نشأ محمد سرور في محاضن الإخوان المسلمين السوريين، وتعصب لهم وقلدهم تقليداً حزبياً أعمى.
قال في «سنته» -التي ليس لها من اسمها نصيب- (عدد35 ص68): «فالصنف الأول في سورية جماعة الإخوان المسلمين، وكان يقود هذه الجماعة الدكتور مصطفى السباعي -رحمه اللَّه- وهو في علمه ووعيه وجهاده من الشخصيات القليلة النادرة في العالم الإسلامي». وقال (ص30): «وأنا اليوم أحب شيخنا السباعي -رحمه اللَّه-، وأقدر علمه وفضله وجهاده، ولكن أحبه حباً عن علم ومعرفة، وأعرف أن له اجتهادات خاطئة، وكنت أحبه حباً حزبياً أعمى، وأغالي في هذا الحب». فمحمد سرور يشهد على نفسه بنفسه: أنه إخواني النشأة، حزبي النظرة، وإن حاول أن يلبس على أتباعه بأنه انتقل من التقليد الحزبي الأعمى إلى العلم والمعرفة... ولكنها حزبية مُغَلّفَةٌ أيضاً، ولذلك عندما أقر بأخطاء شيخه أجمل ولم يفصل!! والإجمال سنة الحزبيين... فلم يبين أن شيخه كان داعياً للتقارب مع النصارى، وإلى اشتراكية الإسلام، وأنه نظم قصيدة شركية، فيها الاستغاثة برسول اللَّه و...!!
فها هو يقول كما في كتاب «مصطفى السباعي رجل فكرة وقائد دعوة» (ص93-98): «فليس الإسلام معادياً للنصرانية بل هو معترف به مقدس لها، وأما توهم الانتقاص من المسيحيين وامتاز المسلمين فاين الأمتياز؟ والإسلام يحترم العقائد جميعاً! أما في الحقوق المدنية والتساوي في الواجبات فالإسلام لا يفرق بين مسلم ومسيحي ولا يعطي للمسلم حقاً في الدولة أكثر من المسيحي والدستور ينص على مساواة المواطنين جميعاً في الحقوق والواجبات...
ثم اقترح أربع مواد: 1. الإسلام دين الدولة الرسمي. 2. الأديان السماوية محترمة ومقدسة. 3. الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية. 4. لا يحال بين المواطن وبين الوصول إلى أعلى مناصب الدولة بسبب أو الجنس أو اللغة. ».
أليست هذه العلمانية بكل مقوماتها وأبجدياتها ... فأين محاربة العلمانية والتصدي لمدها وفضح دعاتها؟!
ب- وفي عام (1969م) تَفَتَّتتْ جماعة الإخوان المسلمين في سورية وكان للميول الفكرية أثرها في ذلك؛ فجماعة حلب وحماة كان لها اتجاه صوفي؛ فصاروا مع عبدالفتاح أبي غدة، وهذا اتجاه الشيخ حسن البنا، ولذلك استمروا مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.
وجماعة دمشق لها اتجاه قطبي ولذلك صاروا مع عصام العطار، وكان محمد سرور مع هذا الاتجاه.
ت- ثم انتقل محمد سرور إلى السعودية للعمل هناك، وبدأ نشاطه القطبي وبخاصة في منطقة القصيم، واستطاع أن يكوِّن له أتباعاً كثيرين في كلِّ الأجهزة وأسس جمعيات حزبية تحت شعار العمل الخيري والنفع العام...
ومن ثم انتقل إلى الكويت وهناك عمل تنظيماً مع سيد عيد -أحد كبار الإخوان، وكان مسجوناً مع سيد قطب- ثم اختلفوا، وأسس كل واحد منهما جماعة مستقلة، وتعاون في الكويت مع الشيخ حسن أيوب وغازي التوبة، وكلهم من الإخوان المسلمين، ثم فرّخوا أحزاباً جديدة يشنع كل منهم على الآخر، ويصفه بالكذب والنفاق!! ث- ثم ترك محمد سرور بلاد المسلمين،
واستوطن بلاد الكافرين في (بريطانيا) وجلس بين أنياب الأفعى زاعماً أنه يريد قطع ذيلها في بلاد العرب المسلمين، وأسّس هناك بتعاون مع ذراعه اليمين أبي أنس محمد العبدة وبعض أتباعه السعوديين «المنتدى الإسلامي» في لندن، وأصدر مجلة «البيان»، ثم مجلة «السنة».
مما سبق يتبين: أن محمد سرور إخواني قطبي(!). ج- ثم أخذ محمد سرور يُصَدّر القطبية تحت أسماء براقة «منهج أهل السنة والجماعة»، و«السلفية التجديدية»، و«السلفية الإصلاحيّة»!، و«السلفيّة الشرعيّة»!
مما كان له أثر كبير في اغترار بعض الشباب المسلم الذي تربى على السلفية في الانضمام إلى جماعته التي عرفت بعد حرب الخليج الثانية بـ«السرورية».
