مرت 20 عامًا على مذبحة "سربرنيتسا"؛ تلك المجزرة التي شهدتها البوسنة والهرسك عام 1995 على أيدي القوات الصربية إلا أن آلامها لاتزال حية كما لو كانت تحدث اليوم. خلال هذه السنين الطويلة، التي اقتربت من ربع قرن، تم العثور على أكثر من 300 مقبرة جماعية وتحديد هوية 13 ألف جثة، ومع ذلك فإن آلاف الأمهات مازلن يبحثن عن رفات أبنائهن على أمل العثور عليها. وهذا ما أكدته منيرة صوباسيتش رئيس جمعية أمهات سربرنيتسا في كلمة خلال مشاركتها في حفل إحياء الذكرى العشرين للمذبحة قالت فيها: "لا تزال هناك آلاف الأمهات يبحثن عن رفات أبنائهنّ". وتستعد الدول الأوروبية غدًا لإحياء ذكرى العشرين لأكبر مذبحة شهدتها منذ الحرب العالمية الثانية، عندما دخلت قوات الجيش الصربي في الحادي عشر من يوليو/ تموز عام 1995 إلى سربرنيتسا تحت حماية الأمم المتحدة، وقامت بنقل جميع الرجال الموجودين في المخيمات التي كان بها 35 ألفا من مسلمي البوسنة، من أطفال وشباب وشيوخ، إلى أماكن قتلهم، بالحافلات. قتل 8 آلاف و342 شخصًا من مواطني البوسنة الذين سلمتهم قوات حفظ السلام التابعة للأم المتحدة في ظرف ثلاثة أيام. وأصبحت المذبحة التي اكتفى كل من الأمم المتحدة والدول الأوروبية بمشاهدتها فقط بمثابة الستار الأخير لحرب البوسنة التي استمرت ثلاث سنوات وراح ضحيتها 100 ألف مسلم. وعلى الرغم من مرور عشرين عامًا على هذه المذبحة لا يزال أهالي البوسنة يتذكرون الحرب بآلامها؛ حيث ينتظرون محاكمة المجرمين ويواصلون من ناحية أخرى البحث والتفتيش عن جثث من فقدوا حياتهم. ويكاد يكون الوقت قد توقف عند عام 1995 في مدينة سربرنيتسا التي ستستضيف غدًا زعماء العالم؛ كانت تلك أبشع مذبحة حدثت في التاريخ تذكرنا اليوم بمشاهد القتل الجديدة. ويقوم الأشخاص الذين نجوا من هذه الإبادة بالذهاب سنويًا إلى سربرنيتسا مع 10 آلاف شخص بعدما يقطعون "طريق الموت" البالغ 105 كيلو مترات خلال ثلاثة أيام. وتنتهي الرحلة التي تبدأ من قرية نيزوق في سربرنيتسا التي بدأت فيها المذبحة في الحادي عشر من يوليو. ويقول نيدزاد موجيج أحد البوسنيين القلائل الذين نجوا من الإبادة: "لقد فقد أبي وأخي حياتيهما في طريق الموت. أما أنا فوصلت إلى قرية نيزوق خلال سبعة أيام. ورأيت على قارعة الطريق جثث أقاربي وجيراني. وترك الذين نجوا من هذه المذبحة بعض جثث أبنائهم. ومن خلال هذه المسيرة نحيي ذكرى من فقدناهم ونذكّر العالم أجمع بما حدث"