دور البيئة في تثقيف الإنسان وتهذيب اللسان
هل تلعب البيئة دوراً رئيسياً في ذلك
علي ابن الجهم شاعر بدوي تربى في البادية بين المضارب وقساوة الطبيعة وشظف العيش فتأثر بها في كتابة أشعاره بمفرداتها الخشنة وأوصافها المطابقة لبيئته
عندما أنشد الخليفة العباسي المتوكل يمدحه جادت قريحته بهذه الأبيات : -
أنت كالكلب في حفاظك للود
وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمناك دلواً
من كبار الدلاء كبير الذنوب
فأندهش الحاضرون في مجلس الخليفة كيف يصف الخليفة كالكلب والتيس والدلو
لكن الخليفة يعرف حقيقته وأن قصده المدح ولكن بيئته البدوية التي نشأ فيها أثرت في مفرداته وخشونتها
فأمر له بدار جميلة فيها بستان جميل على شاطيء دجلة في بغداد ليقيم هناك ويطلع على مدنيتهم وحضارتهم وطبيعة الحياة وبجالس شعرائهم وعلمائهم وينهل من حياتهم
وأقام مدة من الزمن ثم أستدعاه الخليفة وأنشده الشاعر قصيدة جديدة وكانت المفاجأة من أرق الشعر وأعذبه في قصيدته عيون
المها يقول فيها : -
عيون
المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن
سلوت ولكن زدن جمراً على جمر
ثم قال الخليفة المتوكل وهو فرحا انظروا كيف تغيرت به الحال وخشيت أن يذوب رقة ولطافة
نستنتج من هذه القصة إن تغيير البيئة عامل رئيسي ومؤثر لتغيير سلوكيات الإنسان وتعاملاته وألفاظه وأوصافه إلى الأسوأ أو الأحسن حسبما كان الإتجاه
المغزى إذا رأينا الشخص بتصرفات غير أخلاقية وألفاظ سوقية فلنسأل عن بيئته التي نشأ وترعرع فيها وأخذ منها فهي تعكس صفاته ومفرداته
البيئة تشمل المجتمع والحي والأسرة والمدرسة والعادات والتقاليد والأعراف
منظومة متكاملة لا تغني إحداهما عن الأخريات
وتشكل الوعي العام وبها تبنى الحضارات وترتقي
وبيئة غير سوية تنتج أفراد غير أسوياء عندها من نلوموا
إنما الأمم الأخلاق مابقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
تستطيع المشاركة هنا والرد على الموضوع ومشاركة رأيك عبر حسابك في الفيس بوك
fdk hg;gf ,ud,k hglih f,k ahsu