لڪَي ٺٺمڪَن من آلمشآرڪَة معنآ عليڪَ آلٺسجيل من هنآ

يمنع وضع الصور النسائية والأغاني والنغمات

http://www.x2z2.com/up/uploads/13328416481.png

 
العودة   منتديات شمس الحب > «®™§¤§ منتــديات شمس الحب الآداريــــة §¤§™®» > سلة المحذوفات والمواضيع المكررة
 

سلة المحذوفات والمواضيع المكررة اي موضوع مكرر ومهيء للحذف تجده هنا

 
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /09-24-2012, 01:40 PM   #1

لميسـ غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 9523
 تاريخ التسجيل : 23 - 9 - 2008
 الجنس : ~ الاهلي
 المشاركات : 155,340
 الحكمة المفضلة : Canada
 SMS :

Male

افتراضي تاريخ الدولة الأخيضرية في إقليم اليمامة

أنا : لميسـ





الدولة الأخيضرية في اليمامة

الدكتور فهد بن عبد العزيز الدامغ
كلية الشريعة واللغة العربية - رأس الخيمة

عانت أقاليم الجزيرة العربية بعامة من الإهمال والعزلة منذ أن انتقل مركز الخلافة من هذه البلاد. وقد اختلفت درجة هذه المعاناة من إقليم لآخر. وكانت بلاد نجد أو ما يعرف في تنظيمات الدولة الإسلامية في عصري الدولتين الأموية والعباسية بـ»ولاية اليمامة«، أكثر أقاليم الجزيرة العربية معاناة من الإهمال والعزلة.
وما أن حلّ القرن الثالث الهجري حتى بدأت بوادر الضعف تظهر على الخلافة العباسية. وسرعان ما اشتد هذا الضعف وبلغ ذروته حين تسلط القادة الأتراك على الخلفاء، وبدأ ما عرف في تاريخ الدولة العباسية بعصر نفوذ الأتراك (232 - 334 هـ/ 847 - 946 م). وفي هذا العصر، شغلت الخلافة بكثير من المشكلات الداخلية، من أبرزها المنافسات بين قادة الأتراك وما نتج عنها، وكثرة الفتن والتمردات والثورات التي تغذيها دوافع سياسية أو دينية«. وقد أتاح ذلك كله فرصة لاستشراء ما عرف بظاهرة »الدول الإقليمية«، بحيث استغلت بعض القوى تضعضع أوضاع الخلافة، وارتخاء قبضتها على أقاليم الدولة المترامية الأطراف، وبخاصة في بعض المناطق النائية، ونجحت في اقتطاع بعضها والاستقلال به استقلالاً تامّاً، أو استقلالاً ذاتياً لم يبق للخلافة فيه سوى نفوذ اسميّ يتمثل في إعلان التبعية من خلال الخطبة والسكة فقط.
وكانت بلاد اليمامة التي تعدّ من أكثر أقاليم الدولة الإسلامية معاناة من العزلة والإهمال، من المناطق التي تأثرت بهذه الظاهرة. فظهرت فيها في منتصف القرن الثالث الهجري دولة علوية مستقلة استقلالاً تامّاً عن الخلافة العباسية، عرفت بالدولة الأخيضرية.
وقبل أن نتعرف الأسباب التي أدت إلى قيام هذه الدولة، والعوامل التي ساعدت على استمرارها، وطبيعة سياستها تجاه أهالي المناطق التي حكمتها، وعلاقاتها الخارجية بالقوى المجاورة، وحدود المنطقة التي حكمتها، ومعالم تاريخ الإقليم خلال فترة حكمها، وتاريخ سقوطها، نرى أن نشير بإيجاز - بادئ ذي بدء - إلى الأوضاع السياسية ببلاد اليمامة قبيل قيام الدولة الأخيضرية، ونمط الحياة الاجتماعية لسكانها، وطبيعة صلاتهم بمركز الخلافة العباسية في بغداد ونظرة كل من الطرفين للآخر.
وذلك، لما لهذه الأمور من أثر في مسار مجريات الأحداث فيما بعد، ولأن الإلمام بها يساعد في تفسير الأحداث التي وقعت في المنطقة والربط بينها. وهذا أمر مهم في ظل الشحّ الشديد في المعلومات عن تاريخ المنطقة في هذه الفترة التي يحيط الغموض بكثير من معالمها.

