سم الله الرحمن الرحيم
{ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ }
[ لقمان : 6ـ7]
ذكر الدليل من آثار الأئمة الأربعة على تحريم
سماع آلات الطرب والمعازف والغناء 1) مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله : عن أبي الطيب الطبري قال : ( كان أبو حنيفة يكره الغناء، ويجعل سماع الغناء من الذنوب ) ( ).
وقال : ( وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة )
وعن أبي حنيفة رحمه الله قال أن الغناء حرام في جميع الأديان) ( ).
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان [ص348] : ( مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشدِّ المذاهب ، وقوله فيه أغلظُ الأقوال، وقد صـرَّح أصحابه
بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار، والدف، حتى والضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية ، توجب الفسق ، وتُرَدُّ به الشهادة، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا: إن السماع فسقٌ ، والتلذذ به كفرٌ، هذا لفظهم ) . اهـ 2) مذهب الإمام مالك رحمه الله : عن إسحاق بن عيسى الطباع قال : ( سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء ؟ فقال : ( إنما يفعله عندنا الفـُسـّـاق!!!) ( ).أثر صحيح أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ص142] وابن الجوزي في تلبيس إبليس [ص282] من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه عن إسحاق به .
قلت : وهذا سنده صحيح ، وقد صححه الألباني في تحريم آلات الطرب [ص98] .
وقال أبو الطيب الطبري : ( أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه … وهو مذهب سائر أهل المدينة
وقال ابن القاسم : ( سألت مالكا عن الغناء ؟ فقال : قال الله تعالى: { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ } أفحقٌ هو ؟اهـ
وعن إبراهيم بن المنذر المدني أنه سئل فقيل له : ( أنتم ترخصون في الغناء ؟ فقال : معاذ الله ! ما يفعل هذا عندنا إلا الفساق ) . أثر صحيح أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ص142] من طريق العباس بن محمد الدوري قال سمعت إبراهيم به .قلت : وهذا سنده صحيح .
وقال أبو الطيب الطبري : ( وهو مذهب سائر أهل المدينة 3) مذهب الإمام الشافعي رحمه الله . عن الشافعي رحمه الله قال : تركت بالعراق شيئا يقال له التـَغـْبِير أحدثته الزنادقة يصدون الناس عن القرآن أثر صحيحأخرجه أبو نعيم في الحلية [ج9ص146] والخلال في الأمر بالمعروف [ص151] وابن الجوزي في تلبيس إبليس [ص283] من طريقين عن الحسن بن عبد العزيز الجروي قال سمعت الشافعي به.
قلت : وهذا سنده صحيح
قال ابن تيمية في الفتاوى [ج11ص507]: ( وما ذكره الشافعي من أنه من إحداث الزنادقة فهو كلام إمام خبير بأصول الإسلام ، فإن هذا السماع لم يرغب فيه ويدعو إليه في الأصل إلا من هو متهم بالزندقة ) . اهـ
وقال ابن الجوزي : ( وقد كان رؤساء أصحاب الشافعي رضي الله عنهم ينكرون السماع ـ الغناء ـ )
وقال أبو الطيب الطبري رحمه الله : ( لا يجوز الغناء ولا سماعه ولا الضرب بالقضيب ، قال ومن أضاف إلى الشافعي هذا فقد كذب عليه ) ( )اهـ
وقال ابن الجوزي : (فهذا قول علماء الشافعية وأهل التدين منهم، وإنما رخص في ذلك من متأخريـهم من قـلّ علمه وغلبه هواه)( ). اهـ
وقال الإمام الشافعي في الأم [ج6ص209] : ( إن الغناء لهو مكروه
يشبه الباطل ، ومـن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته)
وقال أبو الطيب الطبري : ( وإنما جعل صاحبها سفيها لأنه دعا الناس إلى الباطل ومـَن دعا الناس إلى الباطل كان سفيهاً فاسقا )
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان [ص350] : ( والشافعي وقدماء أصحابه ، والعارفون بمذهبه من أغلظ الناس قولا في ذلك) يعني في الغناء ـ . 4) مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله . عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : ( سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ) .
