الملك الأردني لـ"أتلانتيك": معركتنا الكبرى ضد الإخوان وعلاقتي "قوية جدا" بنتن
2013-3-19 | خدمة العصر
أجرت مجلة "أتلانتك" الشهرية الأمريكية مقابلة طويلة، نشرتها على موقعها الإلكتروني، وستظهر في عدد أبريل القادم، أعدها الصحفي الأمريكي "جيفري غولدبرغ" المتخصص في شؤون المنطقة مع الملك الأردني عبدالله الثاني.
واعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" المقابلة، التي نشرت مقتطفات منها، من أهم الحوارات في حياة الملك الأردني، حيث تحدث بصراحة غير مسبوقة وانتقد الجميع إلا نفسه وأشاد بعلاقته القوية مع نتن.
تحدث في البداية عن لقاء عشائري في الكرك (محافظة في جنوب الأردن) مع الأعيان والزعماء التقليديين للعشائر اﻷردنية، واصفا إياهم بـ: "الديناصورات القديمة".
قال إنه يعمل على التأسيس لثقافة سياسية ناضجة في الأردن: "وأوضح أنه يود أن يفعل كل هذا دون السماح للإخوان المسلمين، "الطائفة الماسونية"، كما وصفها، باختطاف قضية الإصلاح الديمقراطي باسم الإسلام. ومنعهم من الوصول إلى السلطة هو معركتنا الحقيقية، كما اعترف. وبعبارة أخرى، فإن الملك يريد أن يحقق الإصلاح السياسي في الأردن، ويتنازل عن بعض سلطاته للشعب، ولكن لصالح الأشخاص المناسبين فقط.
وأفاد الكاتب المحاور أن الهاشميين استخدموا في بعض الأحيان دائرة المخابرات العامة لإحداث الشقاق في صفوف الإخوان، وقد اشتروا بعض قادة الجماعة، واستخدموا الأسلوب نفسه مع الأردنيين، مع نجاح متقطع، ذلك أن الإخوان المسلمين مهتمون بفرض سيادة الشريعة أكثر من التحول الديمقراطي في البلاد، كما ذكر الكاتب.
وقال الملك إن الملكية ستنتهي خلال خمسين عاما. وتطرق إلى إخوته، حيث قال إنهم: "ﻻ يدركون التغييرات التي تجري، فهم يتصرفون كأمراء، ولكن أبناء عمومتي أمراء أكثر من إخوتي. وقلت لهم: الشعب لن يتحمل الانغماس في الإسراف أو الفساد".
وتحدث عن المخابرات، التي حمت على مر العقود التاج الهاشمي الأردني. ودائرة المخابرات العامة الأردنية، كما يصفها المحاور الأمريكي، هو الجهاز الأمني السري الأكثر احتراما من بين المخابرات العربية، معروفة بقدرتها على اختراق تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية الأخرى، كما تشتهر باستخدام التعذيب بأشكاله، وهي معروفة في الدوائر الدبلوماسية الغربية والاستخبارات بأنها: "مصنع الظفر".
وفي السنوات الأخيرة كان كثير التشكي منها، حيث قال في المقابلة: "لم أكن أدرك مدى اختراق العناصر المحافظة للمؤسسات مثل دائرة المخابرات العامة" وأضاف: لقد "أصبح واضحا في السنوات الأخيرة كيف أصبحوا جزءا لا يتجزأ في بعض المؤسسات.. يتقدمون خطوتين إلى الأمام، ويتراجعون خطوة إلى الوراء". وقد تآمروا مع المحافظين لتعطيل جهودي في زيادة تمثيل اﻷردنيين من أصل فلسطيني، كما قال.
واليوم، كما يقول، إنه يحرز تقدما في إصلاح دائرة المخابرات، حيث دخل اثنان من رؤساء دائرة المخابرات العامة في الفترة الأخيرة إلى السجن بتهمة الفساد، بينما توفي الثالث. والرئيس الحالي يحاول عدم تسييس الجهاز، ويقول المسؤولين في الأردن، إنه يدير المؤسسة بمساعدة ومشورة من وكالة المخابرات المركزية.
وكان الأردن محاصرا دائما بالفساد، ولكن ومع ذلك يقول الكاتب الصحفي إن الولايات المتحدة مهتمة كثيرا باستقرار الأردن وصحة الملك الجيدة ذلك أن العاهل الأردني هو شريك رئيس في مكافحة الإرهاب، وهو الحاكم لواحدة من أكثر الدول الموالية للغرب في المنطقة. السيناتور جون ماكين، أحد أقرب حلفاء الملك في الكونغرس، نقل عنه المحاور قائلا: "هذا الملك وأبوه صنعا لنا أشياء كبيرة".
