نرى بعض القنوات الفضائية وهي تستضيف مشائخ لبعض الفرق الضالة
مثل الصوفية أو الرافضة أو المعتزلة وكذلك بعضا ممن يسمونهم مفكرين
وهم يكررون تهمة مجسمة وحشوية .. وهم يقصدون بها أهل السنة
والجماعة وخاصة الحنابلة أو كما يسموننا اليوم الوهابية .. وقد يكررها
البعض من مثقفينا جهلا منهم بخطورتها .. بل إنهم تجاوزوا ذلك بالتخطيط
لإخراجنا من دائرة الإسلام ومن دائرة أهل السنة والجماعة كما حدث في
مؤتمر جروزني الشهير .. وكما حصل من إجتماعات مشائخ الطرق الصوفية
في مؤتمرات بأمريكا مع كبار القساوسة موجهة لمحاربة أهل السنة والجماعة
وإتهامهم بالإرهاب والتطرف .. واليكم مختصرا لكلام
أهل العلم حول دعوى المجسمة والحشوية :
الحنابلة هم أتباع مذهب الإمامأحمد بن حنبلرحمه الله ووصفهم
بالحشوية هو من جهة أهل البدع وأهل الكلام، وليس رميهم بهذا الوصف
قاصراً عليهم بل يطلقه هؤلاء المبتدعة على كل أتباع الحديث -
ولو من غير الحنابلة- المتبعين مذهب السلف الصالح المعارض
لمذاهب المتكلمين والفلاسفة ونحوهم، كما ورد عن الإمامأحمد
أن من علامة أهل البدع تسمية أهل السنة بألقاب افتروها
من عند أنفسهم.
واختلف في أصل هذه الكلمة وما المراد بها ومن أول من تكلم بها،
قالابن تيميةفي منهاج السنة النبوية:فأما لفظ الحشوية
فليس فيه ما يدل على شخص معين ولا مقالة معينة فلا يدرى
من هم هؤلاء، وقد قيل إن أول من تكلم بهذا اللفظ عمرو بن عبيد،
فقال: كان عبد الله بن عمر حشوياً وكان هذا اللفظ في اصطلاح
من قاله يريد به العامة الذين هم حشو؛ كما تقول الرافضة
عن مذهب أهل السنة مذهب الجمهور.انتهى.
وقال في مجموع الفتاوى:هذا اللفظ أول من ابتدعه المعتزلة،
فإنهم يسمون الجماعة والسواد الأعظم الحشو، كما تسميهم
الرافضة الجمهور.انتهى.
والظاهر أن معناها إما أنهم من حشو الناس أو أنهم أصحاب حشو
في الكلام يعني ما عندهم إلا قال الله، قال الرسول، ما عندهم
قواعد عقلية، ما عندهم مقدمات منطقية، ولهذا سموا أهل السنة
حشوية بمعنى أنهم أهل حشو؛ كما أفاده شيخ الإسلام رحمه الله
والشيخ التويجري في شرح الحموية، يقول ابن تيميةفي
مجموع الفتاوى:وهؤلاء يعيبون منازعهم إما لجمعه حشو الحديث
من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه، أو لكون اتباع الحديث في
مسائل الأصول من مذهب الحشو، لأنها مسائل علمية والحديث
لا يفيد ذلك، لأن اتباع النصوص مطلقاً في المباحث الأصولية الكلامية
حشو، لأن النصوص لا تفي بذلك.انتهى.
وأما عن القصد من وراء ذلك فهو التنفير من اتباع ما يزعمون
بطلانه جهلاً منهم بالحق، قال الألوسي في مسائل الجاهلية:
وخصوم السلفيين يرمونهم بهذا الاسم، تنفيراً للناس عن اتباعهم
والأخذ بأقوالهم، حيث يقولون في المتشابه: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ.
وقد أخطأت استهم الحفرة، فالسلف لا يقولون بورود ما لا معنى له
لا في الكتاب ولا في السنة، بل يقولون في الاستواء مثلاً:
الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان،
والجحود به كفر.إلى أن قال:والمقصود أن أهل الباطل من المبتدعة
رموا أهل السنة والحديث بمثل هذا اللقب الخبيث.انتهى.
