سم الله الرحمن الرحيم ينتمي هذا البطل إلى عشيرة العناقر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم ، وبنو سعد هم أهل الكثرة في تميم أيام الجاهلية ولذلك قيل في المثل العربي : ( إذا كنت من تميم ففاخر بحنظلة وكاثر بسعد وحارب بعمر ) . أما عشيرة العناقر في القرون القريبة ، فقد تمركزوا في عاصمتهم العشائرية بلدة [ ثرمداء ] ، وقد تنافسوا على السلطة حتى دبّ الخلاف بينهم ، فخرجت جماعات غفيرة منهم وتفرّقت في نجد وغيرها ، فمنهم من استقر في مراة وهي بلدة قريبة من ثرمداء فصارت حروب كثيرة بينهم ذكرها ابن عيسى وغيره من الاخباريين القدامى في نجد ، كما خرج من ثرمداء المعامرة ( آل معمّر ) واستقروا في العيينة وصار لهم نفوذ على نجد والاحساء وذلك قبل قيام الدولة السعودية الاولى ، وممن خرج كذلك (البوعليان )بقيادة أميرهم راشد الدريبي واستقروا ببريدة واشتروهامن آل هذال (شيوخ عنزة ) ، فتداول البوعليان إمارة بريدة مايقارب ثلاثة قرون وبرز منهم صاحب النفوذ المشهور والذي وصلت مغازيه إلى بلاد الشرارات ( حجيلان بن حمد ) واشتهر كذلك ( آل عرفج ) الذين منهم محمد العلي العرفج والذي يمدحه ابن ربيعة الوايلي بقوله : حر تسلسل بين عرفج وهذال جا من سلالة جوز عمه وخاله ومنهم العرفجية المشهورة بأخذ الثأر والتي ذكرها عبد الله بن رشيد . ومن العناقر ( آل غنام ) أمراء جنوبية سدير . وبطل قصتنا هو بداح بن بشر بن نصر بن إبراهيم بن خنيفر العنقري وقد استلم زمام الإمارة في ثرمداء عام 1116هجري ، وقد قاد العديد من الغزوات على البلدان المجاورة فقد حارب العزاعيز من بني تميم بأثيفية عام 1119هجري ،وفي عام1124هجري وقعت حرب ( الظهيرة) بينهم وبينأبناء عمومتهم العناقر أهل بلدة (مراة ) وحروب أخرى مع أهل ثادق وغيرهم . والمهم في القصة هو أن بطلنا كانت تنزل على بلدته بعض البوادي في الصيف من أجل الماء وهذه العادة معروفة عند العرب عموماً ، وكان من بين (النزول) بيت أحد أمراء البادية كانت عنده عذراء من أجمل بنات البادية والحاضرة . وفي يوم من الأيام خرجت البنت إ لى ( حير الأمير ) لتسقي لأهلها فعندما ملأت القربة خرج الأمير بداح فوقعت عينه بعينها فعشقها من النظرة الأولى فاقترب منها لياعدها على رفع القربة ورفعها ثم ذهبت إلى أهلها ، وقالت لأمها كل ماجرى وكانت لاتعرفه ، وذكرت بعض صفاته الجسديه من الطول والوسامة وتدلي الشعر ، فقالت أمها :هذا الجواد الكريم الذي وصلت هباته للقاصي والداني إنه الأمير بداح . المهم أن الأمير تعلقت روحه بهذه الفتاة ولكن كان من ( السلم ) عندهم بأن لايخطب من العرب وهم ضيوف عنده لإنها (عيب ) . وبعد مدّة لاح البارق وشدّت البدو لديارهم ، فأرسل بداح أحد فرسانه ليعلم أين (منزالهم ) ؟ فعندما علمه عاد الرجل وأخبره . وبعد فترة ذهب بداح إلى أبيها ومعه أثنين من عبيده وبعد أيام وصل المكان وجلس عند رفيقه الأمير أبو البنت ، وجلس في ضيفته تلك الليلة وفي اليوم الثاني خطب البنت من أبيها ، فدخل الوالد ليخبر ابنته وظن الوالد بأنها ستفرح ولكنها قالت : (أردى أولاد عمّي أحسن من جمال هالحضري ) فعاد الوالد ولم يتكلم ، وظن بأن بداح لم يسمع الكلام ، وفي العصر خرج( المعزب) من البيت ربماللاشراف على العشاء ،وجلس بداح بالمضيف فسمع كلام البنت ، حيث تقول : الحضري خيّال تصفيح ( أي استعراض ) فغضب لذلك واسودّت الدنيا بعينه وكره البنت وكره جميع النساء ، كيف ذلك وهو صاحب المغازي والصيت والكرم . وعندما عاد الوالد . استأذ ن بداح بالرحيل ، وقال أترك لكم فرصة المشاوره للبنت (وهو يضمر علما آخر )، فحلف المعزب بالطلاق ، وقال الصباح رباح . وعند بزوغ الفجر ولم ينم بداح إلا (شلافيح) جاء الغزو من أحد القبائل المجاورة وأخذت النساء تولول وكلما رأت إحدى النساء رجلاً أخذت تشحذ همّته للفزع ، وبداح جالس في مكانه لم يحرك ساكناً ، حتى جاءته معشوقته وقالت أفزع ؟ فقال : الحضري خيّال تصفيح 0000 وأعادت عليه العبارة ، فلم يشعر بنفسه إلا وقد استوى على ظهر فرسه ، وأخذ يشق الصفوف ويقتّل الاعداء حتى فرّ السالمون ، ورجع باقي أبناء العشيرة إلى بيت الشيخ ويذكرون بطولة بداح ،وأثناء الحديث عاد بداح وربط فرسه وكأنه لم يفعل شيئاً إلا أن الدماء على ثيابه وعلى يديه قد فضحته ، ولم يستطيعوا فك السيف عن يده اليسرى إلا بالزيت الحار ، أما يده اليمنى فقد انكسر منهه الرمح . وجاءت البنت متلثمة تهنأه وتقول له بأنها موافقه ، فلم يرفع طرفه ، ثم قام إلى الربابه المعلقه بعمود البيت فقال هذه الأبيات التي كسرت آمالها ولذلك قيل هذا المثل ( شيمة عنقري ) ، وإليكم الأبيات :
الله لــــحـــــد يــــامـــــا غـــزيـــنـــا وجـــيـــنـــا