ح- بدأ محمد سرور بإنكار وجود «السرورية» زاعماً أن هذا من اختراع خصومه!
ومما ينبغي معرفته أنه لا يعاب على أهل العلم إطلاق اسم «السرورية» على جماعة محمد سرور؛ لأنّ كل جماعة بدعة تنسب إلى رأسها؛ فقد نسبت الجهمية إلى الجهم بن صفوان، والإباضية لعبداللَّه بن إباض، والقطبية لسيد قطب.
وأما أن ينكر محمد سرور أن له جماعة وتنظيماً؛ فهذا كذب له قرون، فقد اعترف هو نفسُه لأخينا الشيخ مقبل بن هادي الوادعي -حفظه اللَّه، وعافاه- بذلك.
ومن كان معه، ثم فارق جماعته أقر بذلك؛ كعصام برقاوي التكفيري الملقب بأبي محمد المقدسي في رده على محمد سرور وجماعته!!.
وقد اعترف لي بذلك شخصياً في زياراته للأردن سنة (1983م) عندما جاء ليطبع كتابه: «وجاء دور المجوس» بواسطة نظام سكجها صاحب المكتبة الإسلامية؛ فطلب محمد سرور (أبو عصام) من صاحب المكتبة الإسلامية أن يرتب له لقاءً معي، فعرفت مكره من يومئذٍ، وأنه واضع نصب عينيه اختراق الدعوة السلفية.
وسأفصل ذلك -إن شاء الله- في «الوجيز في تاريخ الدعوة السلفية المعاصرة في بلاد الشام العزيز».
بيان تلبيس القطبية السرورية: أ-يقصد محمد سرور بكتب العقيدة التي فيها جفاف كتب العقيدة السلفية الصِّرْفة؛ كـ: «الشريعة» للآجري، و«الإبانة»: الكبرى والصغرى لابن بطة، و«شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للالكائي، و«التوحيد» لابن خزيمة وابن منده، و«الإيمان» لابن منده ولأبي عبيد وابن تيمية، و«السنة» لعبداللَّه بن أحمد بن حنبل، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي للوجوه الآتية:
1- أن محمد سرور يدعي أنه سلفي العقيدة(1) (!)
2- كلامه عن الأصنام، والشرك، ومعاني لا إله إلا اللَّه، وتوحيد الألوهية... فإن هذه مفردات كتب العقيدة السلفية.
3- لا يمكن تصور أن محمد سرور يريد كتب العقيدة الخلفية كـ«النسفية»، و«السنوسية»، و«النظامية»، و«جوهرة التوحيد»؛ لأن خللها وعللها وراء ما ذكره بل إنها تقوم على الجوهر، والعرض، والجسم،والحد، والجهة وغيرها من مفردات علم الكلام المذموم.
4- أنه وصف كتب العقيدة بأنها نصوص وأحكام ثم بين ذلك؛ فقال: «.. الأصنام في كتب العقيدة تقرأ معنى الصنم لغة وشرعاً، وأنواع الأصنام، وأدلة حرمتها من الكتاب والسنة وأقوال العلماء، وكل ما يثبت شركية الاعتقاد بها...».
هذه النصوص والأحكام؛ فهي جفاف؛ ولذلك أعرض عنها الشباب(!!). إذاً؛ فالأدلة من الكتاب والسنة، والنصوص من أقوال العلماء التي تثبت حرمة الأصنام وشركية الاعتقاد بها جفاف؛ ولذلك أعرض عنها الشباب... لكنهم وقعوا في محاضن رؤوس البدعة الذين يُنَظّرون لهم بدون علم، ويفتونهم برأيهم؛ فضلوا وأضلوا(!!).
5- ويأبى اللَّه إلا أن يظهر تناقض هذا الرجل الدعي على العلم والسلفية؛ فإنه يقرر أن كتب العقيدة فيها جفاف وهي تقوم على الكتاب والسنة وأقوال السلف، ثمّ يدّعي أنه اتبع أسلوب القرآن، فقال: (1/8): «لهذا اتبعت أسلوب القرآن...».
6- إن أسلوب القرآن الكريم في نظر دعاة الفكر القطبي هو الأسلوب الحركي الذي دندن حوله سيد قطب في كتبه وبنى عليه نظريته في القرآن الكريم المسماة: «التصوير الفني في القرآن الكريم...»، وإليك مفرداتها:
1- اعتقاد أن الدين والفن صنوان؛ فهو يرى جواز التصوير اليدوي وما يرافقه من ريش ولوحات، ويقرر جواز العمل الموسيقي بأنواعه، ولقد استعان في كتابه: «التصوير الفني في القرآن الكريم» بأستاذين في الرسم والتصوير!
وانظر إليه في فصل التخييل الحسي والتجسيم (ص71-72): حينما يقول: «التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن والقاعدة الأولى للبيان لا نكون قد انتهينا عن الحديث عن هذه الظاهرة الشاملة؛ فإن وراء ذلك بقية تستحق أن نفرد لها هذا الفصل الخامس».
