قبل عدة عقود من الزمان ، كان فيه مجموعة من العربان ، يريدون أن يحجوا لبيت الرحمن ، فأجتمعوا في ديرتهم ، وقرروا المسير ، الى الحج ، وكان عددهم عشرة رجال ، وقاموا بجمع تكلفة الحج وتسليمها لرجل منهم يثقون في أمانته ، وفي لباقته ، وفي حسن تصرفه ، في شراء الأغراض اللتي يحتاجونها ، من أكل وشرب ، ومستزمات لهم في الدرب وقد وضعها في كمر كبير ، وجعله على خصره مستدير .
أتجهوا الى مكة المكرمة ملبين ، و لربهم سأئلين المغفرة من الذنوب ، وأنفسهم عن المعاصي في هروب ومن عمل كل منكر قد ندمت وهي تستغفر الرحمن وإليه تتوب .
بعد وصولهم إلى مكة المكرمة والبدء في شعائر الحج ، وأثناء إقامتهم في مشعر منى ، ذهب الرجل اللذي معه قطة جماعته المالية ، وهو لديهم بمثابة وزير المالية ، ذهب لشراء بعض الأغراض من المحلات ، فهو مشهور عند جماعته بالمكاسرات والمهاودات لكي يحصل على تخفيضات من أصحاب المحلات .
وأثناء سيره في الطريق ، الا وبجانبه أمراءه تمشي كأنها بطريق ، طولها يساوي عرضها ، لابسه ثوب أبيض وله في طريقه معترضه ، كأن لبسها لبس ممرضة ، وجهها مستدير وجسمها كأنه كيس شعير ، لصقت فيه ثم أبتعدت ، ثم مالبثت أن أتت إليه مسرعة وهي تنادي عليه ، وتضع يديها على كتفيه ، بعد أن نفذت خطتها ولطخت إحرامه بالأوساخ ، وتقول له ياااا حاق ، إحرامك فيه إذورات ، فألتفت وإذا على حرامه قذورات وبها قد تلطخ ، فمشى في الطريق فتبعته ونادت عليه ، وقالت له الماء هنا ياحاق أغسل إحرامك ، فنظر فإذا هي تشير إلى حنفية ماء قريب ، وهي المرحلة الثانية من خطة النشل ، حيث وجهته إلى جماعتها الحنشل ، فأتجه إليها ، وإذا عند ذلك الماء رجال مجتمعين يعبون منه ماء في جكات ، كأن أجسامهم صبات ، وهم يتدافعون ويتخاصمون ، فلما أقترب منهم تفرقوا ، وقال أحدهم دعواء الحاااق يدخل يارقاله ، فأفسحوا له الطريق ، وقال لهم جزاكم الله خير على حسن أدبكم وأخلاقكم أيه الحجاج المحترمين .
فما أن فتح الماء وبداء في غسل الأحرام ، الا وقد انتهى وقت الأحترام فهجموا على الماء في الحال ، كأنهم جمال ، يضربها بالسوط دلال ، لإدخالها داخل شبك صغير وهي جمع كثير .
فتدافعوا عليه ثم تفرقوا بعد أن طرحوه أرضاء ومردغوه .
فنهض من الأرض وإذا لم يكن بجنبه منهم أحد ، فنفض إحرامه ومشى ، وإذا بوضع كمره مختلف ، فهو على وسطه يدور ويلف ، بعد أن كان شاده بصلف .
نظر إلى حزامه وإذا هو مشروط بمشرط ، والنقد منه قد أنفرط ، فلا يوجد به ولا ريال ، فصاح في الحال وأصابه مثل الخبال .
رجع الى جماعته وأخبرهم بما حصل له وسبب تأخره .
فيجب الحذر من النشالين ، لا سيما ونحن الأن على الحج مقبلين .
تقبل الله من الحجاج حجهم وغفر لهم ذنبهم ، وأهلك الحرامية والنشالين ، اللذين يسرقون المسلمين ، سلط عليهم الأسقام والبلاوي العظام .