"اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة"، هكذا أعلنها عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ مدوية صريحة بليغة. ويحق التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء تعوذ الخليفة الثاني لرسول الله _صلى الله عليه وسلم_ من الصنفين من الرجال: الفاجر المثابر والجريء القوي، ومن الثقة الصالح السلبي المستكين، ( الذي لا يهش ولا ينش ) ، ويكفيه أنه في حاله، لا يسكن أبعد من ثيابه، ولا يرى أكثر من أنفه. فلماذا تعوذ منهما عمر؟ ألهذا الحد هذان النوعان من الناس لا خير فيهما؟.
مظاهر عجز الثقة
الرجل الثقة العاجز لن يفيد الأمة بشيء يُذكَر، مادام تردده وضعفه نواقص قد حث الإسلام المسلم على عدم الاتصاف بها، فقد قال رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: ''المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف''، ويضيف الرسول _صلى الله عليه وسلم_ في السياق ذاته:'' احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز ، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان"''، فالدعوة هنا صريحة غاية الصراحة، موجهة إلى كل مسلم بأن يحرص على ما ينفعه في الدنيا والآخرة، مستعينا بالله وحده، ولا يجعله فشل ما عرض في حياته أو عمله عاجزا عن الاستمرار في مساره، كما يرتضيه الله تعالى ورسوله الكريم، في شتى مناحي الحياتين: الأولى والأخرى.
والرجل الصالح إذا كان عاجزا لا ينفع المجتمع رغم شهادة الأرض له بالاستقامة والثقة، فهو بالكاد ينفع نفسه، بل قد يفضي عجزه وتردده في اتخاذ القرارات الحاسمة إلى تهيئ تربة خصبة لكثير من الآفات والأباطيل في المجتمع، فالمرء الطيب العاجز يستطيع إصلاح نفسه فقط، غير أنه لا يساهم بشكل فعال في إصلاح الجماعة، التي تحتاج أساسا إلى الإنسان الصالح المصلح أيضا، الذي تتجاوز رسالته ذاتَه إلى محاولة إصلاح المجتمع بالوسائل المتاحة له ولو كانت يسيرة قليلة. فهناك فئام من الناس يظنون أنهم بصلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم قد أدوا ما عليهم تجاه مجتمعهم وبلدهم. غير أن الحقيقة ليست كذلك، وما هم في ميزان الجماعة إلا كنقط مضيئة يعلوها غبار يحول بينها وبين التوهج والإشعاع.
إن المجتمع المسلم ليس بحاجة إلى عابد غافل، ولا إلى ساجد عاكف، ولا إلى زاهد جامد لا يراوح مكانه، بل هو في أمس الحاجة إلى عابد متنبه ومتيقظ، وإلى ساجد مرتفع الهامة ومنتصب القامة، وإلى زاهد يمسك بتلابيب الحياة لبلوغ مرمى الآخرة. وقد يتساءل البعض ما فائدة عبادة هؤلاء إن لم تكن تنفع المجتمع وتفيد الأمة كلها؟، وما جدوى علم لا يبدد دياجير الظلام السائد في كثير من الأمكنة في مجتمعاتنا المسلمة؟. فعجز الصالح الثقة على التفاعل مع محيطه القريب قبل البعيد، والمساهمة في إصلاح عيوب المجتمع أفرادا وجماعات ومؤسسات، يجعله يستقر في المؤخرة، ويرضى بالسلبية منهجا، فارا من مواجهة المشاكل وتحدي العراقيل، مفضلا السلامة والدعة والعيش في هناء، قد يلهيه كسب قوت يومه، وقد يغرق في التفاصيل المملة لواقعه، أو خائفا على منصبه، يتبع سير السفهاء ويرنو إلى عيش الغوغاء..وإن سألتَه عن حاجة المجتمع لصلاحه وإصلاحه، بسط أمامك ألف عذر وعذر ليقنعك
أنه مفيد في حالة سكونه وتقوقعه أكثر من انطلاقه وحركيته في ظل واقع موبوء لا يشي بالخير ..
والصواب أن الفرد الثقة الصالح ينبغي أن يكون صالحا لنفسه ومُصلِحا لمن حوله، وثقته تقاس أساسا بمدى عطائه الفردي والجماعي، وحجم تأثيره الإيجابي في محيطه.
منقول
===========================
قلت
من مظاهر عجز الثقات هو سكوتهم واستكانتهم للمنافقين وهم ينشرون اباطيلهم وافتراءاتهم
ومن مظاهر جلد الفاجر مانراه من حركة دؤوبة لمحاربة دين الله ومحاربتهم للشخصية الاسلامية التي تميزها عن غيرها مثل صلاة الجماعة والصدقة وحشمة النساء
هذا الوقت ايها الخوة الكرام ليس وقت نوم واستكانة بل وقت جد ومجاهدة ومزاحمة للمنافقين وعدم تركهم ينشرون فسقهم بكل اريحية