جاءت إجازة نهاية الأسبوع ، وهي بمثابة نهاية الكدر والضيق اللتي يعقبها فترة فاصلة للترويح عن النفس من عناء المشاغل وضغوط الحياة وتكالب المنغصات والمشاكل ، فلابد من مخرج لنسيان الهموم وتبديل الهدوم ، والبعد عن حياة الضجر، والسهر ، وزحمة السيارات ، والمساقطات والمهاترات .
وكان فيه أربعة من الرجال الأوفياء اللذين جمعتهم الصداقة والمحبة ، فهم مثل الاشقاء النجباء ، التؤم في الصفات وفي النفسيات ، وفي حسن السريرة ، ونور البصيرة ، فقد ولدوا في البادية وفيها ترعرعوا ، وفي الصيد منذوا الصغر قد برعوا ، ومن الصعاب قد أنكوو وعتقوا ، فهمتهم همة عالية ، وقلوبهم من الحسد والبغض خالية ، ولدوا في منطقة فيها صفاء فعشقت أنفسهم النقاء والوفاء ، تربوا في شضف من العيش والعسر ، فأخذوا منذو طفولتهم الجرعة الثلاثية القوة والثبات والصبر.
صفاتهم متقاربة وقوتهم قوة ضاربه ، وقد تربوا على العزم والإقدام ، فهم لا يخافون من الخلاء والظلام ولا من الأسد الهمام ، يسافرون على أقدامهم في الليل البهيم ، ولا يرضون بالقهر والظيم ، وهم منذوا الطفولة أصحاب إقدام وبطولة ، وفي الصيد مولعين ، وقد صاروا بعد الكبر من الأكابر ، فهم يعملون في تجارة السيارات ، وفي المقاولات والعقارات ، ولكن هوايتهم هي غايتهم وأمنيتهم ، فهم محبين للصيد ، وللبر والرحلات ، فلا يحبون الإستراحات ، والمقاهي ، ولا المطاعم والملاهي ، ولا التدوج في الكورنيش والاسواق ، ولا هم للسفر للبحث عن الضياع عشاق ، ففي نهاية كل الأسبوع ينطلقون الرفاق في الأفاق ، فيطلقون النظر في الفضاء الفسيح اللذي فيه الأنفس لها المكان يطيب وفيه تستريح .
وفي نهاية كل أسبوع يطلعون برحلة برية ، يرونها في إنفسهم كمراء سجين إطلق من السجن فأحس بالحرية ، يطلعون للصيد ، فلا يهمهم اكان المكان قريب أو بعيد ، وليس الوقت لديهم محدد ، فالوقت لديهم يمكن أن يمدد ، فكل واحد منهم مشتاق للصيد وبرفقة أصدقاءه فرح وسعيد.
أجتمع الأصدقاء في عصر يوم الخميس ، فهو يوم فرح لهم وأنيس ، وكانوا مرتبين للرحلة من من الاسبوع الماضي، وكل واحد منهم متكفل بنوع من المقاضي ، وقد شيك علا قايمتها ليتأكد إن الأغراض كاملة .
كل واحد منهم أتا بسيارته إلى منزل من عليه الدور في الرحلة ، فهم من السابق متفقين ومتفاهمين ، بأن الرحلة عليهم بالدور ، والدور علاهم يدور .
وكان الدور في هذه المرة على مشبب ، وقد وصلوا إلية صلاة العصر ، ووضعوا أغراضهم في سيارته ، وخرجوا من المدينة الى البر قبل صلاة المغرب .
وفي الطريق وقفوا في أحد المحطات ، وصلوا صلاة المغرب والعشاء ، جمعاً وقصر ، فهم في سفر ، ومروا على البقالة ، وأشتروا حزمتين حطب ، لكي يشعلون فيها المشب ، وأشتروا كراتين ماء ، وثلج ، ووضعوه في الترمس ، وبطاريات لكشافاتهم ، فهم سوف ياصلون لمكانهم في ليل خرمس .
وصلوا الى مكانهم في البر قبل منتصف الليل ، فأوقفوا سيارتهم في راس ريع ، وفرشوا لهم فراش وسيع ، وأنزلوا جميع الأغراض والمتاع ، وشبوا المنارة في ذلك المكان ، حتى أن من يراها من بعيد ، يظن أنها نار بركان .
وكانوا على ترتيب رحلتهم ومهامهم متفقين وبدون تكلف ، ولكي لا احد منهم يأثم ويحلف ، فكل رحلة يقوم أثنين منهم بالخدمة ، وإعداد القهوة والعشاء ، أو الغداء .
عملوا النشاما قهوتهم وتقهووا ، وعملوا عشاهم وتعشوا، وقد أنتصف الليل وزلت بعده ساعه ، والنجوم في السماء لماعة ، وتوسطت من كبد السماء مجرة درب التبانة ، وأرتاحت وهداءات النفس الشقيانة ، فأذرحت الصباء بريحة الصحراء ، فشهقت أنفسهم لها بعمق وشعروا بالراحة ، والصدر أحس بأنشراحه ، وبداء عليهم النعاس ، فلا وسواس ، ولا أصوات ضجيج لمعدات أو ناس ، ولا نكد وضيق ، فناموا نوم عميق ، وقاموا مع طلوع الفجر ، وصلوا الصلاة ، وهم نشيطين ، ولربهم متقربين ، وفي رحمته وستره طامعين .
بعد أن فكوا الريق ، كل واحد منهم سار على قدميه في طريق ، ولا يعلم المرء ماذا ينتظره في لحظة من اللحظات ، والله سبحانه هو المنجي من الكربات .........