لي أكثر من سنتين وأنا أصلي الفريضة بمسجد الحي ، والأقرب إلى منزلي.
ولم أتعداه إلا قليلا . إمامنا حسن السمت و الصوت ، سعودي الجنسية ،
ليس له وظيفة أخرى.
يحبر القرآن ويشنف الآذان . لا يتغيب عن صلاة الفجر .
يحضر في كثير من الأحيان ويوكل أخرى ويصلي معنا خلف وكيله ..
وكيله أجنبي الجنسية ، من مواليد مكة ، خريج شريعة من أم القرى ، أخوته سعوديون ،
بيد أن النظام قد تخلى عنه فأصبح أجنبيا..
هذه الأيام بعد أن أشهر سيف المراقبة على الأئمة و المؤذنين ،
وأعلن ذلك على الملأ ؛
كثف إمامنا حضوره وأصبح يتقدم دائما..
قلت له : ما شاء الله !! أراك مداوما لا تنقطع ولا تقدم وكيلك كالعادة. هل لقرار المراقبة دور !!
قال : و ما العمل ؟ أخشى أن أوذي وكيلي ، فأتقدم دوما ، وأرجأت كثيرا من مشاغلي وأمورى حتى تهدأ العاصفة!
قلت له : ولم لا تتخلى عن المسجد لغيرك !!
قال : الغرض الأول من تقدمي للإمامة أن يستمر إمامكم الأول
( الأجنبي ، حيث كان أحد إخوانه أماما بالاسم وهو الذي يقوم بمهامه ، ثم انتقل إلى رحمة الله ) ..
فهو بحاجة كما ترى .وهو أجنبي الجنسية لا يسعه العمل الحر ..
ولحاجتي اقتسمت الإمامة معه نصف ونصف ..
قلت له : أتعني أنكم تقتسمون راتب الأوقاف ..
قال : نعم ، وفي ذلك خير ..
قلت : كم راتبكم .
قال : 1890 ريالا منذ سبع سنوات .. أدفع لوكيلي منها 900 وأحتفظ بالباقي ..
قلت : ولكن ذلك مخالفة .. ولولا أنها مخالفة لما صدر قرار مراقبة الأئمة و المؤذنين الأجانب !!
فأما أن تؤم وتأخذ راتبك أو تتركه لغيرك ..
قال : وهل تسمي ذلك راتبا ..
قلت : ولكنك مخالف !!
قال : وهل كل مخالفة معتبرة .. هناك أئمة كثر قدّموا للإمامة وتركوها قصدا لآخر أجنبي يصلي بالناس ويدفع له راتب الأوقاف ،
وذلك أفضل من حال مؤذننا كما تعلم .. وللعلم فمؤذن مسجدنا لا يحضر بتاتا وأوكل شخصا برماويا للأذان ويقاسمه الراتب !!
قلت له : أنت والمؤذن ،كلاكما مخالف !!
قال : وهل تساوي بين مخالفته و مخالفتي !! أنا محسن بعملي وهو مسيء لأنه يأكل حراما ، فإما أن يعطي الراتب لوكيله أو يناصفه ..
قلت له :ولم لم تشتكه للأوقاف لتبرأ ذمتك.
قال : قد فعلت ،ولكن لا حياة لمن تنادي ..
قلت له : مازلت أصر بأنك مخالف .
قال : يا أخي راتب الأوقاف لا يسد عوزا ولا يغني من فاقة ، وأنا بصدد الحصول على وظيفة .. فإن حصلت عليها .. تركت المسجد وأبقيت الإمامة باسمى وأدفع الراتب لوكيلي فهو بحاجة ، له غنم المسألة وعليه غرمها !!