إقرار حد أدنى للأجور لم يعد مسألة اقتصادية، بل مسألة إنسانية ومعيشية، وبخاصة أجور المتقاعدين الذين ينتظرون بعد هذه السنوات الطويلة من مكابدة الحياة لحظات من الهناء والاسترخاء والتقاط الأنفاس، لا ضنك عيش يزيد عليهم ثقل الشيخوخة!
وكنت قد طالبت في مقال سابق بأن يكون الحد الأدنى للأجور ثلاثة آلاف ريال، لكنني على يقين اليوم أن ستة آلاف ريال هي الحد الأدنى لحياة الكفاف، خصوصا مع غلاء الأسعار الذي يزيد ولا ينقص!
وأنا هنا أتحدث عن شريحة محدودة في المجتمع لا يستشعر البعض معاناتها وتزايد مسؤولياتها مع محدودية الدخل وضعف المورد الشهري، وعلى المجتمع بمؤسساته الرسمية والمدنية أن يلتفت لهذه الشريحة؛ حتى لا تزداد الهوة اتساعا، فيشعر بعض المواطنين بالغربة في وطنهم والعزلة في مجتمعهم!
والذي يجعل الخزينة العامة قادرة على تحمل صرف مخصصات بعض أفراده الخاصة قادر على أن يجعلها تتحمل صرف الحد الأدنى للأجر العادل لحياة كريمة، وقد رأيناها تفعل ذلك بكل أريحية في قطاع التعليم الأهلي!
كما أن القطاع الخاص من جانبه مطالب بالنزول قليلا من عليائه، فهامش الربح الذي يلامس السماء السابعة يمكن أن يلامس السماء الخامسة مقابل رفع سقف الأجور، ويبقى كسبا مجزيا وسيكون الجميع رابحا!
إن المسألة لا تحتاج لآلة حاسبة، بل لقلوب نابضة وضمائر صاحية تستشعر قسوة الحياة وثقل مسؤولياته ومطالبها على أصحاب الأجور المتدنية!