الجمعة 2 ذو القعدة 1437هـ - 5 أغسطس 2016م محمد حبيب
(١) لعب الدكتور مرسى دوراً فى محاولة تشويه صورتى لدى الإخوان فى المناطق والشُعب فى القاهرة، وغيرها، على الرغم من أنى لم أسئ إليه فى شىء، بل إنه شارك مع الآخرين (محمود عزت، جمعة أمين، محيى حامد، محمود حسين، وغيرهم) فى توجيه أعضاء مجلس شورى الجماعة فى انتخابات مكتب الإرشاد عام ٢٠٠٩، لاختيار أشخاص بأعينهم من ناحية، وإقصاء آخرين (أنا وعبدالمنعم أبوالفتوح) من ناحية أخرى، بما يعد فضيحة وخيانة صريحة للأمانة، ولا أدرى كيف استساغ هؤلاء وأولئك هذا السلوك اللا أخلاقى؟!
ولأن الدكتور مرسى كان يشرف على موقعى «إخوان أون لاين» و«إخوان ويب»، فقد كلف بإصدار تعليمات لرئيسى تحريرهما، بأن يقوما «بتلميع» جمعة أمين الذى وقع عليه اختيارهم «بليل» كى يكون مرشداً(!) لكن الاختيار لم يلق قبولاً لدى خيرت الشاطر الذى شكك فى ذمة الرجل المالية، فتم الانتقال إلى الدكتور محمد بديع على اعتبار أنه من أبناء تنظيم ٦٥ من ناحية، ولأنه من «الفرقة» التى يقودها ويهيمن عليها الدكتور محمود عزت من ناحية أخرى(!) والحقيقة أنه لم يكن هناك مبرر لذلك كله، فليس هناك أبشع من أن يكون الإنسان غاشاً، أو مخادعاً، أو كاذباً، خاصة إذا كان فى جماعة المفترض أن مهمتها الأساسية هى الارتقاء بمنظومة القيم الأخلاقية والإيمانية والإنسانية على المستوى المجتمعى العام، فى تلك الفترة حدث، عقب صلاة الظهر فى أحد الأيام، أن تقدم منى أحد الإخوان الذين يعملون مع الدكتور مرسى فى القسم السياسى، ليسلم علىّ وليستطلع رأيى فى بعض المسائل السياسية، وما كان هذا المشهد ليمر على الدكتور مرسى، فقد استدعاه وقال له: ماذا كنت تقول له؟ لقد كان هذا الشاب يقوم بالتحضير لدرجة الدكتوراه، وقد وعده الدكتور مرسى بإعطائه مبلغ ١٠ آلاف جنيه (من مال الجماعة)، لشراء بعض المراجع حتى يتسنى له إنجاز العمل فى الرسالة بأسرع ما يمكن، وكان قد أعطاه منها مبلغ ٣ آلاف جنيه، ولما ذهب إليه بعد الواقعة سالفة الذكر ليأخذ ما بقى، فما كان من الدكتور مرسى إلا أن قال له: اذهب إلى الدكتور حبيب كى يعطيك ما تريد(!)
(٢) إن المتأمل لسيرة ومسار الدكتور مرسى داخل جماعة الإخوان -على الأقل منذ عرفته عام ٢٠٠٠- يلاحظ أنه كان دائماً تابعاً، لا قائداً، لم تكن لديه ملكة القيادة، ولا حتى استقلالية الرأى، كانت حركته ومواقفه مرتبطة فى أغلب الأحيان بمن يملك السلطة، وفى هذه الحالة يكون هيناً ليناً، مهذباً مؤدباً، منصاعاً منقاداً.. فى جلسات مكتب الإرشاد كان يعمل ألف حساب للدكتور محمود عزت، لأنه أيقن فى مرحلة ما أن الأخير تمت له السيطرة على مفاصل التنظيم عن طريق صهره المرشد «عاكف» الذى ترك له «الحبل على الغارب» يفعل ما يشاء دون رقيب أو حسيب، كان الدكتور مرسى إذا أخذ الكلمة ينظر إلى ملامح «عزت»، فإذا وجده منفرج الأر استمر فى الحديث، وإذا ما لاحظ تقطيباً، توقف عن الاسترسال، ومن العجيب أن المرشد «عاكف» كان يلحظ ذلك، وقد لفت نظرى إليه أكثر من مرة، لذلك كان خطأ استراتيجياً وقعت فيه قيادة الجماعة عندما رشحته لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية خلفاً لخيرت الشاطر، لقد كان اختيارها فى الحقيقة ينبع من أنه سوف يسمع لها ويطيع، ولن يبرم أمراً دون مشورتها أو