الأوضاع السياسية ببلاد اليمامة قبيل قيام الدولة الأخيضرية
كان يسكن بلاد اليمامة قبيل قيام الدولة الأخيضرية عدة قبائل، أهمها قبيلة تميم التي كانت تحتل الأجزاء الشمالية من بلاد اليمامة، وتمتد منازلها إلى أطرافها الشرقية( [1])، ثم قبيلة حنيفة التي كانت تقطن قلب بلاد اليمامة( [2])، يليها جنوباً بنو هزَّان من عنزة، وبنو النمر بن قاسط بن ربيعة، وبنو جرم من قحطان( [3]). أما عن جنوبي اليمامة، فأغلب سكانه آنذاك كانوا من قبائل بني كعب بن عامر بن صعصعة المضرية. وفي أقصى غربي اليمامة كانت منازل قبيلة باهلة. هذا، إضافة إلى قبائل أخرى ذات صبغة بدوية تجوب فيافي اليمامة ومراعيها، وتتحرك إلى أقاليم مجاورة، مثل بني نمير، وبني كلاب، وبني عُقَيل( [4]).
أما عن نمط الحياة الاجتماعية لسكان اليمامة آنذاك، فقد كان يقوم على أساس قبلي، سواء منهم من كانوا يسكنون المستوطنات الزراعية أم من كانوا يعيشون حياة البداوة الخالصة في الصحراء. ومعلوم أن سمات من تغلب عليهم صفة البداوة الرغبة في عدم الانضباط والنزوع إلى التمرد على الأنظمة( [5]).
ولو أردنا إعطاء صورة لطبيعة النظرة المتبادلة بين السلطة المركزية المتمثلة في الخلافة، وأهل هذه المنطقة، لوجدنا أن الخلافة تنظر إلى هذه البلاد على أنها بلاد فقيرة قليلة الموارد لا تفي مواردها باليسير مما يتطلبه أمر الحفاظ على الأمن والاستقرار في ربوعها الواسعة وإصلاح أحوالها، وتنظر إلى أهلها بأنهم أهل جفاء وتمرّد. ومن هنا كان ينظر إليها على أنها ولاية ثانوية( [6]).
لهذا لم يكن يراعى - في كثير من الأحيان - في من يسند إليه أمرها أن يكون على قدر كبير من الكفاءة والمقدرة وحسن التصرف، بل يختار لها في أحيان كثير من يتصف بالشدة، بغرض إخضاع أهلها لنفوذ الحكم المركزي، مهما صاحب ذلك من عنت وقسوة وشدة في التعامل من قبل بعض الوُلاة، أو بعض من كانوا يتولّون جباية الزكاة من القبائل البدوية( [7]).
ويضاف إلى ما سبق أن الدولة لم تُول عناية واهتماماً لأمور هذه البلاد ومصالح أهلها بما من شأنه أن يحدث تغييراً في حياتهم، وبالتالي يزرع في قلوبهم الولاء، كل ذلك كان له أثره في نظرتهم السياسية للسلطة المركزية وطبيعة علاقتهم بها.
فإذا كانوا قد خضعوا لسلطة الدولة في فترات قوتها واستقرارها، فإن الأمر يختلف تماماً في فترات الضعف والاضطراب، إذ سرعان ما يظهر عند بعض سكان هذه البلاد، وبخاصة من تغلب عليهم صفة البداوة، ميلٌ إلى التمرد والإخلال بالأمن والجنوح إلى الفوضى، كلما وجدوا فرصة لذلك.
كما يلاحظ وجود ميل لديهم إلى مساندة الثائـرين على السلطة المركزية - سواءٌ كانوا من العلويين أو غيرهم - تعبيراً عن سخطهم من ناحية، ورغبة في الحصول على المكاسب المادية من ناحية أخرى.
ولعل قرار الخليفة العباسيّ المعتصم (218 - 227 هـ/ 833 - 842 م) إسقاط كثير من العرب من ديوان الجند، وإحلال الأتراك محلهم، كان له أيضاً أثر سلبي على علاقة القبائل البدوية بالسلطة المركزية. فقد عاد بعض أفراد هذه القبائل إلى مواطنهم الأصلية في بلاد نجد، بعد أن فقدوا مصدر رزقهم، وهم يحملون ضغناً على تلك السلطة( [8]).
وإذا كانت علاقة بعض أهل هذه البلاد بالسلطة المركزية في مطلع القرن الثالث الهجري يشوبها التوتر في بعض الأحيان، وينعكس هذا الأمر سلباً على الأوضاع السياسية والأمنية فيها، فإن العلاقات بين السكان أنفسهم لم تكن جيدة هي أيضاً، مما زاد الأمر سوءاً.
لقد كان التنافس على المراعي وموارد المياه وغيرها، يؤدي إلى التنافر والعداء، ويتطور أحياناً إلى مناوشات وحروب، ليس بين قبيلة وأخرى مجاورة فقط، بل أحياناً بين فروع القبيلة نفسها( [9]).
ثم هناك أمر آخر يدركه من يمعن النظر في طبيعة العلاقات بين سكان المنطقة في النصف الأول من القرن الثالث الهجري، هذا الأمر هو وجود توتر في العلاقات بين القبائل التي يغلب عليها طابع التحضّر والاستقرار، والقبائل التي يغلب عليها طابع البداوة. فقد كانت الأولى - وهي الأكثر ميلاً إلى حبّ الاستقرار والهدوء، والأكثر قبولاً للخضوع للسلطة المركزية - تعاني من الثانية التي تجنح إلى الفوضى والتمرد كلما وجدت ظروفاً مناسبة.
ولعل تمرد القبائل البدوية في الحجاز وعالية نجد وأطراف اليمامة، خلال الفترة من سنة 230 هـ/ 845 م حتى 232 هـ/ 847 م، يُعد أبلغ دليل على سوء الأوضاع السياسية والأمنية واضطرابها في هذه البلاد، خلال النصف الأول من القرن الثالث الهجري.
وقد أفاض المؤرخون في ذكر أخبار هذا التمرد، وكيف تم التصدي له والقضاء عليه. وخلاصة ما ذكروه أن قبائل بني سُليم، وبني هلال، وفزارة التي كانت تقطن حول المدينة المنورة، وفي الجزء الشمالي من عالية نجد، تطاولوا على الناس، وعاثوا في الأرض فساداً، فأصبحوا يتعدّون على أسواق بعض البلاد، ويمارسون السلب والنهب وقطع الطريق، وبخاصة بعد أن تمكنوا من إلحاق الهزيمة بوالي المدينة والقوة التي أرسلت من بغداد لمساندته( [10]). ثم ما لبث هذا التمرد أن امتد إلى قبائل بني كلاب في وسط عالية نجد، وقبائل بني نمير في شرقي العالية وأطراف اليمامة( [11]). وبهذا أصبح جزء كبير من وسط الجزيرة العربية يعاني من هذا التمرد.
حينئذ أدرك الخليفة العباسي الواثق (227 - 232 هـ/ 842 - 847 م) خطورة الأمر، ورأى ضرورة التصدي له بحزم وقوة، وأسند هذه المهمة إلى أحد أبرز قادته، وهو بغا الكبير أبو موسى.
توجه بغا على رأس جيش قوي إلى المدينة المنورة في سنة 230 هـ/ 745 م، وتمكن من إلحاق الهزيمة ببني سُليم وأسْرِ أعداد كبيرة منهم ومن المتعاونين معهم من بني هلال وفزارة( [12]). وبعد نجاحه في إخضاع القبائل التي حول المدينة، توجه إلى بني كلاب في وسط عالية نجد ووصل إلى ضريّة( [13]). فأعلن بنو كلاب الخضوع والعودة إلى الطاعة. فقبض بغا على نحو ثلاثمائة وألف رجل منهم ممن نُسب إليهم المشاركة في الفساد، وعاد بهم إلى المدينة حيث أودعهم السجن( [14]).
وفي تلك الأثناء، كان بنو نمير يعيثون فساداً في شرقي عالية نجد وما يليه من بلاد اليمامة. وكان الشاعر اليمامي عمارة بن عقيل بن جرير (الشاعر) التميمي قد توجه إلى الخليفة الواثق. فلما دخل عليه، أنشده قصيدة مدحه بها، ثم أخبره بأوضاع بلاده وما تعانيه من قبيلة بني نمير المتمردة( [15]).
فكتب الخليفة على أثر ذلك إلى قائده بغا يأمره بالتوجه لإخضاع بني نمير. وسار بغا بقواته من المدينة نحو اليمامة في مطلع سنة 232 هـ/ 846 م، وكانت أول مواجهة له مع جماعة من بني نمير في موضع يدعى الشُّريف بعالية نجد، حيث تمكن من هزيمتهم، وقتل منهم أكثر من خمسين رجلاً وأسر آخرين، ثم واصل سيره حتى نزل ببلدة مرأة (مرات) المعروفة بإقليم الوشم، وكان أهلها آنذاك من بني تميم( [16]).
ومن هناك أخذ بغا يرسل الرسل إلى بني نمير يطلب منهم العودة إلى طاعة الخلافة، ويعرض عليهم الأمان مقابل ذلك. لكنهم كانوا يرفضون عروض بغا ويسيؤون إلى رسله، حتى بلغ الأمر حدَّ قتل أحد رسله وجرح الآخر. حينئذ قرّر بغا مواجهتهم، وتوجه لقتالهم( [17]).
وفي الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة 232 هـ/ 847 م، دارت بين الطرفين معركة كبيرة في موضع يدعى »روضة الأمان«، قرب بلدة أُضاخ( [18]). وكادت أن تحل الهزيمة ببغا وقواته في أول الأمر، إلا أن الدائرة دارت على بني نمير، فهزموا هزيمة ساحقة، وقتل منهم زهاء خمسمائة وألف رجل، وفرّ من نجا منهم( [19]).
بعد هذه الهزيمة أعلن بعض بني نمير الطاعة، وأرسلوا إلى بغا يطلبون الأمان، فأعطاهم الأمان. أما من استمر في تمرده، فقد بعث سرايا تتعقبهم، وساعده في ذلك وصول مدد إليه من العراق يبلغ نحو سبعمائة رجل. ويلاحظ أن بغا نزل في هذه الفترة بحصن باهلة واتخذه مركزاً تنطلق منه سراياه لتعقّبِ المتمردين( [20]).
ونزوله أولاً في بلدة مرأة (مرات) وهي من ديار بني تميم، ثم في حصن باهلة، وقبل ذلك استنجاد الشاعر اليمامي عمارة بن عقيل بالخليفة الواثق - كل ذلك يدل على أن القبائل المتحضرة في اليمامة مثل تميم وباهلة، كانت ملتزمة بالطاعة للخلافة، بل كانت تقدم العون لقوات الخلافة في مواجهة المتمردين.
أقام بغا في بلاد نجد نحو سنة، نجح خلالها في القضاء على تمرد الأعراب. وأسفرت عملياته خلال تلك الفترة عن أسر نحو ثمانمائة رجل جُلُّهم من بني نمير. وبعد أن اطمأن على استقرار الأوضاع، توجه نحو البصرة في طريقه إلى سامراء، عاصمة الخلافة آنذاك، وبصحبته من وقع في يده من الأسرى، وكتب إلى والي المدينة أن يتوجه بمن عنده من الأسرى من بني سُليم وكلاب وغيرهم إلى العراق، فالتقيا في بغداد. وكان جملة عدد الأسرى الذين وصلوا إلى العراق نحو مائتين وألفين، سوى من مات منهم في الطريق أو هرب( [21]).
ويبدو أن ثورة الأعراب هذه أدت إلى نوع من الاهتمام بهذه البلاد في تلك الفترة. فقد أسندت ولاية اليمامة في سنة 231 هـ/ 846 م إلى إسحاق بن أبي خميصة( [22])، وهو من أهل أُضاخ. ولم تشر المصادر إلى مشاركة للوالي الجديد في قمع التمرد، لكنها أوردت إشارات تدل على أنه كان يقيم في اليمامة، وأنه قام ببعض الأعمال العمرانية، ومنها إنشاء جامع في عقرباء( [23]).
ولا شك في أن نجاح حملة بغا مهّد السبيل لإسحاق بن أبي خميصة، وساعده في السيطرة على مقاليد الأمور في أرجاء البلاد الواسعة، ونشْر الأمن فيها. وهذا ما كانت تفتقده منذ أزمان طويلة. وقد عبر أحد الشعراء عن هذا الأمر في قصيدة مدح بها ابن أبي خميصة، وجاء فيها:

