عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /05-25-2015, 11:43 PM   #1

لميسـ

لميسـ غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 9523
 تاريخ التسجيل : 23 - 9 - 2008
 الجنس : ~ الاهلي
 المشاركات : 155,340
 الحكمة المفضلة : Canada
 SMS :

Male

افتراضي أصل ضلال المارقين (( ابن تيميه )) .!


قال شيخ الإسلام رحمه الله :

( وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفَ الْمُحَارِبِينَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ هُمْ شَرٌّ مِنْ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ نَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَرَغَّبَ فِيهِ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الْعَارِفِينَ بِحَقِيقَتِهِ.

ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَمَلَ الْجَمِيعَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهُمْ دَخَلُوا مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ وَالْفَحْوَى أَوْ مِنْ بَابِ كَوْنِهِمْ فِي مَعْنَاهُمْ.

فَإِنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ بِأَلْفَاظِ مُتَنَوِّعَةٍ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ - وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَوَاَللَّهِ لَأَنْ أَخِرُّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ وإذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ وَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حِدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ. فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: " عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِينَ سَارُوا إلَى الْخَوَارِجِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءِ وَلَا صَلَاتُكُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءِ وَلَا صِيَامُكُمْ إلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءِ. يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ. لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ لَنَكَلُوا عَنْ الْعَمَلِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ لَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ} . وَاَللَّهُ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ. فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى آخِرِهِ.

وَفِي مُسْلِمٍ أَيْضًا " عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الحرورية لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيٍّ قَالُوا: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ. إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ نَاسًا إنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يُجَاوِزُ هَذَا مِنْهُمْ وَأَشَارَ إلَى حَلْقه مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ. فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ طَالِبٍ قَالَ: اُنْظُرُوا. فَنَطَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا. فَقَالَ: ارْجِعُوا فَوَاَللَّهِ مَا كَذَبْت وَلَا كَذَبْت - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ".

وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ عَلَامَةُ أَوَّلِ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهُمْ لَيْسُوا مَخْصُوصِينَ بِأُولَئِكَ الْقَوْمِ. فَإِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ إلَى زَمَنِ الدَّجَّالِ.

وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ لَيْسُوا مُخْتَصِّينَ بِذَلِكَ الْعَسْكَرِ. وَأَيْضًا فَالصِّفَاتُ الَّتِي وَصَفَهَا تَعُمُّ غَيْرَ ذَلِكَ الْعَسْكَرِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَرْوُونَ الْحَدِيثَ مُطْلَقًا مِثْلَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ فَسَأَلَاهُ عَنْ الحرورية: هَلْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي؛ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ - وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا - قَوْمٌ تُحَقِّرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ أَوْ حُلُوقَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَيَنْظُرُ الرَّامِي إلَى سَهْمِهِ إلَى نَصْلِهِ إلَى رِصَافِهِ: فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ هَلْ عَلِقَ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّمِ} اللَّفْظُ لِمُسْلِمِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: {بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو الخويصرة التَّمِيمِيُّ - وَفِي رِوَايَةٍ أَتَاهُ ذُو الخويصرة رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ - فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: وَيْلك مَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْت وَخَسِرْت إنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. قَالَ: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ إلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى نَضْيِهِ - وَهُوَ قَدَحُهُ - فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ. قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ} . وَذَكَرَ مَا فِي الْحَدِيثِ.

فَهَؤُلَاءِ أَصْلُ ضَلَالِهِمْ:

اعْتِقَادُهُمْ فِي أَئِمَّةِ الْهُدَى وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ خَارِجُونَ عَنْ الْعَدْلِ وَأَنَّهُمْ ضَالُّونَ وَهَذَا مَأْخَذُ الْخَارِجِينَ عَنْ السُّنَّةِ مِنْ الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ

ثُمَّ يَعُدُّونَ مَا يَرَوْنَ أَنَّهُ ظُلْمٌ عِنْدَهُمْ كُفْرًا.

ثُمَّ يُرَتَّبُونَ عَلَى الْكُفْرِ أَحْكَامًا ابْتَدَعُوهَا.


فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ لِلْمَارِقِينَ مِنْ الحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ.

