في بيت متواضع، بين زقاق مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين، شمال مدينة القدس المحتلة، تحزم فاطمة الكسبة (50عاما)، أمتعتها لأداء فريضة الحج لهذا العام، وزوجها سامي الكسبة، ضمن استضافة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز لأسر الشهداء الفلسطينيين لهذا العام. "الكسبة" القاطنة بمخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين شمال القدس المحتلة، والدة لثلاثة شهداء فلسطينيين، كان آخرهم الشهيد محمد الكسبة في رمضان الماضي، قتل خلال ملاحقته من قبل آلية عسكرية إسرائيلية أطلقت عليه النار. واستشهد ياسر وسامر في انتفاضة الأقصى، تقول الكسبة: "قتلهم الجيش الإسرائيلي أطفالا، في زهرة طفولتهم دون سن الـ15، وقتلوا محمدا بينما كان عمره 17 عاما". تتحدث السيدة عن فلذات أكبادها، بينما لم تتوقف عن البكاء، قائلة: "حرق قلبي عليهم، واستشهاد محمد كان له الوقع الكبير على فؤادي، محمد قتلني باستشهاده، كان قرة عيني، حبيبي، كل حياتي". وتضيف السيدة: "استشهد ياسر وبعد 40 يوما استشهد سامر، سامر ارتقى شهيدا في يوم العيد، كان محمد صغيرا، كبر وشب مقاوما، أدى العمرة وكان يأمل أن يحج بيت الله الحرام، رغم صغر سنه، كان دوما يقول لي: أريد تأدية فريضة الحج". تتنهد وتضيف: "ها نحن اليوم نستعد لتأدية فريضة الحج باستضافة خادم الحرمين الملك سلمان، أدام الله في عمره، إن شاء الله أن يتقبل منا الحج، سنحج عن محمد أيضا (..) لو كان محمد موجودا لما نال ثواب الحج، لكن الله يشاء ذلك، سنحقق له هذه الأمنية". وتلفت بقولها: "شكرا لخادم الحرمين الشريفين، كنت وما زلت تقدم يد الخير للشعب الفلسطيني هذا تكريما لأسر الشهداء". وتعيد في حديثها عن محمد بقولها: "محمد صلى برمضان في المسجد الأقصى رغم الحواجز الإسرائيلية وجدار الفصل العنصري، كان متعلقا بالصلاة والعبادة، قتل في يوم الجمعة، كان ينوي الصلاة في المسجد الأقصى". وتقول عنه كان دوما يلاعبني في المنزل، يحضنني، يسألني ماذا أحتاج، تتنهد وتقول: إحساسي يوجع القلب، لكن نفتخر أننا عائلة لثلاثة شهداء. وتستطرد: "ربنا يكرم الملك سلمان، ووالده الملك عبدالعزيز، ونسأل الله أن تبقي المملكة بحفظه وأمنه، نشكرهم". من جانبه، يقول سامي الكسبة والد الشهداء: "هذا هو حالنا نحن الشعب الفلسطيني، ندفع ضريبة رباطنا في الأرض المقدسة، من دماء أبنائنا ومن سنوات عمرنا، نتمنى العيش بسلام كما بقية دول العالم، لكن بوجود الاحتلال لا سلام ولا حرية". ويضيف: "نحن نفتخر أننا عائلة شهداء، الاحتلال يعتبر أبناءنا محرضين ومخربين، نحن نقول هم شهداء فدائيون، قدموا دماءهم فداء الوطن والمقدسات". ويقول: "اليوم تكرمنا المملكة السعودية وخادم الحرمين الشريفين، باستضافتنا للحج هذا العام بمكرمة ملكية تشمل كل الاحتياجات". يضيف: "شكرا للسعودية ملكا وشعبا، كنتم وما زلتم تقدمون لنا كل العون، أنتم السند لفلسطين والقدس، أنتم السند لعائلات الشهداء". وقال "أتشكر الملك سلمان والعائلة المالكة، كرمهم عم الوطن". وتبدي العائلة فرحتها بالاستضافة، حيث يودع الأصدقاء والجيران العائلة التي حزمت حقائبها. تقول الوالدة: "في كل زاوية من الحرم المقدس في مكة سأرى أبنائي الشهداء، يطوفون يحجون، يرمون الجمرات، يسعون، أسأل الله أن يتقبلهم، وأن يجزي خادم الحرمين الخير عنا". واستضافت السعودية حوالي 14000 حاج على مدى الأعوام السابقة باسم ملك البلاد وبمباركته سنوياً. في هذا العام، ألف حاج فلسطيني من ذوي الشهداء، يتكفل بمصاريف حجهم على حسابه الخاص، وكلف وزارة الشؤون الإسلامية السعودية لخدمتهم وراحتهم. وعن التحضيرات لاستقبالهم قال الشيخ عبدالله بن مدلج المدلج، الأمين العام لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة: نستعد لاستقبال الأشقاء الفلسطينيين، واللجان المكلفة تبذل مجهودات كبيرة، نسأل الله أن تكلل بالنجاح، والعمل الجاد هو شعارنا دائماً ليشعر الضيف الكريم بالتقدير الذي تحمله له هذه البلاد ممثلة بمليكها. وسيصل الحجاج الفلسطينيون ومن بينهم السيدة الكسبة والدة الشهداء الثلاثة على دفعتين، الأولى من المتوقع أن تصل جدة في يوم الرابع من ذي الحجة، والثانية في يوم السادس من ذي الحجة، وذلك عبر طائرات سعودية خاصة.