أمنا - بحمد الله - من بعد خوفنا

وزدنا، فمنّا معزب ومريح


ونمنا وما كنّا ننام، وأطلقت

حمائل من أعناقنا وصفيح


فإن ترتحل يحنّ نجدٌ وأهله

وإلاّ فنجدٌ ما أقمت مليح


وحقّ لِنَجْدٍ أن تحنَّ ولم يبت


يئنّ بنجدٍ مُذ وليت جريح( [24])



بيد أن هذا التحسن في الأوضاع الأمنية ببلاد اليمامة كان آنياً، إذ ما لبث الإقليم أن عاد إلى دائرة الإهمال والعزلة، وبالتالي ضعف أثر السلطة المركزية فيه. وعلى الرغم من أن المصادر ذكرت أن ولاية اليمامة أسندت في سنة 236 هـ/ 850 م إلى محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، مع ولاية البحرين وطريق مكة، وفي سنة 248 هـ/ 862 م أسندت إلى محمد بن عبد الله بن طاهر مع العراق والحرمين، وفي سنة 252 هـ/ 866 م إلى محمد بن عون مع البصرة والبحرين( [25])، فإن ولاية هؤلاء لليمامة - فيما يبدو - كانت ولاية صورية. فأيّ منهم لم يُقم باليمامة، ولم تحظ منه أو من الإدارة المركزية باهتمام يُذكر، وبخاصة في ظل الضعف الشديد الذي حل بالخلافة العباسية بعد عصر الواثق.

أصل الأخيضريين وقيام دولتهم في اليمامة
أ - أصل الأخيضريين وظهورهم بالحجاز
الأخيضريّون علويّون، من بني الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما( [26]). وموطنهم الأصلي بلاد الحجاز. وقد اشتهر منهم محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى (الجون) بن عبد الله (المحض) بن الحسن (المثنى) بن الحسن (السبط) بن علي بن أبي طالب. وكان يلقب بـ»الأخيضر الصغير«، وقد فر إلى اليمامة وأقام دولة بها عرفت بالدولة الأخيضرية.
ويلاحظ أن لقب الأخيضر أُطلق أولاً على يوسف بن إبراهيم والد محمد صاحب اليمامة، كما أنه أطلق على محمد نفسه. فقد ذكر ابن عنبة أن يوسف كان يُعرف بالأخيضر، وأن ابنه أبا عبد الله محمد صاحب اليمامة يُعرف بالأخيضر الصغير( [27]). إلا أن هذا اللقب ارتبط بالابن أكثر من أبيه بسبب شهرته وتمكنه من إقامة دولة له ولعقبه في بلاد اليمامة نُسبت إليه.
أما عن سبب إطلاق لقب الأخيضر على يوسف ثم على ابنه محمد، فلم تذكر كتب الأنساب أو غيرها من المصادر التاريخية بياناً لذلك. ولعلها تصغير لكلمة »أخضر«.
وقد جاء في "لسان العرب" لابن منظور: »يقال للأسود أخضر، والخضرة في ألوان الناس السمرة، والخضر قبيلة من العرب سُمّوا بذلك لخضرة ألوانهم«( [28]). وبناءً عليه، يمكن أن يكون يوسف بن إبراهيم لُقّب بـ»الأخيضر«، لأن لون بشرته يميل إلى السمرة؛ وكذلك ابنه محمد (الأخيضر الصغير).
أما بداية ظهور الأخيضرين على مسرح الأحداث السياسية، فكانت في بلاد الحجاز سنة 251 هـ/ 862 م، حين تزعم إسماعيل بن يوسف (الأخيضر) ثورة ضد الدولة العباسية، وهاجم مكة. فاضطر أميرها آنذاك، جعفر بن عيسى بن موسى العباسي، إلى الهرب، وتمكّن إسماعيل - بعد أن قتل بعض جند الأمير ومن ساعدهم - من نهب دار الإمارة ومنازل أعوان الأمير، واستولى على أموال كانت قد أُرسلت من قبل الخلافة إلى مكة لإجراء إصلاحات بعين زبيدة. ولم يكتف بذلك، بل استولى على ما كان في الكعبة وفي خزائن الحرم من الذهب والفضة وكسوة الكعبة، وأخذ من الناس نحو مائتي ألف دينار، وخطب لنفسه بالمسجد الحرام( [29]).
بقي إسماعيل وأتباعه بمكة نحو خمسين يوماً، عاثوا خلالها فساداً في مكة، نهباً وقتلاً وحرقاً، ثم خرجوا منها وتوجّهوا نحو المدينة النبوية. وبسبب ما أظهره إسماعيل من ظلم وقسوة وجرأة على سفك الدماء، لُقِّب بـ»السّفّاك«. وكانت أخبار أفعاله تلك قد بلغت المدينة، فأحدثت عند أهلها فزعاً وغضباً، وبخاصة بعد أن قرّر أميرها وحاشيته الهرب خوفاً من »السّفّاك«( [30]).
وأما أهل المدينة، فقد قرروا المقاومة والصمود، فحصّنوا مدينتهم واستعدوا للدفاع عنها. وعندما وصل السّفّاك، فرض حصاراً على المدينة وأخذ في مهاجمتها، وقد أظهر أهلها صموداً وبسالة، ونجحوا في صد المهاجمين على الرغم ممّا نالهم من عناء( [31]).
عاد السّفّاك إلى مكة، لكن أهلها قرروا مقاومته هذه المرة، بعدما نالهم من عناء حين دخل السّفّاك وأتباعه مكة في المرة السابقة، وشجعهم على ذلك نجاح أهل المدينة في صدِّه.
فرض السّفّاك حصاراً على مكة استمر نحو شهرين، نال أهلها منه عناءً وبلاءً عظيمين، ومات بسببه أهل مكة جوعاً وعطشاً. وبعد أن عجز عن اقتحام مكة، توجه إلى جدّة، واستولى على ما فيها من أموال التجار وبضائعهم( [32]).
وعلى الرغم من أهمية المنطقة التي ثار فيها السفاك وبشاعة الأعمال التي قام بها، فإنّ تحرك الخلافة العباسية لمواجهته كان بطيئاً وضعيفاً أيضاً، وذلك بسبب ما كانت تعانيه الخلافة في تلك الأثناء من ضعف واضطراب في أوضاعها. وعلى أي حال، فقد أرسل الخليفة المعتز بن المتوكل (251 - 255 هـ/ 862 - 866 م) جيشاً بقيادة محمد بن أحمد بن عيسى، وعيسى بن محمد المخزومي. ووصل الجيش إلى مكة قبيل موسم الحج سنة 251 هـ/ 862 م، في حين كان الثائر في جدة.
تحرك السفاح لمواجهة الجيش العباسي، ودارت بين الطرفين معركة في يوم عرفة على صعيد عرفات، هزم فيها الجيش العباسي، ووقع السلب والنهب والقتل في الحجّاج على يد السّفّاك وأتباعه. فقتل أكثر من ألف حاج، وهرب آخرون دون أن يتموا حجهم. وعاد السّفّاك إلى جدة( [33]).
وبقي أهل مكة والمدينة يترقبون أخبار السّفّاك ويخشون عودته لمهاجمتهم، حتى جاءت الأخبار بإصابته بمرض الجدري، ثم وفاته في سنة 252 هـ/ 863 م، وكان عمره اثنين وعشرين سنة( [34]).
بعد وفاة إسماعيل (السّفّاك) خلفه أخوه محمد (الأخيضر الصغير) في قيادة الثورة. ومحمد أكبر من إسماعيل بنحو عشرين عاماً( [35])، أي أنه كان قد تجاوز الأربعين حين خلف أخاه. وكانت الخلافة العباسية قد أدركت مدى خطورة هذه الثورة وقوتها، فأرسلت جيشاً آخر إلى الحجاز أكثر قوة واستعداداً من سابقه، وأسندت قيادته إلى أبي الساج لأشروشني، وهو أحد القادة الأتراك الكبار.
وقد استطاع هذا الجيش إلحاق الهزيمة بمحمد الأخيضر. وحينئذ قرر الأخيضر الانسحاب من الحجاز والهرب نحو اليمامة( [36])، لإدراكه عدم قدرته على الصمود أمام هذا الجيش، ولمعرفته أن أهل الحجاز أصبحوا يكنّون كرهاً وتذمراً لقيادة هذه الثورة وأتباعها بسبب الأفعال السيئة التي قاموا بها.


