تدلف إلى تلك الغرفة القصيّة ممسكا في يد فراشك وفي اليد الأخرى جوالك وشيء مما يعينك على قضاء ليلة كئيبة بكل تفاصيلها. ما إن تضع فراشك وترمي بجسدك عليه حتى يداهمك أرتال من الذباب لا تدري كيف الطريقة للتخلص منها وقد إستلمت أجزاءك الظاهرة وإستباحتها بإمعان وكأنها في احتفالية تتراقص إبتهاجا بهذا الضيف الجديد. ما إن تفتر همتك عن المقاومة إلا وتسمع عن بعد أصوات قادمة نحوك تغرد بسحر صنينها ما يوحي بأن ليلتها ليست كسابقتها. وهذه بضع فراشات ضلت الطريق إلى المصابيح المشع ضوؤها داخل الغرفة أخذت تتفحص بأجنحتها وجهك وعينيك. وتلك حشرات مختلفة الأشكال والأحجام والألوان بعضها لم تره في حياتك بدأت تزحف إلى داخل جسدك المبهوت تريد المأوى. تتململ قليلا ثم تنهض كالمفجوع وتتجه إلى النافذة لعلك تهدأ قليلا. لا شيء في الخارج فالظلام يحف المكان من كل الإتجاهات وصوت أوراق شجيرات تحركها الرياح وعواء كلب سقيم أسفل الجبل. لا شيء يبهج، تعود إلى مكانك وتستلقي على ظهرك وتغطي عينيك بطرف لحافك من وهج الإضاءة داخل الغرفة. أنين يصدر من ركن الغرفة وتأوه من الركن المقابل تلتقط المذياع تفتحه وتدير موجاته لعلك تجد ما يبعث القليل من السكينة إلى واقعك، تغلقه بعنف وتبعده قليلا عنك. يزداد الوجوم وتزداد الزفرات والتأوهات. تنهض تتفقد الحال وهل تستطيع أن تفعل شيئا؟ تعود الى مكانك وترمي بجسدك الذي أثقلته الهموم على فراشك. تتململ قليلا تكافح المتطفلين على جسدك ولا تستطيع. تفكر قليلا ثم تنهض وتتجه بخطى متثاقلة تجر هامتك الى حيث لا تعلم تفتح الباب الخارجي تنظر حولك كأن المكان لم يسكنه أحد منذ عقود تسمع زفراتك تتلاحق حتى القطط التي ألفتها في ذلك المكان لا وجود لها سبحان من جعل الليل لباسا. تدخل وتقفل الباب خلفك تتجه على تلك الغرفة بعد إن إنطلق من داخلها بضع كلمات مغلفة بالألم تحاول أن تفعل شيء لا تستطيع غير الدعاء وفيض من الدمع. تتجه نحو النافذة الأخرى لعلك تشاهد ما يبدد وحشة المكان. لا شيء في الخارج عدى بضع مصابيح في الأفق البعيد تكافح من أجل البقاء في هذا الظلام الموحش والسكون المميت وقد بهت ضوؤها. تنظر إلى الساعة المثبتة على الجدار وعقاربها البائسة التي أعياها الركض كأنها تقول لك لا تظطرب هذا هو الحال..