في ميعة صباي حفظت حكمة قالها لي سائق أجرة في دمشق، إذ قال للتأكد من طيب نفوسنا تجاه المبلغ الذي اشترطه:" ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام، فإن كنتم رضيتم بهذا المبلغ حياءً فأخبروني".
راقت لي هذه الجملة المأثورة والتي لم أسمع بها من قبل آنئذ، فأخذت أتحدث مع هذا"الشوفير"-كما في لهجة أهل الشام-، ففاجأني بثقافته وسعة اطلاعه، وكان مما قال لي أنه يعكف هذه الفترة على قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى-.
والحق بأن ثقافته كانت مفاجئة لي؛ إذ إنّ الغالب على شاغلي بعض المهن هو انشغالهم عن العلم بطلب الرزق، وهم على أجر لا ريب...وهنا أتذكر قصة الأديب المصري الكبير محمود الطناحي مع الجزّار المثقف، والتي أثبتها كاملة في مقال مستقل، خلاصتها المفاجئة أن ذلكم الجزّار كان من خريجي دار العلوم العريقة(درعمي).