ب - انتقال الأخيضريين إلى اليمامة وقيام دولتهم بها
المعلومات عن تاريخ الأخيضريين في اليمامة، وعن تاريخ هذه المنطقة بوجه عام، خلال الفترة الممتدة من منتصف القرن الثالث الهجري حتى أواخر القرن الخامس الهجري، وهي الفترة المعاصرة لحكم الأخيضريين قليلة جداً.
ولذلك على الباحث الذي يحاول التصدي لجلاء بعض الغموض الذي يكتنف تاريخ هذه البلاد خلال تلك الفترة وما بعدها أن يتتبع ما ورد من شذرات عن تاريخها في ثنايا أنواع المصادر المتاحة كافة، كما أن عليه الاستنتاج والتحليل والربط بين الأحداث، مستعيناً بكل ما له صلة بهذه المنطقة من ناحية، وبما كان سائداً في المناطق المجاورة من ناحية أخرى؛ للاستفادة من ذلك كله في محاولة إيضاح بعض الجوانب، وتفسير بعض المتغيرات التي حدثت في المنطقة موضع الدراسة.
ولعل من المناسب قبل أن نتحدث عن انتقال الأخيضريين إلى اليمامة وتاريخ دولتهم بها، أن نشير بإيجاز إلى أهم مصادر تاريخهم. وهنا تأتي كتب الأنساب في المقدمة، حيث احتوت على جُلِّ المعلومات المتوافرة عن الأخيضريين، ومن أبرزها: كتاب "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456 هـ/ 1064 م، وكتاب "عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب" لأحمد بن علي بن عنبة الحسني المتوفى سنة 828 هـ/ 1425 م، وهذا الكتاب يتضمن أوسع المعلومات التي وصلتنا عن الأخيضريين فيما أعلم.
أما كتب الرحلات والجغرافيا ومعاجم البلدان، فتأتي في الدرجة الثانية، ومنها: كتاب "صورة الأرض" لابن حوقل المتوفى بعد سنة 367 هـ/ 978 م، و"صفة جزيرة العرب" للهمداني المتوفى في حدود سنة 344 هـ/ 955 م، ورحلة ناصر خسرو المسماة "سفرنامه"، وهو شاهد العيان الوحيد الذي مر ببلاد الأخيضريين أثناء فترة حكمهم ودوّن معلومات عنهم وصلتنا مباشرة، و"معجم البلدان" لياقوت الحموي.
هذا، إلى جانب كتب التاريخ، ومنها: كتاب "مروج الذهب ومعادن الجوهر" للمسعودي، وكتابه الآخر "التنبيه والإشراف"، و"صبح الأعشى" للقلقشندي، و"تاريخ ابن خلدون"( [37]).
أما الأسباب التي جعلت الأخيضر يختار الانتقال إلى اليمامة بعد أن قرر الانسحاب من الحجاز، فتكمن - فيما يظهر لنا - في انعزال هذا الإقليم وضعف نفوذ الدولة العباسية فيه في تلك الفترة، وإدراك الأخيضر أن نظرة السلطة العباسية لأهميته أقل بكثير من نظرتها لأهمية الحجاز، إضافة إلى معرفته بوجود تذمّرٍ وميل إلى الخروج عن طاعة الخلافة لدى القبائل البدوية التي تقطن عالية نجد وبلاد اليمامة.
والمصادر لا تمدنا بمعلومات عن خط سير الأخيضر في تحركه من الحجاز حتى بلغ اليمامة، وهل واجه عقبات في هذا الطريق الطويل أو لا؟ ومن صحبه في تحركه؟ ومن ساعده؟ وإنما هي تشير فقط إلى أنه وصل إلى اليمامة واستولى على الخضرمة وجعلها قاعدة لحكمه.
ولعل الأخيضر استعان بالقبائل البدوية في عالية نجد، وبخاصة بني كلاب. فقد كانت تربطه بهم صلة مصاهرة، فجدّته أمّ والده هي قطبية بنت عامر بن الطفيل من بني جعفر بن كلاب( [38]). ولذلك نفترض أنه لقي دعماً من بني كلاب الذين كانوا يسيطرون على معظم بلاد عالية نجد، وكانت ديارهم تمتد من حدود الحجاز الشرقية حتى مواقع قريبة من حدود اليمامة الغربية( [39]). كما نفترض أنه لقي دعماً من قبائل أخرى، مثل بني نمير الذين تلقوا - قبل فترة ليست بعيدة - ضربات موجعة على يد القائد العباسي بغا الكبير كما أشرنا من قبل.
ثم إننا لا نستبعد أن يكون الأخيضر لا يزال يحتفظ بجزء من تلك الأموال الكثيرة التي نهبها أخوه السّفّاك من مكة وجدة، وبالتالي ربما استخدم تلك الأموال في إغراء القبائل لمساعدته. وكل هذا سهّل له الوصول إلى اليمامة والاستيلاء على جزء منها.
وبوصول الأخيضر إلى اليمامة في سنة 253 هـ/ 867 م - على أرجح الأقوال( [40]) - واتخاذه الخضرمة مقرّاً له وقاعدة لحكمه، ظهرت في وسط الجزيرة العربية دولة مستقلة استقلالاً تاماً عن الخلافة العباسية، وتعد هذه الدولةُ الدولةَ الثانية التي تعلن استقلالها عن الخلافة العباسية في الجزيرة العربية. فلم يسبقها سوى الدولة الإباضية في عمان سنة 177 هـ/ 379 م( [41]).
ولا نعلم هل واجه الأخيضر مقاومة من أهل اليمامة أو من يمثل السلطة العباسية بها أو لا؟ فالمصادر لا تمدنا بمعلومات عن هذا الأمر. أما ما ذهب إليه أحد الباحثين من أن الأخيضريين واجهوا مقاومة من والي اليمامة أو من أهلها ومنهما معاً، اعتماداً على نص أورده الأصفهاني في كتابه "مقاتل الطالبيين"( [42])، فإن النص المشار إليه لا دلالة فيه على هذا الأمر، ولا صلة له به. فهو يتعلق بالمواجهة بين الأخيضريين وأبي سعيد الجنابي القرمطي. وقد أورده الأصفهاني في حديثه عن أخبار الطالبيين في أيام الخليفة المقتدر (259 - 320 هـ/ 908 - 932 م)، أي بعد أكثر من أربعين سنة من ظهور دولة الأخيضريين باليمامة.
وعلى الرغم من عدم وجود نص يثبت وقوع مقاومة للأخيضريين وأتباعهم حين وصلوا إلى اليمامة، فإن هذا لا يعني عدم وقوعها، بل هي أمر متوقع الحدوث.
وعلى أي حال، فإن منصب والي اليمامة حين وصل الأخيضريون إليها كان مسنداً من الناحية الرسمية إلى محمد بن أبي عون، وهو أحد خاصة الخليفة المعتز. وقد أسندت إليه هذه الولاية إلى جانب البصرة والبحرين سنة 252 هـ/ 866 م( [43])، أي قبل سنة من وصول الأخيضر إليها. ولكن يبدو أن ولايته لها كانت أشبه بولاية صورية؛ فالراجح أنه لم يتوجه إليها، ولم نجد ما يشير إلى أنه أناب أحداً من قبله عليها. وقد كان هذا حال كثير من الولاة في العصر العباسي: فهم حين يمنحون الولاية، يبقون في مركز الخلافة ويسندونها إلى من يقوم بها من أتباعهم، أو يتركونها ويكتفون بمجرد الاسم، وبخاصة الولايات البعيدة وغير المهمة مثل اليمامة( [44]).
أما مدينة الخضرمة التي اتخذها الأخيضر قاعدة له وعاصمة لدولته الناشئة، فقد ذكر الهمداني أن الزعامة فيها كانت لأسرة ذات شهرة ومكانة في اليمامة في ذلك التاريخ هي أسرة آل أبي حفصة( [45])، حيث قال: »وقد ملك الخضرمة بعد بني عبيد من حنيفة آل أبي حفصة، ثم غلب عليها الأخيضر بن يوسف فسكنها«( [46]).
ومنذ ذلك التاريخ اكتسبت الخضرمة أهمية خاصة، وأخذت تزدهر على حساب شقيقتها مدينة حَجْر التي كانت قبل ذلك قاعدة اليمامة ومركز ولاتها، ثم ما لبثت شمسها أن أخذت في الأُفول منذ ظهور الأخيضريين، ففقدت مكانتها وأهميتها في إقليم اليمامة( [47])، وحلت مدينة الخضرمة محلها في الوظيفتين السياسية والتجارية. ففضلاً عن أن الخضرمة أصبحت قاعدة دولة الأخيضريين ومقر سلطتهم، فهي أيضاً أصبحت مركزاً تجارياً مهماً تلتقي فيه عدة طرق تصل إقليم اليمامة بالأقاليم المجاورة؛ وقد حافظت الخضرمة على هذه المكانة حتى زوال الدولة الأخيضرية. حينئذ أخذت حَجْر تستعيد مكانتها مرة أخرى.

