اسلام ويب - مركز الفتوى -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعيش في أمريكا وأود أن أسأل عن حكم الترحم على أطفال الكفرة بعد وفاتهم , مع أنهم لم يبلغو سن البلوغ ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأطفال المشركين للعلماء فيهم مذاهب، فمنهم من قال بأنهم في النار تبعاً لآبائهم ، ومنهم من توقف فيهم ولم يقل شيئاً، ومنهم من قال هم من أهل الجنة. ويستدل على ذلك بأشياء منها ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم : رأى الخليل إبراهيم عليه السلام في الجنة وحوله أولاد الناس . قالوا : يا رسول الله وأولاد المشركين ؟ قال : وأولاد المشركين .
ومن أدلتهم قول الله تعالى:وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [ الإسراء: 15 ].
وأصح الأقوال في أطفال المشركين هو ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عمن يموت من أطفال المشركين؟ فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين . رواه مسلم وغيره.
أي الله أعلم من يؤمن منهم ومن يكفر لو بلغوا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ثم إنه قد جاء في حديث إسناده مقارب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة فإن الله يمتحنهم ويبعث إليهم رسولاً في عرصة القيامة، فمن أجابه أدخله الجنة، ومن عصاه أدخله النار.
فهنالك يظهر فيهم ما علمه الله سبحانه ويجزيهم على ما ظهر من العلم - وهو إيمانهم وكفرهم - لا على مجرد العلم .
وعلى هذا نقول : لا يجوز أن يستغفر لهم مع الجهل بمآل أمرهم، فالاستغفار لا يجوز لغير المؤمن كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة ، ولو كان مشروعاً لنقل إلينا من عمل الصحابة والتابعين؛ لكن لم ينقل من ذلك حرف واحد فيما نعلم .
والله أعلم .
......................................................
الشيخ ابن عثيمين ( رحمه الله )
هل يحاسب المولود المتخلف عقلياً ؟
وهل تعتبر ولادة طفل متخلف عقلياً عقوبة لوالديه ؟
الإجابة : المولود المتخلف عقلياً حكمه حكم المجنون ليس عليه تكليف، ولا يحاسب يوم القيامة، لكنه إذا كان من أبوين مسلمين أو أحدهما مسلماً فإن له حكم الوالد المسلم، أي أن هذا الطفل يكون مسلماً فيدخل الجنة، أما إذا كان من أبوين كافرين فإن أرجح الأقوال أنه يمتحن يوم القيامة بما أراد الله عز وجل فإن أجاب وامتثل أدخل الجنة، وإن عصى أدخل النار.
هذا هو القول الراجح في حق هؤلاء، وهو ما ينطبق على من لم تبلغهم دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم كأناسٍ في أماكن بعيدة عن بلاد الإسلام ولم يسمعوا عنه شيئاً، فهؤلاء إذا كان يوم القيامة امتحنهم الله سبحانه بما شاء فمن أطاع منهم دخل الجنة، ومن عصى دخل النار.
وقد يقول قائل : كيف يمتحنون وهم في دار الجزاء وليسوا في دار التكليف؟
وجوابنا على هذا:
أولاً: أن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، وله أن يكلف عباده في الآخرة كما كلفهم في الدنيا.
ثانياً: أن التكليف في الآخرة ثابت بنص القرآن: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}، فمثل هذا قد يقع في الآخرة.
إذن هذا المولود المتخلف عقلياً حكمه حكم المجانين وليس عليه تكليف، وحكمه حكم أبويه: إن كانا كافرين، وإن كانا مسلمين، أو أحدهما مسلماً.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال : فإن المصائب تكون تارة عقوبة وتارة امتحاناً، فهي عقوبة إذا فعل الإنسان محرماً أو ترك واجباً، فقد يعجل الله له العقوبة في الدنيا ويصيبه بما يشاء من مصيبة، وقد يصاب الإنسان بالمصيبة لا عقوبة على ترك واجب، أو فعل محرم ولكن من باب الامتحان إذ يمتحن الله بها الإنسان ليعلم أيصبر أم لا يصبر؟ فإن صبر كانت المصيبة منحة لا محنة يرتقي بها الإنسان إلى المراتب العليا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني عشر - باب الصلاة. طفل متخلف عقلياً عقوبة لوالديه ؟