السهر .. بلاء وداء عضال ومرضٌ خبيث، إن كثيراً من الذين فشلوا
في دراساتهم ليس بغباء في عقولهم، ولا بقصورٍ في إدراكهم،
ولا بعجزٍ عن أن يبلغوا ما بلغه المعلمون من أترابهم وأمثالههم،
ولكنه السهر أشغلهم بالليل فتثاقلوا عن طلب العلم في الصباح،
فتعلموا على وسادة الغفلة، وعلى فرش اللهو، ثم إذا أصبح أحدهم
تعلل بالمرض والتعب والألم وما إلى ذلك، فإذا جاء آخر العام تأوه
وعض أصابع الندم :
ومن زرعَ البذورَ وما سقاها
... تأوه نادماً وقتَ الحصادِ
وإن آخرين فصلوا من أعمالهم، وما كان ذاك بسبب قصورٍ أو ضعفٍ
في العلم والإدراك، ولكنه السهر يجاملون بعضهم، تعال يا فلان!
اجلس معنا، لا يضرك، ساعة، تعود بعد قليل، فيئوب إلى بيته
متأخراً، وعن صلاة الفجر يقعد على فراشه، وفي صبيحة يومه
يسلم جنبه لنومٍ عميق يترك فيه عمله، فيتكرر هذا التأخر
وهذا الكسل، ويكذب في اليوم الأول بعذرٍ مفتعلٍ مفترى، ويكذب
في الثاني، ويفتري في الثالث حتى تنتهي الكذبات وتنتهي الأعذار،
ثم لا يلبث أن يسلم نفسه لاستسلام لقرارٍ خطير وهو فصله
والسبب هو: السهر!
ادمان السهر هو الفيروس القاتل للوقت والنشاط والإجتهاد .
والسهر هو العدو الأول للتفوق والإبداع .. فلن تجد مدمن على السهر متوقد الذهن قوي الذاكرة نشيط في آداء اعماله لكنك
غالبا ماتجده وقد ركبه الخمول والكسل والهم والفشل .