كان أحد المسافرين في البر يمتطى ذلولاً عبر الصحراء القاحله قليلة الماء والكلاء ، ولكنه يعرف مواقع الماء لإنه يعبر هذه الديار باستمرار ، وعندما أشتد به العطش توجه إلى مكان بئر ماء قد تذكر مكانها ، فأسرع بمطيته لكي يتمكن من الوصول إلى البئر قبل حلول الليل ليشرب ويسقي مطيته ويملاء قربته ، وحيث أن هذه البئر في مكان خلاء لا توجد به هِجر ولا قُرى ، ولا أحد يسكن قريب منها ، وإنما حفروها أفراد من قبيلة كانت تتبع مواقع المطر في الصحراء.
وعندما وصل الرجل الى البئر ونزل عن مطيته ، وإذا بكلب أسود اللون ، أحمر العينين ، أمعط الجسد ، طويل الأيادي ، قصير الأرجل ، مجدوع الأذنين واقف بجانب البئر ينظر إليه بنظرات إستجدلاء ليسقيه من الماء.
فأدلا الرجل بدلوه إلى داخل البئر ، وأخرج دلوه من البئر وقد أمتلاء بالماء ، فصب الماء في وعاء أخرجه من الخرج الذي يضعه على مطيته .
فأنكب الكلب على الماء وشرب منه حتى أرتوى ، فرفع راسه إلى الأعلى وعوى ، وأنتفض بجسمه ،. نظر إلى الرجل وكأنه يشكره على ماقام به من عمل طيب تجاهه ، عندما أسقاه ومن الموت المحقق من العطش أرواه.
وقد قرب وقت غروب الشمس ، فأعاد الرجل دلوه إلى البئر وأستخرجه مملو بالماء وشرب وأسقى مطيته وملاء قربته ، وشد وكاءها ورفعها على شداد مطيته ، وأرتحل إلى شدادها وضربها على رقبتها بعصاه لكي يحثها على السير ويواصل سفره.
فتبعه الكلب وهو يحث خطاه ونبح بنباح خفيف وأتبعه بعواء ، ثم هرول سريعاً حتى تقدم الرجل ومطيته ، فنظر للرجل وهز ذله وأرخى راسه للأرض ومشى أمام الرجل وهو يحث الخطاء ، ثم إنحرف بعد سيرهم بقليل إلى تلة بجانب الوادي، وقد غربت الشمس في بحر المغيب .
فتوقف الكلب وهو ينظر للرجل وينتظره لكي يتبعه وبداء يهز ذليله يمنه ويسره.
فقال الرجل في نفسه ، ربما إن هذا الكلب لناس يسكنون قريب من هذه البئر قد ، والليل قد أسدل ستاره على الوادي وأظلم ، والوحوش قد نزلت من الجبال وأقتربت وللصيد تأهبت ، وكشرت عن انيابها ، وأنا ليس معي خوي فيصملني ، ولا سلاح قوي فيجملني ويحميني، فتبع الكلب حتى طلعوا على قمت التل وأشرفوا من قمته على وادي أخر ، فاذا بجمع كثر من الناس مجتمعون وقد أشعلوا النار تتلهب وشبوها على أكوام من حزم الحطب ……
ملاحظة :
أرجو من المتابعين الكرام والمتابعات الكريمات عدم المداخلة على القصة حتى أنتهي من كتابتها ، وللجميع جزيل الشكر والتقدير، حيث قد كتبتها قبل فترة فحصلت فيها مداخلات تخريبية أثرت على تسلسل حلقاتها.