استئذانها، هكذا كان تقييمها للأمر، لم تكن تدرك أن هذه هى بداية النهاية، مع ذلك، لا أنكر أنى وقفت داعماً له فى الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة التى فاز فيها، حيث كنت أعتبر فوز الفريق أحمد شفيق كارثة، كنت فى خيار بين مصيبتين، مصيبة مرسى ومصيبة شفيق، وكانت الأولى أهون بالنسبة لى، أو كما قال عمر رضى الله عنه خير الشرين، وفى اللحظة التى أعلن فيها فوز الدكتور مرسى، حمدت الله تعالى وسجدت له شكراً، لقد كان الدكتور مرسى يقوم دائماً بدور الاحتياطى، «الاستبن»، فهو يحتل مكان خيرت الشاطر حال تركه للمواقع التى كان يشغلها، مثل الإشراف على موقعى «إخوان أون لاين» و«إخوان ويب»، ومسئولية إخوان القاهرة الكبرى، ومسئولية الاتصال بإخوان الخارج، وهو الذى احتل أيضاً مكانى فى الإشراف على الكتلة البرلمانية بعد أن تركتها عام ٢٠٠٨، وهو الذى احتل كذلك مكان الشاطر فى الترشح لرئاسة الجمهورية.
(٣) بعد مرور أيام قليلة من تولى الدكتور مرسى منصبه، كان واضحاً لكل ذى عينين أن زمام الأمور لم يكن بيده، بل بيد الآخرين الذين يقبعون فى مقرهم بحى المقطم، ولا شك أن خروج عشرات الملايين يوم ٣٠ يونيو يطالبون بإسقاط «حكم المرشد»، كان له مغزاه ودلالته، إذ كانوا يعلمون أن القيادة ليست فى قصر الاتحادية، لكن فى مقر الإخوان بالمقطم(!) إن قيادة الجماعة هى التى رشحته، وهى التى أمرت كل عناصر التنظيم بالاحتشاد حوله والدعوة له وتعريف الجماهير به، وهى التى دعمته مالياً وصرفت على حملته الانتخابية من الألف إلى الياء، وهى التى قامت بالتنسيق مع فصائل التيار الإسلامى لاستجلاب الأصوات له، باختصار، صنعت له كل شىء، فلماذا لا يسمع لها ويطيع؟! لم يستطع الدكتور مرسى أن يستوعب أو أن يملأ المكان والمكانة التى وصل إليها بانتخابه رئيساً لمصر، كان مبهوراً، مذهولاً، وغائباً عن الوعى والإدراك، لذا، بدا متردداً، حائراً، مضطرباً، مرتبكاً، ومربكاً، كان مشدوداً إلى الجماعة التى صنعته، غير قادر على التفكير بعيداً عنها، هو لم يتعود أن يكون مستقل التفكير، وكانت مصر أكبر منه ومن الجماعة.
(٤) عقب إعلان فوزه فى انتخابات الرئاسة، كان المفترض أن يقسم الدكتور مرسى اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا به يقسم اليمين ٣ مرات؛ مرة فى ميدان التحرير، ومرة فى جامعة القاهرة، ومرة أمام المحكمة الدستورية، لقد كنا أمام سلوك طفولى، غير واع وغير مدرك للواقع، لم يكن هناك قدر من النضج، سواء عنده أو عند من يوجهونه، يجعله يتصرف بعقل وحكمة فى المواقف المختلفة، وهو ما أدى إلى دخوله منذ البداية فى مواجهة مع السلطة القضائية؛ ممثلة فى المحكمة الدستورية العليا، وفى تصريحاته ومواقفه، لم يكن رئيس دولة، ولا حتى رئيس حى من أحياء القاهرة أو الإسكندرية أو أى محافظة أخرى، كانت الألفاظ التى يتفوه بها موحية ومعبرة (القرد، القرداتى، الأصابع التى تلعب، والحارة المزنوقة.. إلخ.)، وكانت الخطب والكلمات الكثيرة التى ألقاها فى المساجد، عقب الصلوات، تدل دلالة واضحة على أن الرجل لم يكن مدركاً لطبيعة الدور المنوط به.
*نقلا عن صحيفة "الوطن".
تلمساني آخر ينتقد القطبيين وأنهم أنهوا الجماعة الاخوانية الارهابية
اخر النهار - محمود سعد مع القيادي الاخواني السابق مختار نوح وتصريحات خطيرة