صدر قرارُ المَجمَع الفقهي بجُدَّة ، والمجمَع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلاميِّ ، واللَّجنة الدَّائمة بأنه لا يجوزُ التعامُل بأسهُمِ الشَّرِكات المختلَطَة، وهي أسهُمُ الشَّرِكاتِ التي تكون معاملاتُها في الأصلِ مباحةً، لكنَّها تتعامَلُ بالحرامِ في أخْذِ
الفوائِدِ الرِّبويَّة، أو الاستقراضِ بفائدةٍ، أو تُبرِم عقودًا فاسدةً
فأقول وبالله التوفيق: ترجع لي بعد البحث وإمعان النظر في الأدلة الشرعية، وسبر أقوال العلماء المتقدمين انه يحرم على المسلم الاشتراك في شركات تودع أموالها في المصارف وتأخذ مقابل هذا الايداع فوائد ربوية، أو تقترض بفوائد
ربوية، وكذا بطلان العقود التي يدخلها الربا، سواء كان في شركات قطاع عام أم خاص، وسواء كان مكتتباً، أو مشترياً، وسواء كان كثيراً أم قليلاً، مهما بلغت نسبة ذلك من الضآلة، معقود عليه أصالة أم تبعاً، منفرداً أو مختلطاً بغيره، وقد
توصلت إلى هذه النتيجة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً.
وقد صدر بهذا قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وهو القرار الرابع، الصادر عن الدورة الرابعة عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة في 20 شعبان عام 1415ه، حيث جاء في الفقرة التالية:
«لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك».
«إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها».
وجاء في القرار «.. والتحريم في ذلك واضح لعموم الأدلة من الكتاب والسنّة في تحريم الربا، ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك، يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءاً شائعاً
من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه وبتوكيل منه،
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
فالشركات التي تتعامل بالمعاملات الربوية قرضاً أو اقتراضاً مع أن نشاطها الأساسي في أصل مباح كصناعة الحديد أو البتروكيماويات أو الزراعة أو الصناعة أو الخدمة العامة، اختلف أهل العلم في جواز بيع وشراء أسهمها على قولين،
أصحهما هو القول القاضي بتحريم شراء وبيع أسهم تلك الشركات، وهذا هو قول أكثر العلماء المعاصرين وأكثر المجامع الفقهية والهيئات، وهو قول المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي،
وفتوى اللجنة الدائمة برئاسة شيخنا ابن باز وهو آخر القولين لشيخنا محمد بن عثيمين _رحمهم الله جميعاً_ واستدلوا بأن السهم يمثل حصة مشاعة من صافي مكونات الشركة، ومالك السهم شريك في هذه الشركة المساهمة، وإذا كانت
الشركة تقترض أو تقرض بالربا فيكون مالك السهم شريكاً في هذه الشركة المساهمة، وإذا كانت الشركة تقترض أو تقرض بالربا، فيكون مالك السهم قد تُعُومل بجزء من أسهمه بالربا؛ لأن الشركة مبناها على الوكالة، فالمساهم إما أن يقوم
بنفسه أو يقوم غيره كأعضاء مجلس الإدارة بالعمل، وعليه فالمساهم في شركةٍ ترابي بالربا فهو يعد شريكاً في هذا التعامل قلَّتْ نسبة الربا أو كثرت، وكونه يدعي عدم رضاه لا يخوله بالاستمرارية وله مندوحة عن المساهمة فيها.
وضع الأسهم في الشركات فيه نظر ، لأننا سمعنا أنهم يضعون فلوسهم لدى بنوك أجنبية أو شبه أجنبية ، ويأخذون عليها أرباحاً ، وهذا من الربا ، فإن صح ذلك فإن وضع الأسهم فيها حرام ومن كبائر الذنوب ، لأن الربا من أعظم الكبائر ، أما
إن كانت خالية من هذا فإن وضع الأسهم فيها حلال إذا لم يكن هناك محذور شرعي آخر ). انتهـى . مجموع فتاوى الشيخ ج18 / 112 - 113 .