ثورةُ البيان"
د عبدالله الغذامي
1. يقف المرء حائراً أمام كُتلِ المتغيرات المتسارعة في محيطنا المحلي والإقليمي؛
ولا سبيل إلى فهم هذه التفاصيل دون استحضار المشهد الكلي.
2. تفصيلات المشهد بمجموعها تُشير إلى رغبة أمريكية جادّة نحو " تفكيك بيئة التديّن في المجتمع السعودي"،
باعتباره حاضناً للتشدّد والإرهاب العالمي زعموا.
3. ولقد وافقت الرغبةُ الأمريكية -في أجزاء منها-رغبةً طموحة لدى بعض النافذين الصاعدين، هذا من جهة؛
ورغبة في التَّخفف من المكر والابتزاز الدولي من جهة أخرى.
4. وهذا هو ما يُفسّر كثيرا من المجريات الإقليمية، وما نراه من مفاجئات محلية؛ والشواهد الواقعية ظاهرة، لا تحتاج إلى عناء.
5. وتتنوع الوسائل في الحرب على تديّن المجتمع وهويته، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى ما قد يكون أخطرها؟!
6. حيث لم تَعدْ الماكينة التغريبية تعمدُ فقد إلى حفز المجتمع للفساد والتحلّل من التديّن والتفريط في شعائر الإسلام وشعب الإيمان،
وإنما قصدت مع هذا إلى خطٍّ جديد أشدّ خطورة، وهو (تبديل الدِّين).
7. ولو تأملنا في كثير من الأحداث والمواقف في الأشهر القليلة الماضية، سنجد أن أحد خيوطها الناظمة الجَهد في تبديل الدِّين.
8. حملات تبديل الدِّين رأيناها في الأيام الماضية مستعرة، تستهدف مرة خلع الحجاب ، بل حتى البكاء على مآسي المسلمين الإنسانية صار غلواً!!
وستستمر حملات التبديل لِتتجاوز أسوار التوحيد وحاكمية الشريعة على مناحي الحياة.
9. وليس من قبيل المصادفة أن تلتقي الأقلام الصحفية مع المسلسلات التلفزيونية والبرامج الوثائقية
والحوارية في سلخ ثوابت الدِّين عبر رسائل ماكرة ومبطَّنة.
10. وهناك رأي متصاعد يقوله الناس في مجالسهم، يرى أن الاعتقالات الأخيرة، ونوعية المعتَقَلين، تصبُّ في هذا الاتجاه!
وعلى العكس منها تلميع بعض الدعاة استبشارا بآرائهم الشاذة!
11. وفي بادرة غير معهودة، قدّمت الإم بي سي وقرينتها روتانا في رمضان برنامجين فكريين شرعيين، وفي فترة مميزة،
في آخر العصر؛ وكلاهما يستهدف التشويش وتبديل دِين الناس عموما، والشباب خصوصا، (يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله).
12. وهذا ليس بغريب!
فالله أخبرنا عن إرادة المنافقين تبديل الدِّين، قال الله تعالى عنهم: (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله).
ولأن حركة التغريب في البلدان والأماكن التي نجحت فيها وأثّرت كثيرا، إنما كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بتبديل الدِّين.
13. ولئن كان خطيراً جرّ المجتمع ليتفلّت من (الدِّين)، فأخطر منه (تبديله)،
من خلال لبس الحق بالباطل، وشرعنة الفساد والمنكرات، وتحليل الحرام وتحريم الحلال.
14. وإذا كان الاحتساب على التفريط في الدِّين واجبا، فأوجب منه الاحتساب على تبديل الدِّين.
15. والاحتساب على (تبديل الدِّين) يكون (بالبيان) وبثّ العلم الشرعي، وتحريك الدافع الإيماني في النفوس.
16. وليس أمام هذا الطوفان الفكري والضّخ الشُّبهاتي في سبيل (تبديل الدّين) إلا (ثورة البيان).
17. وأعني (بثورة البيان) أن يُساهم كلّ منا في إبراز الأحكام الشرعية وإظهار الحق وتبيين الثوابت والمحكمات،
عبر كلّ الوسائل والوسائط المشروعة المتاحة، وكلٌّ بحسبه، وقدر طاقته وقدراته.
18. فمع الانشغال المشكور بالاحتساب العملي لمدافعة الفساد ومنعه،
يُرجى مع ذلك أن تنفر طائفة لحفظ دين الناس من التبديل بالاحتساب البياني والتأصيلي.
19. وما أجمل أن يكون البيانُ: ذكيّاً، عصريّاً، يلامس احتياج الناس، ويفقه واقعهم، ناضحاً بالرحمة،
لايُشمّ منه نَفَس الاستعلاء والوصاية.
20. وغاية المقصود من هذه السطور: الحثّ لتكثيف (المدافعة بالبيان).