الخطاب النسوي الذي يجتاح فئة الفتيات هذه الأيام والذي أنتج مشاكلًا كالعقوق والمطالبة بالانفتاح والهروب للخارج، ليس سببه الرجال بالمرتبة الأولى -مع إقراري بوجود بعض الظلم منهم- ؛ بل سببه الضخ الإعلامي المُفسِد الذي نعاني منه منذ سنين والذي قام بتغيير المفاهيم فقلبها رأسًا على عقب.
عاش المجتمع سنينًا طويلة بلا مشاكل كهذه، في حين أنَّ المجتمع هو المجتمع .. والرجال هم الرجال، لكن المفاهيم هي التي تغيَّرت في العقول .. وكل ذلك نتيجة ضخٍ إعلامي مدروس ومدعوم عبر الأفلام والبرامج التلفزيونية والروايات والمقالات والكاركاتيرات وحسابات المشاهير في .
تقصير المربين والدعاة بالتوعية وتصحيح المفاهيم أيضًا كان له دور في زيادة الطين بِلَّة، فأصبحت الفتاة صغيرة السن بطيشها وعاطفتها وقلة علمها غير مدركة لحقيقة ما يحاك ضدها تحت شعار الحقوق والمساواة، هكذا تسقط في مزالق الفخ النسوي الذي غالبًا ما ينتهي بمصيبة كالهروب أو الإلحاد.
الحجاب وتغطية الوجه ليست إلغاءً للهوية، ليست كبتًا للحريَّة، ليست خيمةً تُرمَى على الجسد، الحجاب لباس ملكوتي .. يخفي ما يثير الغرائز، فيحمي الفتاة من الكلمات البذيئة والنظرات القذرة والأيدي المتحرشة، الحجاب أفضل قانون منعٍ للتحرش عرفته البشرية .. وكل ما سواه مجرَّد هراء.
عندما تمتلك شيئًا ثمينًا وعزيزًا على قلبك كالجوال مثلًا .. ستخفيه عن الناس الذين قد يضرونه، لن تدع أحدًا يلمسه، ستحميه بواقٍ للشاشة، ستغلفه بخلاف يحميه .. أنتَ هنا لم تخفي هويته ولا تشعر بالعار منه، أنتَ هنا من حبك لك تحميه فحسب، نفس الشيء مع حجاب المرأة مع فوارق التشبيه بالمثال.
منع الولي الفتاة من الاختلاط في الدراسة والعمل وقيادة السيارة .. ليس تسلطًا ولا قمعًا ولا رغبةً في كبت حرية المرأة وليس أيضًا كما يقال أنه شكٌ وانعدام ثقة ؛ بل هو إكرام وحمايةٌ للفتاة من جهة .. وانعدام ثقة في الرجال الأجانب الذين تعمل أو تقود بجوارهم من جهة أخرى.
عندما يهوِّل الرجل موضوع الاختلاط والقيادة ويضع لأجله قوانينًا صارمة على أهله قد تعتبرها الفتاة قمعًا، فذلك لأنه رجل والرجال أدرى بالرجال ؛ الرجال يعلمون أنَّ الرجال إن صاحبهم ضعف وازع ديني وأخلاقي جاهزون لفعل أي جريمة لأي فتاة قد يرونها، لهذا يخشون على أهاليهم من بيئة الاختلاط.
غيرة الرجل على زوجته وأخته وابنته ليس شكًا ولا انعدام ثقة بهن .. وما يزال المنطق السليم يعرِّف الغيرة على أنها نتيجة طبيعية للحبّ، وأنَّ نقصها يشير إلى نقص المحبَّة، ومن لا يغار على أهله .. لا يملك أدنى شعور بالمحبَّة اتجاههن، الغيرة فطرة نابعة من الحبّ .. حتى البهائم تمتلكها.