فترات حكم الأخيضريين باليمامة
اختلفت آراء الباحثين حول مدة حكم الأخيضريين باليمامة وحول علاقاتهم بالقرامطة. فالبعض يرى أن حكمهم انتهى على يد القرامطة في أول القرن الرابع الهجري، في حدود عام 317 هـ/ 929 م( [48])، أي أن مدة حكمهم لم تتجاوز خمساً وستين سنة فقط. وقد اعتمد من قال بهذا الرأي على ما ورد في بعض المصادر من إشارة إلى أن القرامطة قضوا عليهم. ويلاحظ أن أصحاب هذا الرأي لم يربطوا ما جاء في تلك المصادر بما ورد في مصادر أخرى من أخبار تدل على استمرار حكم الأخيضريين بالمنطقة بعد ذلك.
أما الرأي الآخر، فيرى أن حكمهم استمر حتى ما بعد منتصف القرن الخامس الهجري( [49])، اعتماداً على ما ورد في تلك المصادر التي أشارت إلى استمرار وجودهم بالمنطقة.
ومن خلال تتبّع النصوص التي وردت في ثنايا المصادر والربط بينها، تبين لنا أن حكم الأخيضريين استمر حتى أواخر القرن الخامس الهجري، وأنه مر بمراحل متعددة تراوحت بين قوة وضعف وتبعيّة وسقوط مؤقت. ويمكن تقسيم المراحل زمنياً على النحو التالي:

الفترة الأولى (256 - 295 هـ/ 867 - 908 م):
وهذه الفترة هي فترة التأسيس وقوة الدولة في أول عهدها قبل ظهور دولة القرامطة في إقليم البحرين المجاور. وكانت الظروف مواتية للأخيضريين عند قيام دولتهم: فالخلافة العباسية كانت تعيش حالة ضعف شديد لأسباب كثيرة، منها تسلّط الأتراك، والنزاع بين المستعين والمعتز على الخلافة، واندلاع كثير من الفتن والثورات في مناطق متعددة من بلاد الخلافة.
وكان من أشد هذه الثورات وأكثرها خطراً، ثورة الزنج التي اندلعت في جنوب العراق سنة 255 هـ/ 769 م( [50]) - أي بعد قيام الدولة الأخيضرية بسنتين فقط - وكوّنت حاجزاً بين مركز الخلافة وإقليم اليمامة، وأدت إلى انشغال الخلافة بإخمادها وصرف جُلِّ اهتمامها لذلك فترة طويلة. ولعل هذا كان من العوامل المهمة التي ساعدت الأخيضريين على تثبيت أقدامهم في المنطقة، وأتاحت لهم فرصة البقاء وممارسة نشاطهم بحُريّة، وأبعدت عنهم احتمال مواجهة رادعة من السلطة المركزية( [51]). يضاف إلى ذلك عدم وجود منافس لهم في المنطقة أو المناطق المجاورة في أول عهدهم.
كل هذه الظروف والعوامل أسهمت في نجاح محمد الأخيضر في الاستيلاء على جزء مهم من بلاد اليمامة، يتمثل في منطقة جو الخضارم (الخرج) وما حولها. وساعدته بعد ذلك في تثبيت سلطته واستمرارها. ويلاحظ أن هذا الجزء يعدّ من أكثر بقاع اليمامة خصوبة ووفرةَ مياهٍ، وكانت تقوم فيه مستوطنات زراعية كثيرة، وكان أغلب سكانه من بني حنيفة، وهم أكثر قبائل اليمامة تحضّراً واستقراراً في تلك الآونة.
وقد يرد سؤال هنا عن ماهية القوة التي اعتمد عليها محمد الأخيضر في فرض سيطرته على هذا الجزء. والمصادر لا تجيب على هذا السؤال. ولكن يبدو أن الأخيضر وخلفاءه انتهجوا سياسة الاستعانة بالقوى البدوية في السيطرة على المناطق الحضرية. وهذه السياسة وإن حققت للأخيضريين مكاسب سياسية، وللمتعاونين معهم مكاسب مادية، فإنه كان لها آثار سيئة على المنطقة وسكانها، سوف نشير إليها لاحقاً عند الحديث عن سياسة الأخيضريين الداخلية.
ويُعَدّ محمد الأخيضر أبرز حكّام الفترة الأولى باعتباره المؤسس، ولكن في ظل نُدرة المعلومات عن تاريخ الأخيضريين لا نعلم كم استمر حكمه ومتى انتهى، علماً بأن عمره حين قدم إلى اليمامة كان في حدود ثلاث وأربعين سنة. وقد أشار ابن عنبة إلى أن محمداً أنجب اثني عشر ابناً، أعقب منهم ثلاثة هم: يوسف وإبراهيم ومحمد (ابن محمد) ( [52]).
وقد خلفه في الحكم - بعد وفاته - ابنه يوسف( [53]). ولا نعرف عن فترة حكمه شيئاً أيضاً. وذكر ابن حزم أن يوسف أشرك ابنه إسماعيل معه في الحكم في حياته؛ وبعد وفاته، انفرد إسماعيل بالحكم( [54]). ولم يحدد هو أو غيره تاريخاً لذلك.
في تلك الأثناء، كانت قد قامت دولة قرامطة البحرين على يد أبي سعيد الجنابي سنة 286 هـ/ 899 م. ويبدو أن أبا سعيد بعد أن أحكم سيطرته على إقليم البحرين، وألحق هزيمة ساحقة بجيش الخلافة الذي أرسله الخليفة العباسي المعتضد (279 - 289 هـ/ 892 - 902 م) سنة 287 هـ/ 900 م، أخذ يتطلع إلى مد نفوذه على المناطق المجاورة. ويذكر المسعودي أنه أرسل قوات استولت على أجزاء من عمان؛ كما استولت على يبرين( [55])، وبلاد الفلج (الأفلاج) ( [56]).
أما علاقات أبي سعيد الجنابي بالأخيضريِّين، فقد أورد الأصفهاني في حديثه عن أخبار الطالبيين في عهد الخليفة المقتدر (295 - 320 هـ/ 908 ـ 932 م) خبراً جاء فيه: »وقتل القرمطي المعروف بابن الجنابي( [57]) بالكوفة رجلاً من ولد طباطبا( [58]) لم يقع لي نسبه، وقتل بناحية اليمامة جماعة منهم، يقال لهم بنو الأخيضر، لم تقع إلينا أنسابهم«( [59]).
ويفسر نص الأصفهاني ويؤكده ما ذكره عبد الجبار الهمذاني عن الرسالة التي بعث بها الوزير علي بن عيسى، وزير الخليفة المقتدر، إلى أبي سعيد الجنابي التي جاء فيها: »وزعمت أنك رسول المهدي، وقد قتلت العلويين وسبيت آل الأخيضر العلويين، ومن باليمامة، واسترققت العلويات«( [60]).
ومن خلال هذين النصين، نستطيع أن نؤكد أن أبا سعيد الجنابي دخل في مواجهة مع الأخيضريين في اليمامة، وألحق بهم الهزيمة، وقتل عدداً منهم، وأسر آخرين. ولعل هذا الأمر وقع تقديراً في حدود سنة 295 هـ/ 908 م، فنص الأصفهاني - كما أشرنا - ورد في حديثه عن الطالبيين في أيام المقتدر. وبهذه الهزيمة تنتهي الفترة الأولى من فترات حكم الأخيضريين.

الفترة الثانية (295 - 316 هـ/ 908 - 928 م)
وهذه الفترة فترة غامضة لا تتوافر عنها معلومات واضحة. لذلك لا نعلم هل أدّت الهزيمة السابقة إلى سقوط دولة الأخيضريين الأولى، وفرض سيطرة مباشرة من قبل القرامطة على اليمامة فترة من الزمن، ثم تمكن الأخيضريون بعد ذلك من استعادة حكمهم، أو أنها لم تؤد إلى سقوط حكم الأخيضريين، وإنما أفقدتهم قدراً من استقلالهم، وفرضت عليهم نوعاً من التبعية للقرامطة، ثم استعادوا استقلالهم بعد ذلك شيئاً فشيئاً. والاحتمال الأخير هو الذي نميل إليه.
ولعل الأخيضريين استفادوا من الظروف التي مر بها القرامطة بعد قتل أبي سعيد الجنابي سنة 301 هـ/ 914 م، بسبب عدم وجود شخص مؤهل من أبنائه يخلفه في الزعامة. فابنه الأكبر سعيد كان ضعيفاً وغير قادر على القيام بالمهمة، وابنه الثاني أبو طاهر سليمان كان صغيراً عند وفاة والده، إذ لم يتجاوز السابعة من عمره بعدُ، لذلك تولى إدارة دولة القرامطة مجلس وصاية حتى سنة 310 هـ/ 922 م، حين تسلّم الزعامة أبو طاهر القرمطي. وخلال الفترة المشار إليها، مر القرامطة بمرحلة سكون، ولم يسجل لهم نشاط عسكري يُذكر، واكتفوا بالحفاظ على أوضاعهم الداخلية( [61]).
ويبدو أن الأخيضريين استعادوا قدراً كبيراً من استقلالهم خلال تلك الفترة. فقد ذكر ياقوت نقلاً عن تاريخ ابن سيرين قوله: »وفيها- يعني سنة 310 هـ - انتقل أهل قرّان من اليمامة إلى البصرة لحيف لحقهم من ابن الأخيضر في مقاسماتهم( [62])، وجدب أرضهم«( [63]). وهذا النص يفيد أن الأخيضريين كان لهم نفوذ وسلطة باليمامة في ذلك التاريخ.
أما المسعودي، فقد ذكر حين أشار إلى مهاجمة أبي طاهر القرمطي لمدينة الكوفة في أواخر سنة 313 هـ/ 926 هـ، أنه حين قرر الانسحاب منها والعودة إلى مركزه في الأحساء، سلمها إلى إسماعيل بن يوسف بن محمد الأخيضر( [64]). وهذا يدل على تعاون إسماعيل مع أبي طاهر القرمطي وحسن علاقته به في ذلك التاريخ.
بيد أن علاقة الأخيضريين بالقرامطة ما لبثت أن تحولت من النقيض إلى النقيض بعد سنوات قليلة. فقد ذكر ابن عنبة أن معركة حامية الوطيس دارت بين الأخيضريين والقرامطة سنة 316 هـ/ 928 م، قُتل فيها إسماعيل بن يوسف بن محمد نفسه، وثلاثة من إخوته هم: إبراهيم، وإدريس الأكبر، والحسين؛ كما قُتل فيها أيضاً عمه أبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف( [65]).
ولم يبين ابن عنبة أسباب هذه المعركة، ولم يشر إلى النتائج التي ترتبت عليها من الناحية السياسية. ولعل خلافاً نشب بين الطرفين، تطور إلى هذه المواجهة، أو أن أبا طاهر القرمطي بعد أن علا شأنه بما حققه من انتصارات، لم يعُد قانعاً بالتبعية غير المباشرة للأخيضريين، بل أصبح لا يرضى بأقل من السيطرة التامة على بلادهم.
وحين عدّد ابن حوقل الأعمال السيئة التي قام بها أبو طاهر، ذكر منها: »وقاتلُ آل أبي طالب وبني هاشم، والمستحل دماءهم وفروجهم وأموالهم«( [66]). والأخيضريون - كما هو معلوم - من آل أبي طالب. فلعل ابن حوقل يلمح بقوله هذا إلى ما فعله أبو طاهر بهم. وعلى أي حال، فالفترة الثانية من فترات حكم الأخيضريين تنتهي بهذه الهزيمة التي تلقوها للمرة الثانية من القرامطة.

