ذهب شداد من القرية اللتي يسكن فيها إلى المدينة في قافلة تتكون من جمال يرافقها عدد من الرجال اللذين يسوقون الحلال ليتم بيعه في المدينة ، ويتقضون بثمنها مستلزمات لهم ولإهلهم ، من قهوة وأكل وملابس وبعض الاحتياجات .
وحيث أن السفر في المنطقة الواقعة بين القرية والمدينة يكتنفه الخوف من قطاعين الطريق ومن السباع الجائعة اللتي تجوب البر بحثاً عن مايسد رمقها ويبقيها وصغارها على قيد الحياة ، حيث أن الديار قفراء ، فلا يوجد بها ساكنين ، ولا تجد السباع ما تقتات به ، فهي تصول وتجول وخاصة إذا حل الليل ، فكانت القافلة تسير في النهار ، وإذا أقبل الليل قطعوا أغصان الاشجار فجعلوا منها سياج على مكان إقامتهم ونومهم ، فهم يبحثون عن الاشجار الكثيفة ويحتمون في وسطها ويسدون بالاغصان مخارجها ومداخلها ، ويبقى منهم رجلين يقضين للحراسة ، يراقبون المنطقة حول مكان مبيتهم ، وبعد ساعتين من الحراسة يقوم اثنين من القافلة بدور الحراسة وينام اللذين كانوا يحرسون القافلة ، فالأعين يجب أن لا تكون غافلة ، وكان مسيرهم الى المدينة لبيع مواشيهم وشراء متطلباتهم يستغرق مدة عشرة أيام ، وكانوا يسافرون في العشرة أيام الوسطى من الشهر، حيث يكون نور القمر ينير البر بنوره ، وهم على ضوءه يراقبون المكان حول مبيتهم .
وبعد أن وصلت القافلة الى سوق المدينة ، باعوا أغنامهم ، وسلعهم اللتي أحضروها معهم من القرية من سمن ويقط ، وأشتروا من سوق المدينة كل مايحتاجون .
وأثناء تسوق شداد في السوق وجد رجل أفريقي شكله غريب ، طويل القامة ، يديه ورجليه كآنها حطب أثل ، وعيونه مستديره وكبيرة كآنها حبات بصل ، ووجهه شاحب ، طويل الفكين ، عريض المنكبين وكان باسط على الارض بضاعه له يبيعها ، وكانت بضاعته غريبه وعجيبة ، فكانت قلائد خرز ، وفصوص لها لمعان ، كآنها لؤلو ومرجان ، ومنها قلائد لونها أحمر جذاب وبريقها يسحر الالباب .
أعجبت شداد قلادة لونها أحمر خرزها جميل وكبير فآشتراء واحده منها يريدها أن تكون هدية لبنته الصغيرة الوحيده .
وبعد أن أنتهى شداد ورفاقه من التسوق في السوق واشتروا كل مايحتاجونه لأهاليهم ، رجعوا في طريقهم الى أهلهم فرحين ، مسرعين ، وكان مسيرهم بحلالهم الى ألمدينة يستغرق خمسة أيام بالتمام ، وفي العودة الى أهلهم يكون ثلاثة أيام حيث كان سير المواشي عند جلبها السوق بطيء ، أما في عودتهم الى أهلهم فيعودون مسرعين حيث يحثهم الشوق لإهلهم والحنين ، فيحثون ركابهم على المسير ، وعندما وصلت القافلة الى القرية ، أتجه كل واحد منهم الى منزله .
وعند وصول شداد إلى بيته أستقبلته زوجه وأبنته الصغيرة وكان عمرها ست سنين ، وهي جميلة الشكل وكلامها حلو مثل العسل.
أخرج شداد ماآتى به من هدايا لزوجته ، وألبس أبنته
القلادة ، ذات الخرز الأحمر الجميل ، وكان خرزها كبير ، ولامع ، فزادت البنت جمال ودلال .
وبعد عدة أيام لاحظت أم الطفلة أن أبنتها تحمل
القلادة في بعض الأوقات في يدها وتلحس في خرزها بشراهه ، فحاولت أن تمنعها من هذه العادة ، الأ أن الطفلة بداءت تقاوم أمها بقوه وشراسة ، ولا تريدها أن تلمس أو تاخذ قلادتها ، فزادت عند الأم حريتها من ما حصل لإبنتها .
زادت حالة الفتاة سوء ، وتغيرت ملامح وجهها وأطرافها ، فصار وجهها شاحب ، وطلع لها على يديها وارجلها شعر كثيف ، وصارت وعيونها بارزة الى الآمام ، وتغيرت نبرة صوتها ، وزادت عصبيتها وشراستها . وصارت تفضل الوحدة والأبتعاد عن الناس ......
تستطيع المشاركة هنا والرد على الموضوع ومشاركة رأيك عبر حسابك في الفيس بوك