موضوعيًا يفترض أن الإرهاب يُنسب لفاعله، وليس لدينه أو مذهبه أو وطنه، لكن ماذا لو تبنى الوطن أو الدين أو المذهب ذلك الإرهاب ؟، ماذا لو احتضن أصحابه، ودعمهم، وكرّمهم، وتبناهم، وافتخر بهم؟، ماذا لو كان الإرهابيون يرتكبون جرائمهم الإرهابية باسم المذهب ؟، ماذا لو كان علماء المذهب والقيادات السياسية في الوطن هم من أنشأوا ومولوا تلك التنظيات الإرهابية ودعموها باسم الدين؟!، أليس هذا ما يحدث في العراق؟، حيث أنشئت ميليشيات الحشد الشعبي بفتوى المرجع علي السيستاني، وبتأييد ومباركة معظم المرجعيات، حتى أئتلفت فيها التنظيمات الإرهابية العراقية، ذات السجل الأسود في جرائم الحرب، والتعذيب؛ وانتهاكات حقوق الإنسان! تنظيم الدولة الإسلامية يُفجِّر، يَقتل، يجز الرؤوس، يُحرِق، يفعل ما تقشعر له الأبدان، لكن لا أحد من علماء السنة يؤيده في ذلك، لا على المستوى الشخصي ولا المؤسسي، وهذا سر معاداته لهم، وتشنيعه عليهم، واتهامه لهم بالخيانة، وممالأة الحكام، ولمّا يئس من تأييدهم له، اتخذ مرجعيات فقهية وإفتائية من داخله، هي التي تجيز له كل ما يفعل، أما لدى الشيعة فالوضوع مختلف تمامًا، حيث مازال حسن نصرالله بطلًا ومناضلًا صنديدًا عند معظم المرجعيات الشيعية، والقيادات السياسية، ونخبهم المثقفة، رغم إجرامه في سوريا، ومثله أبو درع، وأبو عزرائيل، وهادي العامري؛ وأمثالهم ممن يتلقون تبجيل أبناء طائفتهم. مقاطع الفيديو التي وثقها منتسبو ميليشيات الحشد الشعبي لمجازرهم، وحرقهم للجثث، وتمثيلهم بأصحابها من أهل السنة يصعب حصرها لكثرتها، وآخرها المقطع المقزّز الذي ظهر فيه المدعو أبو عزرائيل وهو يقف على جثة متفحمة، قُتلت ومُثل بها، ثم علقت بأحد أبراج الكهرباء، حتى بدت أدخنة الحرق تنبعث منها، وبقربها وقف أبوعزرائيل ممسكًا سيفًا، وبكل عجب وخيلاء كان يهوي عليها، ويشرع في تقطيعها، حتى يبتر قطعة من ناحية الفخذ؛ فتنفلق ويستبين بياض اللحم من الداخل!. بعد انتشار المقطع في وسائل التواصل الاجتماعي، وتغطيته من وكالات أنباء عالمية، وقنوات فضائية، خرج علينا أبو عزرائيل معترفًا بفعلته الشنعاء، معللًا إياها بكون الضحية ليس سنيًا عراقيًا، وإنما هو داعشي من القوقاز، وحتى لو كان داعشيًا، بأي شرع أو قانون يُحرق ويُمثل به، كما رأينا في المقطع البالغ القسوة والبشاعة، مجاراة ميليشيات الحشد لتنظيم الدولة يعني أننا بإزاء إرهاب وإرهاب مضاد، حيث لا شرع ولا قانون يتحاكم إليه، بفارق أن داعش يرتكب جرائمه دون تأييد من علماء السنة، ووسط رفض تام لها من الأمة، فيما تحظى ميليشيات الحشد الشعبي المنتمي لها أبو عزرائيل، بكل أنواع الدعم، والتأييد، والتمويل، من المرجعيات الشيعية، وقياداتها السياسية، بل إن ميليشيات الحشد أكثر تطرفًا وطائفية من تنظيم الدولة، لأن التنظيم يقتل خصومه سنة وشيعة بغض النظر عن انتماءاتهم، أما ميليشيات الحشد فلا تستهدف بالقتل والتهجير إلا السنة، وتكف يدها عن الشيعة، حيث الدافع الطائفي الذي يحرّكها. تُرى ماذا سيقال لو ظهر جون البريطاني سفاح داعش وهو يُكرَّم من بعض علماء السنة داخل أحد مساجدنا؟، أبو عزرائيل ظهر وهو يحظى بتكريم بعض المرجعيات في أحد المساجد العراقية، محفوفًا بمشاعر ودّهم الغامرة وبسمات فخرهم واعتزازهم به، بل ماذا سيقال لو ظهر جون البريطاني سفاح داعش ورئيس وزراء أي دولة سنيّة يقبّل رأسه؟، أبو عزرائيل ظهر في إحدى الصور ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يقبّل رأسه، حيدر الذي أحال القيادات العسكرية التي فرّت من أمام تنظيم الدولة في الموصل إلى التقاعد، يقبّل رأس أبو عزرائيل إعجابًا وإكبارًا للدور الدموي الذي أحسن البلاء فيه!.