السماح للولد بأمور .. وعدم السماح بها للبنت، ليس ظلمًا ولا محاباةً لجنس على حساب الجنس الآخر ؛ بل ذلك عائد إلى أصل الخِلقَة والفطرة .. خُلِق الجنسان مختلفين، ولكل جنسٍ ما يناسبه ويلائم طبيعته .. الولد يُسمَح له بالخروج لأن خارج البيت مكان طبيعي له بعكس الفتاة، وقِس على ذلك.
الرجل والمرأة جنسان مختلفان، لكل منهما ما يناسبه .. لهذا لا يصح المطالبة بمساواتهما، بين الجنسين يجب أن يقوم شعار العدل لا شعار المساواة ؛ من الهَبَل أن تساوي طفلًا في الابتدائية بشاب في الثانوية في المصروف اليومي في حين أن كليهما ابنان لك، هنا يجب أن تظهر صفة العدل.
مساواة ظالمة أن تساوي الجنسين في فرص التوظيف مثلًا ؛ الشاب مفروض عليه النفقة على أهله أما الفتاة فلا، الشاب إن توظف سيفتح بيتًا ويبني أسرة وينفق على أهله وستحل مشكلة العنوسة .. الفتاة ستنفق مرتبها على كمالياتها ولن تفتح بيتًا، هنا يغيب العدل .. وتظهر صفة المساواة الظالمة.
إن كانت المرأة تعتقد أنها يجب أن تتساوى مع الرجل في كل شيء، فلتتساوى معه في النفقة والمهر والعمل تحت الشمس وحمل الأثقال والقتال في سبيل الدفاع عن الدين والوطن، يجب أن تعي الفتاة أن المساواة ظلمٌ لها قبل كل شيء، أنوثتها ليست عيبًا .. فلتحافظ عليها وتطالب بالعدل لا المساواة.
قوامة الرجل ليست تسلطًا ولا قمعًا ؛ قوامة الرجل بالدرجة الأولى هي اهتمام وحماية وحرص ونفقة على أهله .. وكان الرجل أولى بها لصفات وضعها الله به في خِلقَته إذ يغلب عقله عاطفته وله قدرة على التحمل والصبر والجَلَد في سبيل توفير حياة كريمة لأهله، القوامة مسؤولية أكثر مما هي ميَّزة.
تسأل إحداهن: لماذا لا تكون القوامة في الزوجين معًا؟ لا يستقيم أبدًا أن يقود أي منظومة شخصان .. لن تجدي سيارةً بمقودين، ولا سفينةً بربانين، ولا شركة برئيسين، ولا كونًا بإلهين، لأن التصادم حينها وانهيار تلك المنظومة أمر حتمي.
﴿ لَوْ كان فِيهِما آلِهةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ﴾
أحيانًا يُعابَ على الفتاة في أمور أكثر من الفتى، وذلك لأن طبيعتها تتنافى مع ذلك الأمر .. كأن تتفوه بكلمة بذيئة فيعاب عليها أكثر لأننها تتنافى مع طبيعة الحياء في الفتيات، كذلك الفتى يُعاب عليه أكثر لو فعل أمرًا يتنافى مع طبيعته كالجبن والخوف والدلع بينما لا تُعاب الفتاة عليها.
ما يزال المجتمع يحترم المرأة، فلا تُطرَد من بيتها بعد سن الثامنة عشرة، وإن طُلقَت عادت لبيت والدها، وتُقدَم على الرجال في طوابير المطاعم وصرافات النقود، ويقوم الرجل من مقعده في الحافلة لتجلس هي، وإن تعرض لها أحد قام الجميع مدافعًا عنها .. حتى لو كان الخطأ منها.
الرجل في مجتمعنا أكثر من يحترم المرأة من بين جميع المجتمعات الأخرى، لكن الإعلام جعل حرصه عليها كبتًا، وغيرته عليها شكًا، وقوامته عليها تسلطًا، وولايته عليها تحكمًا في حريتها، شوَّه الإعلام صورته في أعين الفتيات فظهرت هذه المشاكل.