هذا وقد ردابن تيميةاتهام أهل الكلام لمذهب السلف بالحشو
فقال:وإن كان مراده بالحشوية أهل الحديث على الإطلاق سواء
كانوا من أصحاب هذا أو هذا فاعتقاد أهل الحديث هو السنة المحضة
لأنه هو الاعتقاد الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس
في اعتقاد أحد من أهل الحديث بشيء من هذا والكتب شاهدة بذلك.
وإن كان مراده بالحشوية عموم أهل السنة والجماعة مطلقاً فهذه الأقوال
لا تعرف في عموم المسلمين وأهل السنة، وجمهور المسلمين لا يظنون
أن أحداً قال هذا، وإذا كان في بعض جهال العامة من يقول هذا أو أكثر
من هذا لم يجز أن يجعل هذا اعتقاداً لأهل السنة والجماعة يعابون به
وإنما العيب فيما قالته رجال الطائفة وعلماؤها. انتهى .
ويفترض بنا العلم أنه في أمور الدين وخاصة العقيدة لانستمع
أو نتابع أي إنسان غير متخصص بها ونحذره أن يضلنا .. خاصة
أهل المنطق والفلسفة وغالبا تجده يروجون لأفكار وشبهات
تقدح بالعقيدة .. ولو كان عندنا قليلا من الثقافة لعلمنا أنها
شبهات قديمة جدا قد أثارها أسالفهم من الفرق الضالة وقد رد عليهم
علماء الإسلام وفي مقدمة من رد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية ..
وليس لهؤلاء إلا إعادة إثارتها مرة أخرى .. ومن تتبع أقوال أولئك
لابد وأن يتأثر بها خاصة إذا لم يكن من أهل العلم الذين لديهم
خلفية علمية يدحضون بها تلك الشبهات .. ولنا في عبدالله القصيمي
وهو من هو في طلب العلم كيف ألحد بعدما تعمق في تتبع تلك
الشبهات وعجز عن الرد عليها لنا به عبرة وعضة ..
لو أصاب أحدنا مرض لبحث عن طبيب أخصائي لعلاجه وكذلك سيارته
أو كمبيوتره لو تعطل لذهب به الى الفني المختص لإصلاحه .
فلماذا في أمور الدين والعقيدة لايسأل أحدنا أهل العلم وأهل الإختصاص
كما أمرنا بذلك الله سبحانه وتعالى أما من يحاجج ويكابر ويقول
أنا لي عقل وأنا وأنا .. نعم لك عقل لكنك لاتملك من العلم مايؤهلك
لدفع تلك الشبهات التي تمس عقيدتك ..!
بعض الشبهات تجدها لاتتجاوز بضعة أسطر .. والرد عليها يتطلب
مجلدا كاملا .. لذا نقول لك أعد بعض قناعاتك .. وريح راسك
واتبع علماء الأمة المشهود لهم بالعلم والصلاح خاصة في ثوابت
العقيدة .. وأعلم أنه ليس بين علماء أهل السنة خلاف في أمور العقيدة
وإنما خلافهم في الأمور الفقهية فقط .. لذا راجع نفسك فقد تكون
متأثرا ببعض عقائد الفرق الضالة وتردد أفكارهم وشبهاتهم وأنت لاتعلم ...!
إن بحث البعض في طيات الكتب لإستخراج شبهة بدعوى التفكير
أو بدعوى الرد عليها ونشرها بين الناس فعل خاطئ ذلك أن خطره عظيم
لما يسببه من تشويش على عقيدتهم ولما يثيرة من بلبلة وتشكيك
في عقيدتهم ويفترض من شاهد مثل ذلك ألا يركن لتفكيرة وعلمة فقط
بل يفترض به سؤال أهل العلم أمثال المفتي وهيئة كبار العلماء
والله جل وعلا يقول :
{ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب
وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه
ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون
في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب } .