الأذان الصادح في معظم بلدان العالم الإسلامي هو نوع من الفولوكلور الذي يطغى فيه مقصد الطرب على مقصد التبليغ. بل صار الأذان نغمة موسيقية توضع في رنات الهواتف الجوالة هذه الأيام
وبعضهم يستدل بحديث " فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتًا منك" ومعنى أندى: أقوى نداء وأبعد صوتًا، وقيل: أجمل وأعذب، ولكن فرق بين نداوة الصوت وجمال الصوت وبين التغني به وتمطيطه.
حضرت مرة الباحث محمود الطناحي رحمه الله فقال: حين أسمع صوت الأذان النجدي أشعر أن هذا هو أذان الصحابة.
ولكن حتى نجد استهوى كثيرًا من مؤذنيها الفولوكلور الحجازي بحكم كثرة زياراتهم للحرمين الشريفين وشيوع الأذان المكي والمدني المطرب في الإذاعة والتلفاز، فصارت كثير من المآذان النجدية تصدح بالطرب الحجازي
والشيطان حريص على صرف العبادات من مقصدها الشرعي إلى مقاصد دنيوية وإفراغها من روحها الديني، فأيّنا لا يهزّه الطرب، ولكنه طرب لا يقرّب من الآخرة؛ لأنه ليس ضمن الإطار الشرعي.
وقد استخفّ الشيطان المؤذنين في بعض بقاع العالم الإسلامي، فجعلوا لكل صلاة نوعًا من الطرب في الأذان، فأذان الفجر تختلف نغمته عن أذان الظهر، وأذان الظهر يختلف أداؤه عن أذان العصر، وهكذا.
وتفلّت النفس من المقاصد الشرعية إلى اللذات الدنيوية حاضر لا يغيب، لذا انتبه له السلف في موضوع الأذان بمجرد أن أطلّ برأسه.
فثبت في صحيح البخاري أن عمر بن عبد العزيز قال لمؤذن له: أذن أذانًا سمحًا وإلا فاعتزلنا، وروى عبد الرزّاق في (المصنّف) عن جعفر بن سليمان الضّبعي عن يحيى البكاء قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنه يقول لرجل: "إِنِّي لأبغضك في الله" ثمّ قال لأصحابه: "إنّه يتغنّى في أذانه ويأخذ عليه أجرا !"