فِي كُلِّ مَقَامٍ تَرَكُوا بَعْضَ أُصُولِ دِينِ الْإِسْلَامِ حَتَّى مَرَقُوا مِنْهُ كَمَا مَرَقَ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: {يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ؛ لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلُهُمْ قَتْلَ عَادٍ}

وَهَذَا نَعْتُ سَائِرِ الْخَارِجِينَ كَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِلُّونَ مِنْ دِمَاءِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ شَرٌّ مَنْ غَيْرِهِ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ: يَخْرُجُونَ فِي فِرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ. قَالَ: هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ تَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْحَقِّ}
وَهَذِهِ السِّيمَا سِيمَا أَوَّلِهِمْ كَمَا كَانَ ذُو الثدية؛ لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ لَازِمٌ لَهُمْ.

وَأَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثَهُمْ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حنيف بِهَذَا الْمَعْنَى وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَرَافِعِ بْنِ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ

وَرَوَى النِّسَائِيُّ {عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَلْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ؟ قَالَ: نَعَمْ. سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِي وَرَأَيْته بِعَيْنِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَالِ فَقَسَمَهُ فَأَعْطَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْ عَنْ شِمَالِهِ؛ وَلَمْ يُعْطِ مَنْ وَرَاءَهُ شَيْئًا. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ مَا عَدَلْت فِي الْقِسْمَةِ - رَجُلٌ أَسْوَدُ مَطْمُومُ الشَّعْرِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ - فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ لَهُ: وَاَللَّهِ لَا تَجِدُونَ بَعْدِي رَجُلًا هُوَ أَعْدَلُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ: يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ كَأَنَّ هَذَا مِنْهُمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ الدَّجَّالِ. فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ. هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ}

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي - أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي - قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَلَاقِيمَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ} . قَالَ ابْنُ الصَّامِتِ: فَلَقِيت رَافِعَ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ أَخَا الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ قُلْت: مَا حَدِيثٌ سَمِعْته مِنْ أَبِي ذَرٍّ كَذَا وَكَذَا؟ فَذَكَرْت لَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: وَأَنَا سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَهَذِهِ الْمَعَانِي مَوْجُودَةٌ فِي أُولَئِكَ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي غَيْرِهِمْ.

وَإِنَّمَا قَوْلُنَا: إنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ الْخَوَارِجَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا يُقَالُ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ الْكُفَّارَ أَيْ قَاتَلَ جِنْسَ الْكُفَّارِ وَإِنْ كَانَ الْكُفْرُ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً. وَكَذَلِكَ الشِّرْكُ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْآلِهَةُ الَّتِي كَانَتْ الْعَرَبُ تَعْبُدُهَا هِيَ الَّتِي تَعْبُدُهَا الْهِنْدُ وَالصِّينُ وَالتُّرْكُ؛ لَكِنْ يَجْمَعُهُمْ لَفْظُ الشِّرْكِ وَمَعْنَاهُ.

وَكَذَلِكَ الْخُرُوجُ وَالْمُرُوقُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي مَعْنَى أُولَئِكَ وَيَجِبُ قِتَالُهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَجَبَ قِتَالُ أُولَئِكَ. وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ عَنْ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ خُرُوجَ الرَّافِضَةِ وَمُرُوقَهُمْ أَعْظَمُ بِكَثِيرِ.

فَأَمَّا قَتْلُ الْوَاحِدِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْخَوَارِجِ؛ كالحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ: فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ؛ كَالدَّاعِيَةِ إلَى مَذْهَبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّنْ فِيهِ فَسَادٌ. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} وَقَالَ: {لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ}
وَقَالَ عُمَرُ لِصَبِيغِ بْنِ عِسْلٍ: لَوْ وَجَدْتُك مَحْلُوقًا لَضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك.
وَلِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَبَأٍ أَوَّلَ الرَّافِضَةِ حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ.

وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ. فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ فَسَادُهُمْ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلُوا وَلَا يَجِبُ قَتْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا لَمْ يَظْهَرْ هَذَا الْقَوْلُ أَوْ كَانَ فِي قَتْلِهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ.

وَلِهَذَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ ذَلِكَ الْخَارِجِيِّ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ " وَلَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ فِيهِ فَسَادٌ عَامٌّ؛

وَلِهَذَا تَرَكَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمْ أَوَّلَ مَا ظَهَرُوا لِأَنَّهُمْ كَانُوا خَلْقًا كَثِيرًا وَكَانُوا دَاخِلِينَ فِي الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ظَاهِرًا لَمْ يُحَارِبُوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَكُنْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُمْ هُمْ.

وَأَمَّا تَكْفِيرُهُمْ وَتَخْلِيدُهُمْ: فَفِيهِ أَيْضًا لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ: وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. وَالْقَوْلَانِ فِي الْخَوَارِجِ وَالْمَارِقِينَ مِنْ الحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الَّتِي يَقُولُونَهَا الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كُفْرٌ وَكَذَلِكَ أَفْعَالُهُمْ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ هِيَ كُفْرٌ أَيْضًا. وَقَدْ ذَكَرْت دَلَائِلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛


لَكِنْ تَكْفِيرُ الْوَاحِدِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُمْ وَالْحُكْمُ بِتَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ مَوْقُوفٌ عَلَى ثُبُوتِ شُرُوطِ التَّكْفِيرِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ. فَإِنَّا نُطْلِقُ الْقَوْلَ بِنُصُوصِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّكْفِيرِ وَالتَّفْسِيقِ وَلَا نَحْكُمُ لِلْمُعَيَّنِ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِّ حَتَّى يَقُومَ فِيهِ الْمُقْتَضَى الَّذِي لَا مَعَارِضَ لَهُ. وَقَدْ بَسَطْت هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي " قَاعِدَةِ التَّكْفِيرِ ".

وَلِهَذَا لَمْ يَحْكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُفْرِ الَّذِي قَالَ: إذَا أَنَا مُتّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ ذروني فِي الْيَمِّ فَوَاَللَّهِ لَأَنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ مَعَ شَكِّهِ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ وَإِعَادَتِهِ؛

وَلِهَذَا لَا يُكَفِّرُ الْعُلَمَاءُ مِنْ اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِنَشْأَتِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ؛ فَإِنَّ حُكْمَ الْكُفْرِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الرِّسَالَةِ. وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَكُونُ قَدْ بَلَغَتْهُ النُّصُوصُ الْمُخَالِفَةُ لِمَا يَرَاهُ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الرَّسُولَ بَعَثَ بِذَلِكَ فَيُطْلِقُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كُفْرٌ وَيُكَفِّرُ مَتَى قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا؛ دُونَ غَيْرِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ) ا.هـ.

مجموع الفتاوى (28 / 494 - 501)
الموضوع الأصلي: أصل ضلال المارقين (( ابن تيميه )) .! || الكاتب: لميسـ || المصدر: منتديات

شمس الحب



تستطيع المشاركة هنا والرد على الموضوع ومشاركة رأيك عبر حسابك في الفيس بوك




Hwg qghg hglhvrdk (( hfk jdldi )) >!








آخــر مواضيعـى » رواية بنات اون لاين كاملة,تحميل رواية بنات اون لاين,رواية سعودية جريئة,على ملف وورد
» موسوعة الروايات,تحميل روايات في ملف وورد ومفكرة, أكثر من 100 رواية مشهورة
» تحميل روايات كاملة على هيئة ملف وورد او مفكرة تكست txt
» تحميل روايات فارس احلامي,الحب المستحيل,بشروه اني ابرحل,سعوديات في بريطانيا,احلى ماخلق
» قمر خالد كاملة,قمر خالد للتحميل,قمر خالد على ملف وورد,قمر خالد رواية,رواية قمر خالد
التوقيع


๑۩ التّفكير الفلسفي هو ممارسة الحرّية في أرقى أشكالها ۩๑



الحوار البناء وسيلة تبادل المعرفة
أما الحوار العقيم فهو وسيلة لإخفاء الجهل

 

  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 6 7 8 9 10 11 12 13 15 16 17 18 19 20 21 22 23 28 29 30 33 34 35 36 37 39 41 42 43 44 45 46 47 48 49 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 77 78 79 80 98