يقول أحد طلاب الجامعة : تفاجأت في اختبار مادة ( العلاقات العامة ) الذي أعده دكتور كندي يحتوي على سؤال واحد فقط ، لكنه سؤال ذكي جداً وعليه درجة عالية .
فقد كان السؤال : ما الاسم الأول لعامل النظافة في جامعتنا ..
بصراحة صعقني السؤال ، لقد دخلت قاعة الإمتحان مملوء بالثقة خاصة بعد أن درست أياماً طوال ، وحفظت نظريات في العلاقات العامة ومن كتب مختلفة ، لأكون جاهزاً للإجابة على عشرة أسئلة وفي أصعب النظريات .
لكن كل ذلك لم يشفع لي أن أجيب على ( اسم عامل النظافة ) صرت أنظر لورقة الإجابة البيضاء تماماً كعقلي في تلك اللحظة .
مستحضراً ابتسامة عامل النظافة الأسمر الذي كان يمر أمامي عشرات المرات يومياً ، دون أن أٌكلف نفسي بالحديث معه أو سؤاله عن اسمه .
والنتيجة النهائية أنه لم يجب على السؤال سوى طالب واحدا من أصل 16 طالبا ً ..!!
لقد كَشَفَنا الدكتور الكندي أمام أنفسنا وأراد أن يعلمنا درساً هاماً و بارعاً ، علمنا أن لا نهتم فقط بالنظريات ، ففي سوق العمل التنافسي يجب أن تُشَّمر عن ساعديك وتخالط الناس لتتعلم منهم وتبادلهم الخبرات ..
علمنا أن الشخص الناجح هو الذي يبادر الآخرين ويكسر حاجز الخجل ، علمنا الدرس الأهم الا وهو أن بعض مفاتيح نجاحنا ، تكون بيد موظفين بسطاء لا نلقي لهم بالاً .
علمنا أن لا يكتفي المسؤول بالجلوس في مكتبه معزولاً عن بقية موظفيه ، وأنه لم تعد تنفع أبداً طريقة إدارة موظفيك بالتكبر .
فوحدهم من سيجعلونك تملك أكثر من خنجر أو تخسر حتى خنجرك الوحيد ..
فسلمت ورقة الاختبار خالية ، وتوجهت مسرعاً ومبتسماً لعامل النظافة الذي بادلني الابتسامة والحوار ...
و سألته : ما اسمك .؟ فأجابني ..ولكن كانت المعلومة متأخرة ..إنتهى...
الدراسة ليست مواد صماء تُحفظ وإنما سلوك يمثل شخصية كل إنسان ، وكثير منا يمر من أمام الآخرين دون أن يلقي التحية عليهم ، مع أن ديننا يقدم لنا الأجر في أبسط معانيه ، ويعزز شخصياتنا من سلوك يُغرس فينا منذ الصغر ..
فإلقاء السلام والتحية على الناس ووجوهنا تعتليها الابتسامة تزيد الألفة والموده بيننا ، كما إن التحية تنبع من وازع ديني حثنا عليه الشرع الحنيف يمد جسور المحبه ويغلغلها في نفوسنا.
فما المانع من أن نلقي السلام على من نقابلهم سواء نعرفهم أو لا نعرفهم ، صغاراً كانوا أم كبارا... فالسلام فيه أجر وخير كثير ، وسيعكس صورة ايجابية عنا ، حتى نُفتقد من خلالها إن غبنا يوماً عنهم .
فهناك علوم كثيرة لا تُدرس ، وإنما تقاس بالفعل قبل القول .. كما إن هناك عمال يخدمونا ويعينوننا كل يوم ، فهم يستحقون منا كل التقدير والاحترام .. فقط مجرد سلاماً ممزوجاً بإبتسامة واطمئنان لن تكلفنا شيئ .
فإذا كنت لا تستطيع ان تتصدق بمالك ، فتصدق بإبتسامتك وكلمتك الطيبة وأخلاقك الحسنة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ "
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُم ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ .
رواه مسلم في صحيحه
مما راق لي فنقلته لكم بتصرف ..