يروى أن الخليفة المأمون أصيب بمرض يجعله يأكل التراب استلذاذًا به منذ صغره حتى أصبح خليفة فبحث عن دواء له فلم يجد وجعل نصف ملكه لمن يأتي بدواء له من هذا الداء فأتى في يوم أعرابي لباسه مقطع يجر بعيره حتى وصل بباب القصر وقال له الحراس : ماذا تريد ؟
قال الأعرابي : أريد الخليفة قالوا وماذا تريد به ؟
قال الأعرابي : أريده في أمر .
فلما سمع الخليفة جدالهم قال : ادخلوه فدخل .
فقال له الخليفة ما تريد ؟
قال الأعرابي : عندي لك العلاج الذي تريد .
قال الخليفة : أتهزأ بي يا أعرابي فأمر له بعطاء وأخرجه.
قال الأعرابي وهو يُخرج يا أيها الخليفة .
قال ما تريد ؟
قال يا أيها الخليفة .
فقال ما تريد ؟
قال يا أيها الخليفة .
فقال ما تريد ؟
قال إن عندي العلاج
قال فما هو ؟
فقال الأعرابي " عزمة من عزمات الرجال "
فقال الخليفة صدقت فما أكل التراب بعدها وشفي .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :-
ليس للعبد شيء أنفع من صدقه مع ربه في جميع أموره مع صدق العزيمة ؛ فيصدقه في عزمه وفي فعله ؛ قال تعالى ( فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرًا لهم ) فسعادته في صدق العزيمة وصدق الفعل ، فصدق العزيمة جمعها وجزمها وعدم التردد فيها ، بل تكون عزيمة لا يشوبها تردد ولا تلوُّم . فإذا صدقت عزيمته ؛ بقي عليه صدق الفعل ، وهو استفراغ الوسع وبذل الجهد فيه ، وأن لا يتخلف عنه بشيء من ظاهره و باطنه . فعزيمة القصد تمنعه من ضعف الإرادة والهمة ، وصدق الفعل يمنعه من الكسل والفتور .
ومن صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره .
وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الإخلاص وصدق التوكل ؛ فأصدق الناس من صحَّ إخلاصه وتوكله .
منقول..
كلنا نحتاج لعزمة من عزمات الرجال..
كلنا نحتاج لهذه العزمة..
نحتاج توبة لله في كل ساعة فإن الأخطاء مستمرة و التوبة واجبة على كل مسلم..
نحتاج للعزم على تغيير ما في نفوسنا ..
و هناك عزمات آخرى للمسلم و لعل أسمى تلك العزمات التي وفق لها الذين أصطفاهم الله من هذه الامة و هم قليل بالنسبة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم الا و هم الذين عزموا و بذلوا نفوسهم لأعلى كلمة الله في الارض جزاهم الله عن الاسلام و عن المسلمين خيراً و تقبلهم في الفردوس الأعلى من الجنة..