من 3500 عام
منذ أسبوعين وعلماء الآثار منشغلون بخبر العثور على ما يميلون إلى أنه بقايا "سدوم" المعروفة إسلامياً بمدينة "قوم لوط" النبي الذي سكن فيها قبل أكثر من 3500 عام، والتي تجمع الكتب السماوية، وأهمها القرآن المفصل ما حدث لها بواقعية علمية، أن قصاصاً إلهياً جعلها وأهلها كأنها لم تكن، ولم ينج منه سوى النبي لوط وعائلته، باستثناء زوجته، وفق ما روى القرآن فصوله بسلسلة آيات موزعة في 9 سور. وتنتهي رواية القرآن بآية رقمها 35 من "سورة العنكبوت" تشير إلى أن الله أبقى من المدينة على درس وموعظة للأجيال، بقوله: "ولقد تركنا منها آية بيّنة لقوم يعقلون". لكن كثيرين لم يجدوا شيئاً من "سدوم" طوال قرون، إلى أن عثرت بعثة آثار أميركية، ثابرت على التنقيب 10 سنوات في منطقة "تل الحمام" بالأردن، على "الآية" التي طال غيابها، وهي خرائب "سدوم" التي بدأ يتضح أن الحياة "توقفت فيها فجأة" طبقاً لما ذكره البروفيسور Steven Collins رئيس البعثة، وهو من "جامعة ترينتي ساوث ويسترن" بولاية نيو مكسيكو. "إلا أن كل مظاهر الحياة توقفت فجأة"
هذا الكلام قاله كوللينز في 28 سبتمبر الماضي لأول من نشر خبر العثور على آثار "سدوم" بالجنوب الأردني، وهي دورية Popular Archaeology التي أعدت تحقيقاً معززاً بصور وبيانات اطلعت عليه "العربية.نت" بموقعها، ومنه وصل الخبر إلى وسائل إعلام عالمية ما زالت تتطرق للآن إلى مستجدات ما تم العثور عليه، ووصفه رئيس البعثة بأنه "مبان قديمة وأدوات من مدينة كبيرة جداً كانت في العصر البرونزي (..) كانت دولة ضخمة سيطرت على كل منطقة جنوب غور الأردن" كما قال.
تلك المدينة/الدولة، التي ذكرت التوراة في "سفر التكوين" بأن الله عاقبها بالنار والكبريت "لم تتهدم بكاملها بحسب ما كان متوقعاً" وفق ما أكده كوللينز الذي اعتبر أن ما تم العثور عليه أشبه "بكنز حقيقي في كل ما يخص علم الآثار من ناحية نشوء وإدارة مدن/دولة بين 1540 إلى 3500 قبل الميلاد"، مضيفاً أن المعلومات عن الحياة في منطقة غور الأردن بالعصر البرونزي لم تكن متوفرة قبل تنقيبات البعثة الأميركية، ولا وجود حتى لإشارة في معظم الخرائط الأثرية عنها بأن مدينة قديمة كانت فيها. وشرح أن ما تم العثور عليه هو مدينة بقسمين، علوي وسفلي، وفيها ظهر جدار من الطوب الطيني، بارتفاع 10 وعرض 5.2 أمتار. كما ظهرت بقايا بوابات لمعبد، ومثلها لأبراج، مع ساحة رئيسية، إضافة إلى موقع يبدو أنه كان مميزاً، لأنه كان مدعّماً بحمايات خاصة، وكلها منشآت تطلبت أحجاراً من الطوب بالملايين، إضافة إلى عدد كبير من العمال" إلا أن كل مظاهر الحياة "توقفت فجأة بنهاية منتصف العصر البرونزي" وهو لغز برسم الحل عبر تنقيبات للتعرف إلى ما حدث في "سدوم" وأشار إليه القرآن بما يختلف عن التدمير بنار وكبريت، وكأن كويكباً ارتطم بالمدينة وجعل أسفلها أعلاها، ونجا منه النبي لوط.
الشائع عن النبي لوط أنه ابن أخ النبي إبراهيم، وكانا يسكنان بمنطقة واحدة، هي "بيت إيل" القريبة حالياً من رام الله بالضفة الغربية، على حد ما يمكن استنتاجه مما قرأته "العربية.نت" في شرح لما ورد بشأنه في التوراة، ثم انفصلا كلا بأهله وماشيته، وراح لوط يبحث شرقاً عن منطقة ريّانة خضراء تتوافر فيها المياه والمراعي، فوجدها قرب مدينتي "سدوم وعمورة" المروية أراضيهما الخصبة بمياه نهر الأردن، فحط رحاله هناك، واختار "سدوم" للسكن، وعنها يذكر القرآن وحده ما اكتشفه كوللينز بعد 14 قرناً، وهو أن "سدوم" كانت عليا وسفلى، طبقاً لما في الآية 82 من "سورة هود" وهي في الفقرة قبل الأخيرة أدناه.