وبالنسبة للإسرائيليين، وللعرب الخليجيين، فإنه أيضا لا غنى لهم عنه. ثم إن إسرائيل، في بعض النواحي، هي الحليف الأكثر أهمية للأردن، بوصفها الضامن للتهدئة على الجبهة الشرقية لإسرائيل، والمدافع عن معاهدة السلام، ووجود الملك عبدالله ضروري للإسرائيليين، فالأردن وإسرائيل تعملان معا لمنع انتقال الفوضى في سوريا إلى بلدانهم.
الملك لم يتحدث عن العمليات الأردنية الإسرائيلية المشتركة، ولكن عدة مصادر في عمان وتل أبيب قالا للكاتب الأمريكي الذي أجرى المقابلة، إن طائرات إسرائيلية بلا طيار تراقب الحدود الأردنية السورية نيابة عن الأردن، كما إن مسؤولي العسكر والمخابرات من البلدين على اتصال مستمر ويخططان لما بعد سقوط الأسد.
وحتى مع ميول الملك عبد الله للتنازل عن كثير من سلطاته، فإنه رسم خطا واحدا أحمر: "أنا لا أريد أن تأتي حكومة وتقول: نحن نتنصل من معاهدة السلام مع إسرائيل"، ويبدو حذرا عند الحديث عن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتن، وهو دائم التواصل معه. وكان يقول إن علاقته مع نتن "قوية جدا. ومناقشاتنا تحسنت حقا".
ورغم أنه يعترف بالدور الذي يلعبه نتن في الحفاظ على استقرار الأردن، فإن الملك قال إنه غير متفائل بشأن مستقبل إسرائيل.
ويرى الملك عبد الله بأن حلفائه الغربيين ساذجون بشأن نوايا جماعة الإخوان المسلمين. ووصف الإخوان بأنهم "ذئاب في ثوب حملان وديعة" وتريد فرض رؤيتها الرجعية على المجتمع وكذا سياستها المعادية للغرب في الشرق الأوسط المسلم. وقال: "معركتنا الكبرى" في منع الإخوان المسلمين من الوصول إلى السلطة في جميع أنحاء المنطقة.
في مصر، كما يقول الكاتب، تم استبدال حسني مبارك وهو حليف للأردن منذ فترة طويلة، بمحمد مرسي، أحد قادة الإخوان. ويرى الملك أن الجديد في عهد ما بعد الثورات العربية، هو بروز تحالف "راديكالي" يكمل وينافس الهلال الشيعي الذي تقوده إيران. وفي هذا يقول: "أرى هلال الإخوان المسلمين في مصر وتركيا".
الملك عبد الله قلق من رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، ويرى أن حزب العدالة التنمية ليس إلا مجرد نسخة أخف من التوجه الإسلامي. ("اردوغان قال يوما إن الديمقراطية بالنسبة له هي أشبه بركوب الحافلة"، كما نقل الملك عبد الله، "بمجرد أن أصل إلى محطة التوقف، أهبط منها")، ويرى في أردوغان نسخة أكثر تحفظا ودهاء محمد مرسي، ذلك أن الإخوان حاولوا منذ البداية الاستحواذ على السلطة المطلقة. وأضاف الملك: "إذا كان الأنموذج التركي استغرق ست أو سبع سنوات على يد أردوغان، فإن مرسي يريد القيام بدلك بين عشية وضحاها.
وإذا كان الملك قلقا وحذرا من أردوغان، فإنه غير معجب بمرسي، الذي التقى به مؤخرا في الرياض، العاصمة السعودية وناقشا دور حركة حماس، المسيطرة على قطاع غزة، وجد أنه "ليس لديه أي عمق في الأمور".
وتابع قائلا: "لقد حاولت أن أشرح لمرسى كيف يتعامل مع حماس وكيف يمكن تحريك عملية السلام إلى الأمام، وكان رده الوحيد أن الإسرائيليين لن يتحركوا". ثم كان رد العاهل الأردني وقتها: "اسمعني، سواء تحرك الإسرائيليون أو لم يتحركوا، فإن الأمر يتعلق بكيفية تجميع حركتي فتح وحماس معا". واستطرد عبد الله أنه عندما ظل مرسى لا يرد سوى "الإسرائيليين، الإسرائيليين"، فإن العاهل الأردني كان هو يركز على أهمية درء الفوضى من الجانب الفلسطيني. وكرر مقولته في نقد مرسي: "هذا الرجل ليس لديه عمق".