الفترة الثالثة (316 - 328 هـ تقريباً/ 928 - 939 م)
في هذه الفترة، نرجح أن القرامطة سيطروا سيطرة مباشرة على الحكم في اليمامة، على أثر تلك الضربة القوية التي وجهها أبو طاهر للأخيضريين سنة 316 هـ/ 928 م، مما أدى إلى سقوط مؤقت لدولتهم. ومما يعزز ما ذهبنا إليه أمران:
أحدهما: أن هزيمة الأخيضريين وقعت في فترة الذروة في نشاطات أبي طاهر وقوته العسكرية، واتساع نطاق دولته، حيث امتد نفوذه إلى جنوب العراق، وبلاد عمان( [67])، وبلاد الأحقاف في أقصى جنوب الجزيرة العربية( [68])، واجتاحت جيوشه مكة المكرمة وسيطر على طريق الحج العراقي( [69])، وبالتالي يرجح أنه سيطر على اليمامة أيضاً وهي أقرب البلاد إليه، وبخاصة بعد إلحاق الهزيمة بالأخيضريين.
أما الثاني، فهو ما ورد في عدد كبير من المصادر التاريخية من أن اليمامة كانت تحت حكم أبي طاهر القرمطي في منتصف العقد الثالث من القرن الرابع الهجري. فقد ذكر ابن الأثير أن البحرين واليمامة كانتا في يد أبي طاهر القرمطي سنة 324 هـ/ 936 م( [70]). وذكر مثل ذلك كل من: النويري( [71])، وابن كثير( [72])، وأبو الفدا( [73]). وذكر ابن الجوزي أن اليمامة وهجر وأعمال البحرين كانت في يد أبي طاهر القرمطي سنة 325 هـ/ 937 م( [74])، وذكر مثل ذلك مسكويه( [75]).
ويبدو أن ما حل بالأخيضريين بعد هزيمتهم على يد أبي طاهر، هو الذي جعل بعض المؤرخين يشيرون إلى أن دولة الأخيضريين قَضَى عليها القرامطة. ولعلهم يقصدون دولتهم الأولى، لأنهم استطاعوا استعادة سلطتهم مرة أخرى في فترة لاحقة.
الفترة الرابعة (328 هـ حتى سقوط دولتهم)
لا تتوافر لدينا معلومات عن أوضاع الأخيضريين بعد ما حل بهم سنة 316 هـ/ 928 م. وأوَّل خبر محدد التاريخ ورد عنهم بعد هذه الحادثة - فيما نعلم - هو ما ذكره المسعودي في معرض حديثه عن سكنى طَسْم وجديس لبلاد اليمامة، حيث قال: »وهذا البلد في هذا الوقت - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة - بيد ولد الأخيضر العلوي، وهو من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب «t( [76]).
ومن خلال هذا النص الذي أورده مؤرخ معاصر، يمكن أن نؤكد أن الأخيضريين كانوا يحكمون باليمامة في سنة 223 هـ/ 944 م. والسؤال هنا: متى استعادوا حكمها من القرامطة؟
لا شك في أن ذلك تم بعد سنة 325 هـ/ 937 م التي صرح فيها بعض المؤرخين بأن اليمامة كانت في يد القرامطة، وقبل سنة 332 هـ/ 944 م التي صرح المسعودي بأن الحكم فيها كان بيد الأخيضريين.
ومن خلال تتبّع مجريات الأحداث في المنطقة نرجّح أن الأخيضريين استعادوا حكمهم في حدود سنة 328 هـ/ 940 م تقريباً، وذلك لسببين أحدهما: وقوع فتنة داخلية بين القرامطة في سنة 326 هـ/ 938 م، أدت - كما يقول ابن الأثير - إلى فساد حالهم وقتل بعضهم بعضاً( [77])؛ كما أدت إلى لزوم أبي طاهرٍ بلد هجر وتركِ قصدِ البلاد الأخرى والإفساد فيها( [78]).
أما الثاني، فهو تمرّد بعض الأعراب على أبي طاهر القرمطي سنة 327 هـ/ 939 م، وامتناعهم عن تسليم ما ينهبون من قوافل الحجاج وغيرها إليه( [79]).
ويبدو أن الأخيضريين استغلُّوا هذه الظروف التي مرت بالقرامطة وتمكنوا من استعادة سلطتهم في اليمامة. وقد يكون مما ساعدهم أيضاً ما عُرف من سوء سياسة القرامطة، ونزوع أهل نجد إلى الاستقلال، ونفورهم من التبعية لسلطة خارجية.
ولا نعلم - على وجه اليقين - مَنِ الزعيم الأخيضري الذي استعاد الحكم من القرامطة، ولكن من خلال تسلسل ذكر أمرائهم - كما ورد عند ابن حزم( [80])، وابن خلدون( [81])، والقلقشندي( [82])، وابن عنبة( [83]) - نرجح أنه أبو محمد الحسن بن يوسف بن محمد، أخو إسماعيل بن يوسف قتيل القرامطة، وهو الأمير الرابع في سلسلة أمراء الأخيضريين منذ تأسيس دولتهم.
أما الأمير الخامس، فهو أبو جعفر أحمد بن الحسن بن يوسف، وقد تولى بعد والده. ولم يذكر ابن حزم ومن بعده ابن خلدون والقلقشندي سوى هؤلاء الأمراء الخمسة. أما ابن عنبة، فقد تابع ذكر أمرائهم، لكنه لم يذكرهم حسب تسلسل ولايتهم، بل خلال بيانه لتفرعات أنسابهم؛ كما أنه لم يذكر ما يدل على تواريخ توليهم( [84]).
ومن خلال ما ذكره، يمكن ترتيب الأمراء الذين تولوا بعد أحمد بن الحسن على النحو التالي:
الأمير السادس: صالح بن إسماعيل بن يوسف، وهو ابن عم سابقه، ووالده إسماعيل، قتيل القرامطة ثالث أمراء بني الأخيضر. ولا نعلم الظروف التي تولى فيها، ومتى تولّى، وهل كان ذلك بموافقة من بني عمه أو أنه انتزع الإمارة منهم من منطلق رؤية خاصة بأنه الأحق بها باعتبار أن والده كان أميراً.
الأمير السابع: أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر أحمد بن الحسن. ويلاحظ أن الإمارة عادت لفرع الحسن بن يوسف، واستمرت فيه بعد ذلك حتى سقوط الدولة الأخيضرية.
الأمير الثامن: أبو المقلد جعفر بن أبي جعفر أحمد بن الحسن، وهو أخو السابق. ويلاحظ أنه خلف أخاه، مع أن لأخيه ولدين، ومع أن من يمعن النظر في تسلسل أمراء الأخيضريين يجد أن الإمارة في الغالب تنتقل بالوراثة من الأب إلى أحد أبنائه. ولعل ابني محمد بن أحمد كانا صغيرين عند وفاته، أو أنهما غير مؤهّلَين للإمارة.
الأمير التاسع: حسن بن أبي المقلد جعفر.
الأمير العاشر: محمد بن أبي المقلد جعفر. ويبدو أن صراعاً عنيفاً على الحكم نشب بين أبناء أبي المقلد: فقد قَتل جعفر بن أبي المقلد جعفر أخاه محمداً وحل محله في الإمارة.
الأمير الحادي عشر: جعفر بن أبي المقلد جعفر. تولى بعد أن قتل أخاه - كما أشرنا -، ثم ما لبث أن ثار عليه ابن أخيه كرزاب بن علي وقتله بعمه محمد.
الأمير الثاني عشر: كرزاب بن علي بن أبي المقلد. تولى الإمارة بعد أن قتل عمه جعفراً، وهو آخر أمراء بني الأخيضر، بحيث سقطت دولتهم بعد ذلك( [85]).


