مرحباً يا رفاق... هذه مذكراتي ..أرجو أن تستمعوا إلي ... ...أعيروني أسماعكم قليلاً قبل أن ألفظ أنفاسي الأخيرة ... الحقيقة أنني لا أريد أن أموت قبل أن تعرفوا ما حدث لي .. اليوم أحكي لكم رحلة المرض المرض الذي استطاع أن يهزء ببرستيجي إلى أقصى حد كنت لا أتصوره أساساً... طبعاً أنا الآن أنهيت استخراج الجواز الأخضر، بعد أن طلعت عيني - حقيقة لا مجازاً - كنت أتصور أن هذه نهاية الشقاء ، لكن كان علي أن أستخرج تصريح السفر.... فأنا ما زلت صغير السن طيشاني كنت قد اتفقت مع أهلي أن يرسلوا لي مالاً يساعدني في سفري لبريطانيا العضمي بريطانيا الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لقد كنت أتخيل أنني سأستلم كل شيء ثم أستكمل رحلتي حجزت أم لم أحجز .. الحقيقة أنني كنت واهماً... لم أجد شيئاً في البنك ... وهكذا كانت الصدمة ... غريب .. في بلد غريب .. وجيبك فارغ كعقل طفل رضيع... ذهول تام وصدمة بيزنطية .. أخذت أنظر للناس في ذهول... كل من هنا سعيد هانئ بحياته وبيومه ، وأنا مازلت أنظر للناس في ذهول .. كل البشر هنا يتحدثون ويأكلون ويشربون ويعاكسون في مرح.. وأنا أنظر في ذهول ... طبعاً كان موقفي كموقف اليهود في المحارق النازية .. وبغباء ظللت أمشي مشياً دون هدى ... الحقيقة يا صديقي أنني كنت وقتها كشحاذ أخرق ... أو هكذا شعرت ... يمكنك أن تتخيلني ، بقميصي البني ، وقد أصبح وجهي أحمر كالطماطم . طبعاً لا أعرف أحداً في المكان إلا نفسي... والغريب أنني بدأت أشعر بدوار شنيع وألم في عيناي وجسمي كله ، بعد الكثير من المشي .. أظن أن الزمن كان شبه مفقود بالنسبة لي.... ( عرفت فيما بعد أنها أعراض الكبد الوبائي)... هذا ألعن يوم في حياتي ، ولتحل علي اللعنة إن لم أجد من ينقذني... لذلك أخذت أهيم على وجهي .. ما شاء الله ، ما هذه الفنادق !!... الحقيقة أن الناس بدو كالضفادع التي تتسلى بركوب الجمال أثناء الفترة الدراسية .. طبعاً هذه معلومات حربية تؤذي محمد علي كلاي ذاته إن كنت لا تعرفه.. لا تعرفه؟؟ إنك تؤكد لي تماماً بهذا الجهل الخارق أنك لا تعرف شيئاً عن الأزياء .. هذه.. هكذا بدأت أهذي ... وأصارحكم أنني بدأت أدندن بأغنية أحمد عدوية زحمة يا دنيا زحمة على سبيل الترويح عن النفس... بكيت كثيراً وتمخطت كثيراً ... المهم أن الليل انتهى دون رجعه ... لقد حصلت على المال في مساء اليوم التالي.. طبعاً لن أحكي لكم ما حدث فيه.. من قال إنني مطالب بتفصيل كل شيء... إن والدي لهو شخص نبيل فعلاً إن كنت لا تعرفه .. وهكذا ركبت قطار العاشرة .. طبعاً ركبته كما يركبه أي شخص آخر .. لكن ثمة فرق بسيط .... .. لم أركبه بطريقة رسمية إن شئت الدقة... لقد أصبح أمامي هدف واحد .. في القطار بدأت أشعر ببرودة غريبة .. إن شعور الثلاجة ممتع حقاً إن كنت تفهم ما أعنيه ، لو لم أتغطى الآن لأصبحت دجاجة مثلجة .. وهكذا اشتريت بعض الجرائد .. وتغطيت بها.. لكنني أحسست أنني مريض فعلاً .. هنا كانت البداية الحقيقة للمرض... وطبعاً كان الطريق إلى وجهتي هو نهاية الترف الحقيقي.. بعد هذا جاء صاحب الكرسي ليركلني عنه بكثير من القرف... لذلك وقفت ساعة ثم انهرت نائماً على الأرض كالخرتيت.. وقبل الوصول كنت قد استيقظت من نومي.. لو جربت يا صديقي النوم على الأرض لمرة واحدة لأحسست بأن فيلاً تمدد فوقك على سبيل الراحة ... إن تكسر أضلاعك هو أول ما سيجذب انتباهك في الحقيقة المحضة ، لكنني كنت في عالم آخر... دوار دوخان ارتجاف غثيان آه نسيت أن أقول لكم إنني فقدت الوعي لمدة لا بأس بها في القطار ... هكذا وصلت إلى وجهتي وقد انحنى ظهري كعجوز قمئ... الحقيقة أن الشيء الوحيد الذي أعانني على الإستمرار في هذه الحياة وساعدني في الحصول على الأمل هو صديقي عادل المعجل ...