تواصل وسائل إعلام غربية، حملاتها المسمومة ضد المملكة العربية السعودية، ويتم توظيف عديد من الوسائل والأدوات في شنّ حملات التشويه المنظمة ضد المملكة، آخرها قيام ناشط ألماني (أوليفر بينكوفسكي)، برسم "لوحة ضوئية" على مبنى السفارة السعودية في برلين، تجسّد "راية داعش" السوداء، وعبارة "بنك داعش" على واجهة المبني، في محاولة لتكرار مزاعم تفننت فيها جماعات ضغط معادية، تستهدف الربط بين المملكة وتنظيمات إرهابية.
وتتناقض هذه الحملات المسمومة مع الدور المهم الذى تلعبه المملكة العربية السعودية في مواجهة الإرهاب، عبر "التحالف الدولي المناهض للإرهاب"، والتحالف الإسلامي، وعديد من التحركات والأنشطة الدولية في هذا الشأن.
وتربط مصادر بين الممارسات المسيئة للمملكة وعملية الاختراق الإيراني للمجتمعات الغربية، عبر مجموعات ومراكز ضغط (لوبيات)، كبيرة وقادرة، من خلال رجالها في الممثليّات والسفارات ونظم الحماية التي تتمتع بها، على ترويج مثل هذه المزاعم، بالتعاون مع جهات أخرى معادية للمملكة وسياساتها في العالمين العربي والإسلامي.
وتؤكد شهادات دولية وغربية، أن المملكة أول من تضرر من ظاهرة الإرهاب، وهى أول من بادر بمحاربته "فكريًّا، وأمنيًّا، عسكريًّا"، وتستغرب مصادر من أن إيران التي تطاردها اتهامات تمويل الإرهاب، تعيش هي وإسرائيل في مأمن من أية عمليات إرهابية، وسط منطقة لا تتوقف فيها العمليات الإرهابية ضد الدول المحيطة.
وتعتبر اللوبيات أو جماعات الضغط، أهم وسائل ممارسة العمل السياسي في الولايات المتحدة، حيث تميل بعض الدول إلى تمويل مؤسسات وجماعات لرعاية مصالحها في الولايات المتحدة والغرب الأوربي، والتأثير على القرار السياسي، واستمالة بعض السياسيين، وشنّ الحملات المضادة ضد الدول المعادية.
وأشارت مصادر إلى أن الحملة الموجهة ضد المملكة، تمددت بعد رفع العقوبات الغربية عن إيران، بعد توقع الاتفاق مع الدول المعنية خلال الصيف الماضي، وهو الاتفاق الذى لعب فيه اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة، والغرب الأوروبي دورًا مهمًّا.
ويبلغ عدد الإيرانيين المقيمين حاليًا في الولايات المتحدة، أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، 50% منهم -على الأقل- ولدوا بها، وتصل ثروات الإيرانيين إلى 400 مليار دولار. بحسب ما ذكر مركز "كارينجي للدراسات".
ويعمل اللوبي الإيراني عبر مجموعتين؛ الأولى تعمل في أجهزة الإعلام الأمريكية ومنظمات بحثية، ويتركز نشاط هذه المجموعة أيضًا على الكونجرس الأمريكي. أما المجموعة الثانية فهي مرتبطة "بصناعة النفط"، واستطاعت أن تخلق مصالح مؤثرة، إلى درجة أصبح لها "منافع مالية لها أولوية على المصالح الوطنية الأمريكية".
ويلعب اللوبي الإيراني في واشنطن -الذى تقود أسرة "نمازي" الإيرانية- دورًا مهمًّا في التسويق لطهران، جنبًا إلى جنب مع مؤسسات (بيناد علوي في نيويورك.. وأمريكان إيرانيان أورغ أو المجلس الوطني الإيراني الأمريكي)، الأمر الذى بدا أكثر وضوحًا، بعد تعيين عضوة سابقة من اللوبي الإيراني في واشنطن مستشارة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، وبعد زواج ابنة وزير الخارجية جون كيري من طبيب إيراني، كشفت معلومات مثيرة عن الدور الذى تلعبه أسرة إيرانية ثرية (أب وابنان وبنت وصهر) في تمرير مصالح إيران داخل دهاليز صنع القرار في أمريكا.
ومنذ الكشف عن خطورة البرنامج النووي الإيراني عام 2002، لعبت الأسرة نمازي دورًا محوريًّا، حيث بذلت جهدها لاستمرار التبادل التجاري بين إيران والغرب، والعمل على إجهاض أية محاولة عسكرية تنال من طهران، بل وتهيئة الأجواء لتصالح الغرب معها.
