بعد الجرائم الفضيعة التي ارتكبها أرباب الفكر الخارجي الدواعش من تفجير المساجد وقتل الأقارب وقتل والديهم حتى وصل الأمر بهم للتفجير في الحرم النبوي وربما تلك الحوادث مع شناعتها إلا أنها كشف الوجه الحقيقي لداعش وبات الكل يعرف منهجها القبيح .
ويبقى السؤال كيف تدعشن هؤلاء الشباب وتبنوا فكر التفجير والإنحراف ؟
ولقد كتب الكثير من المفكرين والمحللين وأساتذة علم النفس والاجتماع وطرحوا كثيرا من الأسباب فمنهم من نسبها لصغر وحداثة سن هؤلاء وسرعة تأثرهم والبعض ربطها بالظروف الاجتماعية والبعض قال بأن العوامل السيكولوجية في تربية الشباب لها دور في ذلك وآخرون ذهبوا لأبعد من ذلك فجعلوا أن الألعاب الألكترونية لها الدور الكبير في انحراف أصحاب الفكر الضال حيث يتم دعشنة الشباب عن طريقها.
ولكن الكثير منهم أغفلوا الجانب المهم والأساسي الذي أدى بالشباب للإنحراف والإنجراف وراء هذا الفكر الخارجي المتطرف . وقد يكون هذا الإغفال إما جهلا أو ربما يكون متعمدا وهذه هي المصيبة والكارثة.
وحتى لا أبعد كثيرا عن صلب الموضوع أقول بأنه لا يمكن دعشنة الشباب إلا في حال وجود بيئة خصبة يمكن نشر الدعشنة من خلالها.
فالشباب أصحاب الفكر السوي لا يمكن بحال من الأحوال دعشنتهم بل العكس تجدهم يقفون ضد كل فكر ضال منحرف .
ولذلك داعش عندما تختار ضحاياها فلا تختارهم عبثا فقبل أن يبثوا سمومهم في فكر الشاب فإنهم أو ما يفعلونه يجسون ه ويعرفون خلفياته .
فإن كان لديه نزعة ثورية وتطلعات لخلافة مزعومة وتشكيك في ولاة الأمر والعلماء وامتعاض من إيقاف بعض أرباب الفكر الضال وتعاطف مع بعض الجماعات الإرهابية عندها يكون هذا الشاب هو الهدف المنشود الذي يسهل دعشنته وهذه هي البيئة الخصبة التي يمكن من خلالها غرس فكر التكفير والتفجير.
وهنا يأتي السؤال من الذي مهد تلك البيئة الخصية وجعلها لقمة سائغة للخوارج؟
وللإجابة على هذا السؤال نرجع قليلا للوراء ونسأل عدة أسئلة فهي سوف تكون يمثابة الجواب .
من الذي صاح في المنابر ويقسم بأن الخلافة قادمة ويراها ؟
من الذي قال فليموتوا ؟
من الذي شكك في العلماء عندما افتوا بحرمة الذهاب إلى ديار الفتن حتى وصل بعضهم بالقول بأن من افتى بذلك فهو كالجسد المنحط؟
من الذي ندد واستنكر وقوف ولاة الأمر مع مصر ودافع عن جماعة الإخوان الإرهابية؟
من الذي كان يغرد في وسم فكو العاني وكان يغمز ويلمز في رجال الأمن؟
من الذي ينافح عن فكر الإخوان الضال ويشجع على قراءة كتبهم التي تعج بالتكفير ؟
من الذي أجاز المظاهرات والخروج على ولاة الأمر وضعف أحاديث السمع والطاعة والبعض أولها حسب هواه؟
من الذي كان يلقي خطب الجهاد والنفير؟
من الذي جمع الشباب في ملتقيات لتعليمهم أسليب الثوارت والانقلابات؟
من الذي كان يجمع التبرعات ويرسلها لجهات مجهولة ؟
من الذي يمجد دولة غير دولته في حين أنه لا يترك شاردة وورادة في دولته إلا ويؤلب عليها؟
وغيره الكثير .
هؤلاء هم من أوجدوا البيئة الخصية بنشر فكر الخروج والثورات والانقلابات وعدم طاعة ولي الأمر والخروج عليهم وبالتالي ما بقي على داعش إلا اختيارهم بعد سبر فكرهم وتجنيدهم إما عن طريق التواصل المباشر أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى عن طريق الإلعاب.
وإذا كان البعض ممن ساهموا في تهيئة البيئة الخصبة للدواعش ينكرون على داعش فأقول لهم إذا كنتم صادقين فارجعوا عن ما كنتم تدعون إليه وأعلنوها صراحة بأنكم أخطأتم ووضحوا وبينوا للعامة المنهج الحق وفق منهجا سلفيا معتدل.
غير هذا فإنه لا يمكن مكافحة الفكر الداعشي مادام هناك من يحرث لهم والأرض ويخصبها ويجعلها صالحة لإنبات العلقم والزقوم .
وقد يقول قائل كيف كان لهؤلاء دور في تهيئة البيئة الخصبة مع أن مواقفهم تثبت بأنهم ضد فكر الدواعش؟
الإجابة وببساطة شديدة هل رأيت أو سمعت أو شاهدت أحد منهم أنكر وحذر من فكر القاعدة وجبهة النصرة أو فكر جماعة الإخوان الإرهابي؟
فالتهيئة وإن كانت بالأساس لخدمة فكر الإخوان والقاعدة إلا أنها تناسبت مع فكر داعش مضمونا ومنهجا.
فاستغلتها داعش لما لها من دعم قوي خارجي من قبل المجوس وأعوانهم.
وأخيرا نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وولاة أمرنا ووطنا وأن يرد كيد الكائد ويكفينا شر الحاقدين أنه ولي ذلك والقادر عليه.