وقال (ص143-144): «والدين والفن صنوان في أعماق النفس وقرارة الحس وإدراك الجمال الفني ودليل استعداد لتلقي التأثير الديني حين يرتفع الفن إلى هذا المستوى الرفيع وحين تصفو النفس لتلقي رسالة الجمال».
2- انفلاته من العقيدة حيث قال في كتابه «التصوير الفني» (ص255): «وأنا أجهر بهذه الحقيقة الأخيرة وأجهر بأنني لم أخضع لعقيدة دينية تغل فكري عن الفهم».
وقال (ص258): «لم أكن في هذه الوقفة رجلاً تقيده العقيدة البحتة عن البحث الطليق بل كنت رجل فكر يحترم فكره عن التجديف والتلفيق».
3- جعل سور القرآن وآياته خشبة مسرح تعرض عليها التمثيليات والسمفونيات وشاشة عرض سينمائية.
4- انطلق من أصل الجهمية الذي وصفه شيخ الإسلام -رحمه اللَّه-: «إنه ينبوع البدع»؛ وهو: الاستدلال على حدوث العالم بحدوث الأجسام، وحدوث الأجسام بحدوث الأعراض فقال: «الأجسام لا تنفك عن أعراض محدثة، وما لا ينفك عن الحوادث أو ما لا يسبق الحوادث؛ فهو حادث».
من هذه الأصول البدعية انطلق سيد قطب يفسر كلام اللَّه تفسيراً جهمياً صوفياً(2)؛ فيقرر وحدة الوجود، وينفي الصفات الإلهية، ويطعن في صحابة رسول اللَّه ولكن بتلبيس وتدليس وتمويه... وإن خاله يخفى على الناس؛ فقد علموه ونقضوه بتوفيق اللَّه...
ثم يأتي محمد سرور ليقول: «أما الحديث عن الأصنام في القرآن؛ فله شأن آخر.. كل ذلك يتم بأسلوب حركي واقعي جذاب»(!!).
ب- أن ما وصف به محمد سرور كتب العقيدة السلفية سبقه إليه دعاة الإخوان المسلمين حينما زعموا: أن كتب الاعتقاد تدور حول مسائل تاريخية انقضى عصرها، وهي مثار الخلاف في هذا العصر، بل إن سيد قطب قرر تجاوز ميراث كل العصور لتصفية العقيدة!!.
ت- زعم محمد سرور أن الحلول التي قدمتها كتب العقيدة لمشاكل العصور التي كتبت فيها، وأما مشاكل عصرنا فلا تصلح لها، ولم يبين ما هي المشاكل التي مضت ولا تصلح لعصرنا وما هي مشاكل عصرنا التي لم تمر عليها كتب العقيدة؟!
لقد بينت كتب العقيدة السلفية مسائل الإيمان، والصفات، والقدر، والعبودية، وموالاة الصحابة، والإمامة الكبرى، والبيعة، والخروج، والحكم، هذه المسائل التي تتصل بحياة الأمة حتى أخرها؛ ولذلك لم يبق لمستدرك مجال.
إن مشكلة العصر عند هؤلاء القوم ما يسمونه «بالحاكمية» أو «سقوط الخلافة» و«التسلط الأجنبي» و«الكيد اليهودي»! وما علم هؤلاء القوم أن هذا كله ثمرة لتفرق الأمة واختلافها وانحراف فرقها عن منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
هذه بعض ترّهات محمد سرور وشنشنته التي استطاع بزخرفتها أن يصطاد عدداً من الشباب الطيب المتحمس لدينه وأمته، وليضمن ولاءهم له ولجماعته القطبية أخذ يشوه صورة أهل العلم في أذهان هؤلاء الشباب، ويرميهم بكل نقيصة؛
فتارة لا يفقهون الواقع، وأخرى عبيد عبيد العبيد وسيدهم الأخير نصراني أمريكي في البيت الأبيض... كبرت كلمة تخرج من فيه إن يقول إلا إفكاً!!
وقد رد أهل العلم على هذه الكلمة السرورية التي تصف كتب العقيدة بالجفاف؛
فقال شيخنا الوالد العلامة عبدالعزيز بن باز -رحمه اللَّه- في محاضرة بعنوان: «آفات اللسان» بتاريخ (29/12/1413هـ) في مدينة الطائف: «هذا غلط عظيم، كلها جفاف! أعوذ باللَّه، كتب العقيدة الصحيح ما هي جفاف، قال اللَّه قال الرسول، فإذا كان يصف القرآن والسنة بأنه جفاف؛ فهذه ردة، هذه عبارة سقيمة خبيثة». وعندما سئل شيخنا الوالد الإمام القدوة محمد ناصر الدين الألباني -رحمه اللَّه- عن هذه العبارة -وأنا أسمع- قال: «وهل يقول هذا مسلم؟!».