بعضا من سيرته:
عن أبي حسان البصري عيسى بن عبد الله قال: سمعت الحسن بن عرفة يقول: قال لي ابن المبارك: استعرت قلماً بأرض الشام فذهب عليَّ أن أرده إلى صاحبه فلما قدمت مرو ونظرت فإذا هو معي فرجعت --- إلى أرض الشام حتى رددته على صاحبه.
عن وهب بن زمعة حدثنا معاذ بن خالد قال تعرفت إلى إسماعيل بن عياش بعبد الله بن المبارك ، قال : فقال إسماعيل بن عياش : ما على وجه الأرض مثل عبد الله بن المبارك ولا أعلم أن الله خلق خصلة من خصال الخير إلا وقد جعلها في عبد الله بن المبارك، ولقد حدثني أصحابي أنهم صحبوه من مصر إلى مكة فكان يطعمهم الخبيص وهو الدهرَ صائم.
عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي قال: بلغنا انه [يعني ابن المبارك] قال للفضيل بن عياض: لولاك وأصحابك ما اتجرت، قال أبي: وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مئة ألف درهم.
عن سلمة بن سليمان قال جاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فسأله أن يقضى ديناً عليه فكتب له إلى وكيل له فلما ورد عليه الكتاب قال له الوكيل: كم الدين الذي سألت فيه عبد الله أن يقضيه عنك؟ قال: سبعمئة درهم فكتب إلى عبد الله: إن هذا الرجل سألك ان تقضى عنه سبعمئة درهم وكتبت له سبعة آلاف درهم وقد فنيت الغلات فكتب إليه عبد الله: إن كانت الغلات قد فنيت فإن العمر أيضاً قد فني فأَجِزْ له ما سبق به قلمي.
عن محمد بن عيسى قال: كان عبد الله بن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس وكان ينزل الرقة في خان ، فكان شاب يختلف إليه ويقوم بحوائجه ويسمع منه الحديث ، قال: فقدم عبد الله الرقة مرة فلم ير ذلك الشاب وكان مستعجلاً فخرج في النفير فلما قفل من غزوته ورجع [إلى] الرقه سأل عن الشاب قال: فقالوا: إنه محبوس لدين ركبه ، فقال عبد الله: وكم مبلغ دينه؟ فقالوا: عشرة آلاف درهم ، فلم يزل يستقصي حتى دُلَّ على صاحب المال فدعا به ليلاً ووزن له عشرة آلاف درهم وحلَّفه أن لا يخبر أحداً ما دام عبد الله حياً ، وقال: إذا أصبحت فأَخرج الرجل من الحبس ، وأدلج عبد الله ، فاخرج الفتى من الحبس ، وقيل له : عبد الله بن المبارك كان هاهنا وكان يذكرك وقد خرج ، فخرج الفتى في أثره فلحقه على مرحلتين أو ثلاث من الرقة ، فقال يا فتى أين كنت ؟! لم أرك في الخان ! قال : نعم يا أبا عبد الرحمن ، كنت محبوساً بدين ، قال : فكيف كان سبب خلاصك ؟ قال : جاء رجل فقضى ديني ولم أعلم له حتى أخرجت من الحبس ؛ فقال له عبد الله : يا فتى احمد الله على ما وفق لك من قضاء دينك ، فلم يخبر ذلك الرجل أحداً إلا بعد موت عبد الله.
عبد الله بن المبارك
الإمام العالم والفارس المجاهد
أفنى عمره في الأسفار
حاجًا ومجاهدًا وتاجرًا مع الله