(تنبيه لمن يعانون من نوبات الملل الموضوع طويل والفائدة ضئيلة)
من أجمل اللحظات يا سادة لحظات السمر ، في هدوء ليل وضوء قمر ، وألفة قلوب وقلة نفر ، وقد نلتها والحمد لله ، برفقة جدي وأخواتي وبنتي الصغيرة ، وبعد أن تناولنا القهوة والعشاء ، أنصتنا للأحاجي والطرائف ورياضات اللسان ، مثل مشمش شجرة مشمشكم أحسن من مشمش شجرت مشمشنا ، وصفحة سبعة صعبة ...
وقد تنحى جدي عنا بفراشه ، وخضنا في مواضيع شتى ، وقد ظنناه نائماً ، ولم نتبين أنه يسمعنا إلا بعد أن تنحنح وشرع في تفنيد ما قلنا ، وقد بدأ بصغيرتي بنتي الكبرى قائلاً : كيف يا بنيتي تقولين أيهما أولاً الدجاجة أم البيضة ؟ ثم تقتنعين بجوابهم وتقولين فعلاً ما لها حل . لا يا بنتي واسمعوني كلكم ، مبدأ الخلق من الله سبحانه وتعالى ، وله الكمال ، وقد خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه ، ثم جعل نسله من ماء مهين ، وهكذا باقي المخلوقات كمال خلقتها هو مبدؤها ، وأتمنى أنكم الآن عرفتم من الأول البيضة أم الدجاجة ، قلنا نعم عرفنا ، ثم قال : وأنت يا أبو شومة ويش يا وليدي هالأسئلة النحوية هذي ، أنت تشطر على خواتك ، وتخلط على كيفك ! كيف تسأل عن النسب لو كانت بلادنا اسمها بلاد الحرمين ، لا وخواتك ما شاء الله ! يقولون تصبح الجنسية بلدي حرمي وألا بلادي حرمي ، باكستانيين أنتم وألا أفارقه ، يا وليدي خفف على نفسك هذي السعودية نحن ننتسب لترابها الذي تسمى بهذا الاسم لتغلب ابن سعود عليها في وقت كانت الغلبة للرجال على صهوات الخيل والأشدة والقنا والسيف قبل الصناديق والاقتراع ، نحن ننتسب لبلادنا كما انتسب الناس لبدر وجيزان ونجران وواشنطن كلها سميت على أسماء رجال ، لكن النسب الآن للمكان ولا تتصور أنه نسب لغير العائلة كما تسول لك نفسك ...
ثم استلم أختي طويلة اللسان وقال لها : يا وليدي أنت إذا خلصت علومك وسواليفك قلتي : الله يعطينا خير هالليلة ، يعني خلاص يسكتون بوحي وإيحاء أن هذا السمر يتلوه أمر ، وأمر جلل ، ما يصير يا بنتي إذا خلصتي اسمعي خواتك وأخوك ، قالت : والله يا جدي أنا ما تكلمت هم اللي يهرجون ، بس أنت نائم ، قال : أنا نايم لعلني ما أموت إلا وأنا مصلي عليك ! شهقنا كلنا وقلنا : فال الله أبرك ، نعوذ بالله ، قال : اهبوا يا الممصوخين تبوني أموت أنا ، أخص عليكم أي والله أخص ، اقتربنا منه ، وقالت أختي : شفت يا جدي يوم إني أقول الله يعطينا خير هالليلة وخير هالجلسة إني صادقة ، فركضنا برجله وقال ابعدوا عني سود الله وجيهكن وسود وجه أخوكن هذا أبو سموع تقول سموع فار ، قلت يا جدي : أتعبتك المناظرة ، والله إنا مستمتعين بها ، وبعدين هذي ترى ما هي سموعي هذي سماعات الجوال ، أنا كنت أسمع (وردك يا زارع الورد) لصوت الأرض ، والآن أبسمع تقاسيم قانون لمقام الصبا على بال نلم أغراضنا ، فضحك جدي وقال : خل مقام الصبا وأنا جدك تراني أمزح معكم ما زعلت أما طلال مداح شغله على السماعة الخارجية خلنا نسمع مع بعض ...