لم أكن أريد كتابة مثل هذا المقال ، لكن تعدد الجرائم والتي هي في حقيقتها ، ليست جرائم عادية ، بل فيها توحش ، وأعني ذلك القدر الزائد عن هدف الجريمة ، قد يقتل المجرم شخصاً لسرقة ماله ،ولا أحد يراه من البشر
ـ ولو كان يراقب رب البشر مافعل ـ لكن لماذا يحرقه بعد قتله ، كما حصل في جازان قبل أيام ، ومن إمرأةٍ أيضا ،حيث أحرقت عجوزا سرقت حليها بعد أن قتلتها ، ولاحول ولاقوة الابالله ،
وكذلك يقال وأشد مما سبق عن قاتل والدته
ولاحول ولاقوة الابالله
وقد يقتله لخصومة بينهم لكن لماذا يلحق به من لاناقة له ولاجمل في خصومته ، كما في القضية الثانية حيث نجد قاتل السبعة ، قد رماهم بكل مايستطيع لقتلهم لكنه ذهب لغيرهم لقتله ، وعاد فإذا بعضهم فيه رمق حياة فما كان منه إلا أن أعاد إطلاق النار عليهم، ولاحول ولاقوة الابالله
وإنما ذكرت هذا لحداثة عهد الناس بالحادثتين
والذي أظنه كقارئ قديم في كتب التأريخ أن الجرائم في زيادة وتوحشها كذلك في زيادة ،
في التأريخ نجد التوحش مثلاً في جرائم
المغول :
( خرج هولاكو على رأس جيش كبير يبلغ 120 ألف جندي من خيرة جنود المغول المدربين تدريبا عاليا في فنون القتال والنزال ومزودين بأسلحة الحرب وأدوات الحصار، وتحرك من "قراقورم" عاصمة المغول سنة (651هـ = 1253م) متجها نحو الغرب تسبقه سمعة جنوده في التوغل والاقتحام، وبأسهم الشديد في القتال، وفظائعهم في الحرب التي تزرع الهلع والخوف في النفوس، ووحشيتهم في إنزال الخراب والدمار في أي مكان يحلون به ، وبالغ المؤرخون في عدد ضحايا الغزو المغولي حين دخلوا بغداد، فقدرهم بعض المؤرخين بمليون وثمانمائة ألف نسمة، على حين قدرهم آخرون بمليون نسمة، ولم يكتف هولاكو بما فعله جنوده من جرائم وفظائع في العاصمة التليدة التي كانت قبلة الدنيا وزهرة المدائن ومدينه النور، وإنما ختم أعماله الهمجية بقتل الخليفة المستعصم بالله ومعه ولده الأكبر وخمسه من رجاله المخلصين الذين بقوا معه ولم يتركوه في هذه المحنة الشديدة )
هو زمن فتنة ذاك الذي سقطت فيه بغداد
قديماً ، وهو كذلك زمن فتنة أيضاً الذي سقطت فيه بغداد اليوم في يد أنجس أهل الأرض ونعايش أحداثه ، وكان مناسباً أن أذكر ماذكرت عن المغول بسبب القتل بشهوة القتل والتنكيل الزائد عن حد الهدف الذي تم القدوم من أجله ، والشئ بالشئ يذكر، مانشاهده اليوم وفي ضواحي بغداد
من قتل وتنكيل على الهوية والمذهب
وبوحشية ربما غير مسبوقة ، يذكرنا بماسبق وفي ذات المكان ، ولو إتجهنا إلى بلاد الشام الجريحة لوجدنا الوحشية بكل معانيها ، ومهما قيل عن بشاعة جرائم النصيرية والمجوس ، فإن مايفعله الروس هناك أكثر بشاعةً من كل ماسبق ، فهم يستهدفون أماكن المكلومين أصلاً ، مستشفيات ، مقابر أثناء دفن موتى ، مدارس هي مقر للهاربين من جحيم قذائفهم ..الخ
وفي هذا من الوحشية مالايمكن وصفه
خصوصاً وأن آلة القتل في زمننا هذا
مدمرة بشكل لم يكن في أي عصر ،
وبعد هذا قد يقول قائل : ومادخل الجرائم شبه العادية كما في بداية الموضوع ،
بما ذكرته فيما بعد
والجواب أن الرابط لديّ واضح
ألا وهو التأثر بما يحيط بالإنسان من أحداث ،
حتى يصبح منظر الدماء أمراً عاديا في نظره، بل تنظر لها وهي تسيل ،وربما تتناول قهوة الصباح ،
بل لديك إستعداد نفسي للمخاصمة والمقاتلة حتى وأنت تقود سيارتك ، أو في مكتبك أثناء عملك بل هو زمن الهرج لايدري القاتل لماذا يقتل ؟ ولا المقتول لماذا يقتل ؟
وكنت أريد الحديث وبتوسع عن هذا وذكر مافعله أهل الصليب بالمسلمين في الأندلس
وماحدث في محاكم التفتيش ،وكذلك مافعله
( المخرب ) وقد قلب الإعلام مسماه إلى مستعمر
وهو مدمر في بلد مثل الجزائر وغيرها
وربما يكون للموضوع بقية ، فلا يظهر إلا أن الجرائم في زيادة، وخصوصاً من فئات كانت خامدة، وقد تصبح غير ذلك للظروف المتغيرة ، وهناك في ظني تنبيهات ينبغي ألا نغفلها في الموضوع .