ذلك الطيب الجميل الأمور اللطيف المهذب الخلوق ... ولمن لا يعرفه أقول له إنه .... عادل المعجل عادل المعجل هو شاب يلبس قميصاً برتقالياً وجينزاً أزرق إن كنت تعرف شيئاً كهذا .... لاشك أن قميصه من النوع الذي إذا انسكب قليل من الشوربة الخضراء عليه اتسخ تماماً ... لكنني أؤكد لكم أن جينزه يتحمل حرارة الشمس... إن قماش القميص مصنوع من ...من... آآآآآآآممم .. نعم من خيوط محلية مئة في المئة... لذلك فإن الكمية محدودة ... بادر بشراءالـ... أوه أظنني خرجت عن الموضوع كثيراً هذه المرة ... من الواضح أنني شارفت على الجنون.... لنعد إلى عادل المعجل .... لقد قابلت عادل المعجل أول ما عرفته في فيلا ابوبدر... وابوبدر إن كنت لا تعرفه من ذلك الطراز الذي يملأ الدنيا عويلاً لأجل بعض الغبار في فيلتة... أحياناً أحسبك عبقرياً لكثرة استنتاجاتك .. المهم أنني وسط زحمة الدروس ... ووسط حرارة الصيف المميزه ... ووسط لعاب ابوبدر الذي يتطاير مع صراخه على وجهي كثيراَ على سبيل الاستجمام النفسي... ووسط الامتحانات والمحاضرات والاستذكار والمراجعة و النوم كالقتلى ...... قابلته.... نعم قابلت عادل المعجل لم أهتم له كثيراً للوهلة الأولى ... الحقيقة أنه بدا لي سخيفاً لزجاً غبياً مصاباً بالسكيزوفرينا والشيزوفرينيا والكوليستروفوبيان والسوشيالفوبيان .. والبانيك أتاكس .. خصوصاً البانيك أتاكس هذه.. من فضلك لا تسألني عن معناها... إنك بذلك تضعني في مأزق مخيف... لكنني في ما بعد وجدت أنني كنت مخطئاً تماماً... ... عادل المعجل ملاك طاهر إن أردت الدقة ... إنني قابلت أناساً يستحقون ( في رأيي ) حطب جهنم ... أمقت الشر ... لو كنت تتصور أنني أعشق الخبث والمكر والحقد واللؤم فأنت مخطئ حتماً... أنت تثبت لي بذلك أنك لا تعرفني... ( من قال إنك تعرفني أصلاً ...هههههه).. أرجو منكم أن تستمعوا إلي قبل أن تخرج روحي كلها ... بقي القليل يا رفاق ... لم تخرج كلها بعد ... مازال ثمة بقية منها تساعدني على الثرثرة ... سوف أحكي لكم عن مواقف عادل المعجل معي اللتي وعدتكم بها ... وحكاياتي اليوم ليست موجهة في الحقيقة إلى كل الناس ... إن حكاية اليوم لن ترحم من يستمعها من البكاء للوفاء الذي يظهر النقاء تحياتي للأوفياء الواقع أنني أنصحك بأن تستعد بأدوات الطوارئ جوارك ... لا تحملني من فضلك تبعات من يسقط منا ومن يصاب بالإكتئاب ومن يموت بالسكتة الدماغية ومن ينتحر عن طريق شرب الدموع حتى يشرق ... لكنني مستعد لأولئك الذي يصمدون إلى نهاية المطاف حيث لا رجعة ... إلى نهاية النزهة حيث لا عودة ... كثيرة هي المواقف التي نمر بها ... لكن هذه المواقف التي أحكي لكم هي عنوان الفخر الإنساني الذي يمكن أن يتصدر أعتى كتب الوفاء البشري إن أردت الدقة ... هذه المواقف هي خلاصة الشهامة التي من الممكن أن تسمع عنها في أحلامك النادرة ... في نشوة الحلم... وفي نزوة الابتسامة.... في صحوة الفجر الحالم ... وفي منتصف الليل الرهيب المهيب ... أرمقه شامخاً فاتناً جميلاً يسدي المواقف بالكيلو وبالاثنين كيلو ...في روعة اللحظة ... وفي تأملاتي لوجهه الصبوح ... أشاهده يتحول إلى آلة كرم ونخوة ومروءة تشفي السقيم وتسقم الشرير ... هذا لعمر الله ليس بشراً ... قد تقول إنني أبالغ.... لكنك تقول ذلك وأنت تقرأ هذا الكلام وعلبة الفيشار بالزبدة أمامك ، عدا التفاحة في الصحن أمامك والذبابة تحوم حول رأسك الآن ... أنت تقرأ هذا الكلام واضعاً رجلاً على رجل ... ولربما تقول ...: أف !!! مال هذا المعتوه... فليذهب هوا و عادل المعجل هذا إلى جهنم وليرحنا وليرح رأسنا ولتحل عليهما اللعنة!!! لكنني أقول: عندما تقرأ ما أسطره هنا سوف تندم على حكمك المتسرع .... . . . يتبع . . .