ونشر موقع "ذي ديلي بيست" مقالًا كشف عن خفايا الدور الذي لعبته الأسرة، وأن الاتفاق النووي المبرم في يونيو الماضي، ليس فقط انتصارًا لطهران، بل يعدّ نجاحًا ملحوظًا للوبي الإيراني في واشنطن National Iranian-American Council))، المعروفة اختصارًا باسم "ناياك"، حيث تقف أسرة "نمازي" خلف كواليس هذا اللوبي، ولعبت دورًا بارزًا في تقديم الاستشارات لأعضاء مجلس النواب الأمريكي في كل ما يتعلق بالمصالح الإيرانية.
وبحسب مقربون من أسرة "نمازي"، فإنها تفضل البعد عن السياسة وتميل للأنشطة الاقتصادية والمالية، لكنها كانت على علاقة جيدة بالرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني والرئيس الحالي حسن روحاني، الذي كان في السابق يترأس فريق إيران المفاوض بالشأن النووي، خلال رئاسة الإصلاحي محمد خاتمي لإيران.
وتدعم أسرة "نمازي" جناحًا إعلاميًّا ترويجيًّا يقوده "تريتا بارسي" (رئيس الرابطة الوطنية للأمريكيين- الإيرانيين/ناياك)، وهو مواطن سويدي من أصول إيرانية، حاصل الدكتوراه من جامعة "جون هوبكينز"، يعد من تلاميذ "فرانسيس فوكوياما"، كما أنه الصديق المقرب لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، حيث تعرف على "نمازي" في مؤتمر بقبرص عام 1999، عن "الحوار والتعامل بين الشعبين الإيراني والأمريكي"، قبل تأسيس اللوبي الإيراني في واشنطن عام 2001. وضمّ اللوبي الإيراني في واشنطن كثيرًا من الشخصيات الأمريكية من أصول إيرانية التي تحتل -في الوقت الحاضر- مناصب حكومية في واشنطن، وتعمل بقوة لصالح طهران وتنافس أي لوبي معادي للنظام الإيراني.
وبصفتها منظمة أمريكية غير حكومية تلقت الرابطة الدعم المالي في بداية تأسيسها من "الصندوق الوطني لدعم الديمقراطية" الأمريكي، بهدف بناء شق طريق نحو بناء علاقات مع إيران، على حد تعبير مؤسسها. وأكّدت الرابطة على صلاتها بشركة "همياران" التي تنشط أيضًا كمنظمة مدنية داخل إيران التي أسسها كبير أسرة نمازي، محمد باقر نمازي، لكن بعدما دافعت "الرابطة الوطنية للأميركيين- الإيرانيين" عن طهران توقف الدعم المالي الأمريكي عنها.
وأمام الدور الذي يلعبه اللوبي الإيراني، سعت المملكة العربية السعودية -مؤخرًا- لتنشيط وجودها الدبلوماسي والشعبي في عواصم صناعة القرار الغربية، بعدما أصبحت هذه الخطوة ضرورة مهمة، لاسيما بعد انتقادات لغياب اللوبي السعودي في تلك العواصم، ودوره في توضيح موقف المملكة في كل القضايا والرد على المزاعم التي تروجها وسائل الإعلام المعادية والموجهة.
وبحسب مراكز دراسات أمريكية، فإن الحكومة الإيرانية تستغل المنح الدراسية التي تقدمها الجامعات ومراكز الأبحاث في أمريكا لترسل رموزها تحت ستار الدراسة، منهم ثلاثة من نواب وزراء الخارجية الإيرانيين السابقين، أحدهم كان مستشارًا لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، حتى خلال عمله كباحث في جامعة هارفارد الأمريكية.
وتعمل الإيرانية الأمريكية جواشيري، ككاتبة خاصة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهي مساعدة لأوباما منذ كان عضوًا في الكونجرس الأمريكي، والتحقت عام 2007 بالحملة الانتخابية لأوباما، في قطاع التخطيط، وكانت الأولى في مجلس الأمن القومي بمنصب مستشار مساعد مستشار الأمن القومي، ويلعب هؤلاء وجهات مرتبطة بهم دورًا مهمًّا في الحرب النفسية التى تستهدف المملكة وجهودها عربيًّا وإسلاميًّا ودوليًّا.