول الكثير من الأحاديث ومنها قول الإمام علي رضي الله عنه "دعوني والتمسوا غيري، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميرا"، وكذلك تنازل إبنه الحسن لمعاوية رضي الله عنهما قائلاً أيضاً "على أنه ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده، وأن يكون الأمر شورى بين المسلمين" (بحار الأنوار للمجلسي).
هذه العقيدة التي بنى "حزب الله" نهجه عليها، عجزت عن إثبات نفسها بالنصوص والأدلة، لذلك ذهبت إلى الأعتماد على وسائل أخرى غير النص في إثباتها، وتتغير تلك الوسائل على مر الأزمان وِفق ما تقتضيه الحاجة، والحاجة في عصرنا "مقاومة" ويلزمها قائد غائب يُنتَظر قدومه، فماذا ان لم يظهر؟!
نبيه العاكوم تستطيع المشاركة هنا والرد على الموضوع ومشاركة رأيك عبر حسابك في الفيس بوك
|
| |