لم يعد أحد من سكان تلك الضاحية الشعبية في حي البلد القديم بجدة، يستغرب من مرور سيارة فارهة تحمل علمًا أجنبيًا، لتتوقف في هذا الشارع الضيق أمام باب مقبرة الخواجات.
ولم يعد أحد يندهش إذا صادف سفيرًا أوروبيًا يدخل إلى هذا المكان القديم بالقرب من المنطقة التاريخية بجدة، حاملًا بيديه إكليلًا من الزهور قاصدًا أحد اللحود العتيدة داخل المقبرة، حيث يرقد هناك جندي بريطاني لقي مصرعه في الحرب العالمية الثانية عام 1945م.
فمقبرة الخواجات كما يعرفها أهالي المنطقة، هي مقبرة مخصصة لغير المسلمين في مدينة جدة، وهي الوحيدة بالمملكة. وما إن يباشر قنصل من قناصل الدول الغربية بجدة مهامه إلا ويقوم بزيارة تلك المقبرة العتيقة، ويضع إكليلًا من الزهور على جثمان ذلك الجندي المسجى هناك. على الرغم من أن المقبرة تضم رفات بعض من يلقى حتفه من غير المسلمين الوافدين، الذين قدموا للعمل بالمملكة.
ويوضح نائب القنصل العام للقنصلية الأثيوبية بجدة مختار محمد في تصريح خاص لـ“المدينة” أن زيارة القناصل الغربيين الجدد للمقبرة تأتي في أولى محطاتهم ومهامهم العملية، مبينًا أن تلك الزيارة التي يقوم بها السفراء غالبًا ما تحمل في أجندتها وضع أكاليل الزهور والورود على بعض القبور، يتبعها تسجيل السفير اسمه وتاريخ زيارته في سجل خاص للزوار.