التطورات والتغييرات الكبيرة التي يعيشها الشعب السعودي في أنماط حياته وطريقة تفكيره والتي كانت بتضافر معطيات عدة منها احتكاكه الكبير بالعالم الخارجي عن طريق النت وما وفره من سهولة التواصل عبر مواقع التواصل المتعددة فيه ، وكذلك إطلاعه على القنوات التلفزيونية الفضائية الخارجية التي حملت له من الأفكار والعادات مما لم يكن معتاداً عليها في حياته السابقة . والعديد من وسائل الاتصال الأخرى مما نتج عنها من تبدل في أنماط الحياة والتفكير للفرد السعودي ، كل ذلك أدى إلى تغير في السلوك العام وطرأ تبدل وتحور وتساهل في بعض القيم والمفاهيم التي كانت أشبه بالمقدس من قبل .
وقد رأينا نتاج ذلك في ظهور الكثير من العوارض المرضية التي لم نعهدها في مجتمعنا المحافظ والبسيط سابقاً ...
ازدادت حالات الاكتئاب والانتحار والتمرد على القيم وتزايد ارتكاب بعض الجرائم التي لم تكن معهودة سابقاً ، وكثر المراجعون للعيادات النفسية .
والأخطر هو ما نراه من سهولة انقياد شباب في عمر الزهور لمنظمات إرهابية تدفعهم نحو ارتكاب جرائم بحق بلادهم ومجتمعهم ...
حادثة التفجير الأخير في طريق الحائر التي ارتكبها شاب في مقتبل العمر لا تعرف له خلفية إجرامية ولا يؤهله عمره ولا مستواه التعليمي لأن يكون منطلقه في القيام بجريمته ناتج عن رأي مستقل له نتيجة علم ودرس مكنه من الحكم ومن ثم التنفيذ بل كان نتيجة إتباع أعمى لجهة فكرت بدلاً عنه وقررت له ما يفعل ونفذ هو تلك الجريمة بكل انقياد ودون تفكير بمآلات عمله وبالضرر الذي سببه لوطنه وبلاده ونفسه وأسرته .
كل هذه الأمور تبعث على القلق الشديد مما قد يؤول إليه حالنا لو تركنا الأمور دون تشخيص دقيق لأسباب هذه الظواهر و من ثم محاولة للعلاج وإيجاد الحلول .
وكنت قد سمعت أن وزارة الداخلية وقبل عدة سنوات قد أمرت بتشكيل لجنة من وزارة الصحة ووزارة الشئون الاجتماعية للقيام بدراسة نفسية واجتماعية للمجتمع السعودي ...
لا اعلم ماذا كانت النتائج لأنني لا اعلم هل أتمت اللجنة عملها أم توقفت لسبب معين لأنه لم تكن هناك أية نتائج معلنة حسب علمي !.
ولنأخذ من تجارب الأمم الأخرى التي تولي ظواهر أقل حدة مما ذكرنا كل اهتمامها وتعالجها قبل استفحالها ، وهنا اذكر انه قبل سنوات شكلت لجان في أميركا لدراسة ظاهرة ضعف الطلاب الأمريكيين في مادة الرياضيات ... نعم الرياضيات فقط استدعت منهم الاهتمام بالأمر واعتباره أمراً خطيراً يجب حله ...!!!!
ولأن الأمر خطير وهو يتعلق باستقرارنا وأمننا ومستقبل أجيالنا ، فإنني آمل وأرجو ممن يهمهم أمر هذا المجتمع والمحافظة عليه أن يقوموا بتشكيل لجنة أو لجان متعددة لأعداد الدراسات وفحص مشكلات المجتمع السعودي النفسية والعوارض الطارئة التي انتابت هذا المجتمع من جراء التأثيرات التي اكتسبها من مجتمعات أخرى عبر الوسائل التي ذكرناها آنفاً .
وأن يتم أعداد إحصائيات علمية وموثّقة عن الأمراض النفسية والاجتماعية الموجودة فعلاً ... وأن تنشر النتيجة على الملأ لزيادة المعرفة لدي كل فرد في هذا المجتمع ليقوم بدوره ويصبح فرداً فاعلاً بإحساسه أنه مشارك فعلي في بناء هذا الوطن ومساهم فعّال في إصلاح مجتمعه .