أثر صحيح
أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ص142] عنه به.
قلت : وهذا سنده صحيح
.
وذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس [ص280] .
وعن أبي الحارث قال : ( سألت أبـا عبد الله ما ترى في التغبير
أنه يرقق القلب ؟ فقال: بدعة ) .
اقوال العلماء
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان [ج1ص350] : ( فليـُعلم أن الدف والشـّبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام ، عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ) . اهـ وقال ابن تيمية في منهاج السنة [ج3ص439] : ( الأئمة الأربعة ، فإنهم متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو،كالعود ونحوه).اهـ
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة العربية السعودية سابقاً – رحمه الله – :
( تظاهرت أدلة الكتاب والسنة على تحريمه في الجملة، وحكى غير واحد من العلماء إجماع العلماء على تحريمه: منهم القرطبي في تفسيره المشهور، وقد بسط ابن القيم رحمه الله أدلة المنع في كتابه (إغاثة اللهفان) ونقل الأدلة من الكتاب والسنة وكلام أهل العلم في ذمه وتحريمه وبيان ما يترتب عليه من الفاسد الكثيرة والعواقب الوخيمة، هذا كله إذا كان غناءً مجرداً من آلات العزف والطرب.
فأما إذا اقترن بشيء من ذلك صار التحريم أشد، والإثم أكبر، والمفاسد أكثر. وقد حكى العلامة ابن الصلاح إجماع العلماء على تحريم الغناء إذا اقترن به شي من آلات اللهو والطرب نقله عنه العلامة ابن القيم وغيره.
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز أما الغناء فلا شك أنه محرم، ولا شك أنه منكر، ومن الوسائل فساد القلوب ومرضها، وقد قال الله - عز وجل -: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ [(6) سورة لقمان]. قال أكثر أهل العلم من المفسرين وغيرهم: إنه الغناء. وكان ابن مسعود يقسم على ذلك - رضي الله عنه - ويقول: إنه الغناء. فالغناء محرم،
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في تحريم آلات الطرب [ص105] : (إنَّ العلماء والفقهاء ـ وفيهم الأئمة الأربعة ـ متفقون على تحريم آلات الطرب اتباعاً للأحاديث النبوية ، والآثار السلفية )
قال الشيخ محمد بن عثيمين :
استماع الموسيقى والأغاني حرام ولا شك في تحريمه وقد جاء عن السلف من الصحابة والتابعين أن الغناء ينبت النفاق في القلب واستماع الغناء من لهو الحديث والركون إليه . وقد قال الله تعالى : {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين} قال ابن مسعود في تفسير الآية : والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء وتفسير الصحابي حجة وهو في المرتبة الثالثة في التفسير . ثم إن الاستماع إلى الأغاني والموسيقى وقوع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف )) يعني يستحلون الزنا والخمر والحرير وهم رجال لا يجوز لهم لبس الحرير،والمعازف هي آلة اللهو ـ رواه البخاري من حديث أبي مالك الأشعري أو أبي عامر الأشعري ـ وعلى هذا فإنني أوجه النصيحة إلى أخواني المسلمين بالحذر من سماع الأغاني والموسيقى وألا يغتروا بقول من قال من أهل العلم بإباحة المعازف لأن الأدلة على تحريمه واضحة وصريحة
سماحة الشيخ / عبدالعزيز آل الشيخ – حفظه الله – :
قال سماحة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ : إن الغناء محرّم شرعا مستشهدا بقوله تعالى {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء. وأضاف سماحته أن الغناء يؤدي إلى قسوة القلب وانصرافه عن الخير ويؤدي كذلك إلى الانشغال عن القرآن الكريم والتعلق بالأوهام والخرافات مشيرا إلى أن بعض الغناء يكون فيه مقدمة للزنى فيقذف هذا الغناء في القلوب مرضاً وجرحاً مشددا على انه ينبغي للمسلمين ألا يكون هدفهم اللعب واللهو.[ صحيفة المدينة الأربعاء 1431/07/12 هـ 23/06/2010 م ]