تتحدث هذه السورة عن توحيد الله سبحانه وتعالى
وما يتصل به من الموضوعات
كبيان نعم الله التي تدل على وحدانيته وقدرته
وكبيان عذاب الله للكفار في الدنيا والآخرة
وتتحدث عن مواضيع متفرعة عن هذه المواضيع.
ومن هذه الموضوعات ضرب الله تعالى مثلين له ولمن يعبد من دونه أحدهما عبد مملوك أي: رقيق لا يملك نفسه ولا يملك من المال والدنيا شيئاً
والثاني حرُّ غنيُّ قد رزقه الله منه رزقاً حسنا من جميع أصناف المال وهو كريم محب للإحسان
فهو ينفق منه سراً وجهراً
هل يستوي هذا وذاك؟!
لا يستويان مع أنهما مخلوقان غير محال استواؤهما
فإذا كانا لا يستويان
فكيف يستوي المخلوق العبد الذي ليس له ملك
ولا قدرة ولا استطاعة
بل هو فقير من جميع الوجوه بالرب الخالق
المالك لجميع الممالك القادر على كل شيء؟!!
ولهذا حمد نفسه واختص بالحمد بأنواعه
فقال: الْحَمْدُ للّهِ.
فكأنه قيل:
إذا كان الأمر كذلك فلم سوَّى المشركون آلهتهم بالله؟
قال:
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ.
فلو علموا حقيقة العلم لم يتجرؤوا على الشرك العظيم.
والمثل الثاني مثل: {رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} أبكم: الذي يولد أخرس كل: ثقيل. مولاه: المولى: من يتولى أمره.
لا يسمع ولا ينطق و{لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ}
لا قليل ولا كثير {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ} أي: يخدمه مولاه
ولا يستطيع هو أن يخدم نفسه
فهو ناقص من كل وجه
فهل يستوي هذا
ومن كان يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم
فأقواله عدل وأفعاله مستقيمة
فكما أنهما لا يستويان
فلا يستوي من عبد من دون الله
وهو لا يقدر على شيء من مصالحه
فلولا قيام الله بها لم يستطع شيئاً منها
ولا يكون كفوا ونداً لمن لا يقول إلا الحق
ولا يفعل إلا ما يحمد عليه. انتهى.
بينت الآيات السابقة أنه لا يعقل أن يسوى بين الله سبحانه وبين الأصنام
كما لا يعقل أن يسوى بين العبد العاجز عن التصرف
وبين الحر الذي يفعل بماله ما يشاء من الخير.
وبالمثل الأخر كذلك
لا يعقل أن يسوى بين الله سبحانه وبين الأصنام
كما لا يعقل أن يسوى بين الأبكم العاجز عن البيان وزيادة على هذا العجز عن النطق
فهو لا يقدر على فعل شيء مفيد
لا يعقل أن يسوى بينه وبين الناطق الحكيم الذي يأمر بالعدل والخير
وهو أيضا ملتزم بهذا العدل والخير لأنه على صراط مستقيم.