rchid"]بسم الله الرحمن الرحيم
من منكم يذكر كثرة الكتابة على الجدران والكباري ، وفوق كل سطح يصلح للكتابة ؛ فنجدها في الاستراحات ، وعلى أبواب الحمامات ـ أكرمكم الله ـ بل حتى في بعض الفنادق الشعبية أو على مغاسل المطاعم .
هذه الظاهرة ـ أعني بها الكتابة على الجدران وما شابهها ـ تسمى في علم النفس ظاهرة " الجرافيتي " لما فيها من حرية التعبير تحت أسماء مجهولة وتوقيعات تتكرر رؤيتنا لها فوق كل جدار ، وتحت كل سقف ، ومن داخل كل باب مُغلق على صاحب التعبير .
وقد كنا نلاحظ أن هناك من يتطوع ويقوم بمسح الكتابات أو الأرقام أو التوقيعات ، وإن كان هذا العمل لم يستطع مجابهة السيل الجارف من هذا النوع من الكتابات في تلك الفترة ؛ لأن الشق أكبر من الرقعة .
الملاحظ أن هذه الظاهرة التي يُتَّهم بها الشباب غالباً ، في حين أن واقع لحال يشير إلى أنها قد تمتد إلى " الشيّاب " أيضاَ ، قلّت كثيراً عما كانت عليه في فترات ماضية ؛ لأسباب كثيرة ليس من بينها زيادة الوعي ، أو سماع نصائح المرشدين والدعاة ، أو توصيات الباحثين والدارسين لظاهرة الجرافيتي ، ولكن لأنها انصرفت إلى آفاق أرحب ، وفضاءات أوسع ، فبدلاً من أن يكتب العاشق الولهان ذكرياته على جدار بيت الجيران ، وبدلاً من أن يعبر المعارض عن رأيه على أحد الأبواب ، وبدلاً من أن يكتب خواطره على جدار إحدى الحدائق ، أو الاستراحات ، أو الفنادق المتواضعة ، فلا يقرأ له إلا قلة قليلة من سكان الحارة ، أو رواد فنادق " الغلابا " وقد يجد من يطمسها ، ويغير توقيعاتها ، ويرد عليه بالردود القاسية ، وكأن هذا الجرافيتي ينتظر ردا من أحد ليتقمصا معاً أدوار المرسل والمستقبل في إحدى البرامج التفاعلية .
إن الواقع يشير إلى أن ما أتاحته علوم التقنية من برامج كثيرة تتيح حرية التعبير ( تحت أسماء مستعارة ) قد أنسى هؤلاء المعبرون الجرافيتيون جدران الحارة ، وأبواب حمامات المساجد ، وحوائط الحدائق والساحات ، ووجدوا ـ فعلاً ـ ضالتهم في كثير من المواقع والساحات الإلكترونية ، ومواقع ال ما يستوعب تعليقاتهم وتغريداتهم بل وجدوا فيها فعلاً ما يحقق لهم عنصر التفاعلية من خلال تلقي الردود المؤيدة أو الغاضبة !!
الذي دفعني لكتابة هذا الموضوع ما ألحظه ـ في هذه الأيام ـ ويلحظه غيري ( بالذات في هذا المنتدى ) من كثرة إغلاق الموضوعات التي تطرح دون ذكر الأسباب ، ودون توعية المشاركين بما هو مستحب ، وما هو غير مستحب ، وما هو مقبول وماهو مرفوض ، أو بما ينبغي أن يُكتب ، ومالا ينبغي أن يكتب ، وكأننا عدنا إلى المواضيع التي كانت تعطى لنا في حصص التعبير في المدارس القديمة من تحديد الموضوع وعدم الخروج عن العناصر التي يعطيها المدرس لطلابه في أول الحصة ، والمصيبة الكبرى أن الحصة اسمها " حصة التعبير الحرّ "
حرية التعبير أمر مطلوب في حدود اللباقة والأدب ، والحقيقة أنني لم أر في أغلب المواضيع المغلقة ـ بما فيها من ردود وتعليقات ـ ما يشير إلى الخروج عن حدود اللباقة أو تجاوز قيود الأدب .
والذي يبدو لي أن أسلوب الوصاية أمر متأصل في مجتمعنا ؛ فكما يُفرض على الطالب في أي مدرسة لدينا نوع الدرس الذي يأخذه ، ولون الدفتر ، ومقاس الكرسي ، ووقت الحضور والانصراف ، حتى نوع " السندوتش الذي يأكله .
وكما يُفرض على المتحدث إلى وسائل الإعلام أن ينظم عبارات الثناء لتفضل المسؤول ، وأمانة المقاول ، ومواهب الإعلامي المبدع ( حتى غدا كل الإعلاميين مبدعون موهوبون ) ولكم في مذيعي قناتنا الرياضية خير دليل ، وفي مذيعي البرنامج العام بإذاعتنا الموقرة دليل أشد وأوضح ، فهم لم ينتظروا حكما عليهم ، ولن ينتظروه ؛ فقد كان حكمهم سابقاً قاطعاً ، وأصبح من الطبيعي جدا أن نسمع بعد كل لقاء ، وعقب كل تقرير الشكر والثناء لزميلهم المبدع المتخصص الموهوب .
لماذا هذه الوصاية يا منتدانا المحترم ؟!
هل السبب أنكم ترون أن أغلب الكتاب لديكم هم " جرافيتيون " من الأفضل لهم أن يعودوا إلى الجداران والساحات ؟
أم ترون أنكم مبدعون متخصصون كمقدمي البرامج الرياضية ومراسلي البرنامج العام ؛ وعليه فإن لكم الحق كل الحق ، أن تغلقوا الأبواب في أوجه المبتدئين الطامحين الذين ينشدون الإبداع من خلال تكرمكم وتفضلكم بإتاحة الفرص لهم ، وعدم إغلاق موضوعاتهم .
إن ما أراه من غلق للموضوعات في هذا المنتدى يذكرني بحصص ( التعبير الحر ) الذي كنا نأخذه في المدارس القديمة ، وعليه فمن الأولى لكم ولنا أن تحددوا الموضوعات ، وتسردوا العناصر التي تساعد المشاركين على الكتابة ، وربما ترتقي بهم إلى مصاف الإبداع ، وتنطلق بهم إلى عالم حالم بالحرية والتحليق !!!