حدود المنطقة التي حكمها الأخيضريون وسقوط دولتهم
أ - حدود المنطقة التي حكمها الأخيضريون وأوضاع المناطق التي
لم تخضع لحكمهم
في ظل نُدرة المعلومات عن تاريخ منطقة اليمامة خلال الفترة التي حكم فيها الأخيضريون، لا تتوافر لدينا معلومات يمكن أن نحدد من خلالها بشكل قاطع حدود الرقعة التي حكمها الأخيضريون. ولهذا السبب نجد كثيراً من الباحثين - عند الإشارة إليهم - يذكرون أنهم حكموا اليمامة دون تحديد( [86])، ومنهم من صرّح بأنهم بسطوا نفوذهم على كافة اليمامة( [87])، ومنهم من ذكر أن نفوذهم امتد إلى مناطق مثل بلاد الأفلاج( [88])، وبلاد القصيم( [89]).
ومن خلال تتبّع ما وصلنا من نصوص عن تاريخ الأخيضريين، وعن بلاد اليمامة في الفترة من القرن الثالث حتى أواخر القرن الخامس الهجري، يبدو لنا أن حكمهم كان محصوراً في جزء من بلاد اليمامة فقط. ومركز هذا الجزء هو منطقة جو الخضارم (الخرج) وقاعدته »الخضرمة«.
وأبعد منطقة من جهة الشمال ورد نص يدل على سيطرة الأخيضريين عليها، هي بلد قُرَّان (القرينة حالياً)، التي ذكر ياقوت أن أهلها نزحوا منها بسبب حيفٍ لحقهم من بني الأخيضر( [90]). وإذا لم يكن هذا النص ينفي أن نفوذ الأخيضريين لم يتعدّ هذا الحد شمالاً، فإن أموراً أخرى تدفعنا إلى الاعتقاد أن سيطرتهم لم تتجاوز هذا الحد كثيراً، ولعلها في أقصى اتساع لها لم تتجاوز منطقة وادي الفقي (سدير) شمالاً. ومعنى هذا أن الأطراف الشمالية لبلاد اليمامة وما يليها شمالاً من بلاد نجد لم تخضع لحكم الأخيضريين. ومما يدل على ذلك:

1 - لم تشر المصادر التاريخية إلى أي سيطرة لهم على طريق الحج العراقي، الذي يخترق منطقة القصيم، ويمر بالقرب من الحدود الجغرافية لمنطقة اليمامة من جهة الشمال، مع عناية هذه المصادر بذكر أحداث هذا الطريق وإيرادها أخبار تعرُّض الأعراب لقوافل الحجاج وقوة الحماية التي كانت ترافقها( [91]).
2 - استمرار المصادر المعاصرة للأخيضريين في ذكر ولاة اليمامة من قبل العباسيين، وذِكر من يُسنَد إليه أمر طريق الحج كذلك. فقد أُسندت ولاية اليمامة مضافة إلى البصرة وكور دجلة والبحرين في آخر عهد الخليفة المعتز (252 - 255 هـ/ 866 - 879 م) - أي بعد قيام الدولة الأخيضرية - إلى القائد العباسي سعيد بن صالح، المعروف بالحاجب، وعهد إليه أيضاً بمحاربة صاحب الزنج، ثم خلفه في الولاية وفي المهمات الموكلة إليه القائد يارجوخ التركي، ثم أُسندت ولاية البصرة وفارس والأهواز والبحرين واليمامة إلى الحارث بن سيما الشرابي، ثم القائد موسى بن بغا، ثم مسرور البلخي، وقد استمر في منصبه فترة طويلة امتدت من سنة 261 هـ/ 875 م حتى سنة 280 هـ/ 893 م، ثم أحمد بن محمد الواثقي حتى سنة 286 هـ/ 899 م، ثم أُسندت ولاية البحرين واليمامة إلى القائد العباسي العباس بن عمرو الغنوي، وعُهد إليه بمحاربة القرامطة( [92]).

وإضافة إلى هؤلاء الولاة الذين أشارت المصادر إلى إسناد ولاية اليمامة إليهم، أشارت أيضاً إلى أشخاص آخرين أُسند إليهم منصب »والي طريق مكة« ( [93]). وهذا المنصب يختص بطريق الحج العراقي. وتتمثل مهام من يتولى هذا المنصب في إصلاح الطريق وصيانة منشآته، إضافة إلى المشاركة في حماية قافلة الحجاج من غارات الأعراب( [94]).
وما يهمنا هنا أن هذا يدل على أن جزءاً من ولاية اليمامة - التي كانت تشمل بالمفهوم الإداريّ آنذاك كل بلاد نجد - ما زال يتبع الدولة العباسية، وأن نفوذ الأخيضريين لم يمتد إليه. وهذا الجزء يشمل - في أقل تقدير - المناطق التي يمر بها طريق الحج العراقي.
هذا من جهة الشمال. أما من جهة الجنوب، فإن المؤرخ الهمداني - وهو مؤرخ معاصر للأخيضريين ومن أهل الجزيرة العربية - لم يشر حين تحدث عن بلاد الفلج (الأفلاج) إلى وجود سيطرة أو نفوذ للأخيضريين بها، مع أنه فصّل الحديث عنها - نقلاً عن أحد أهلها -( [95])، فذكر سكانها، وقلاعها، وحصونها، وعيونها، وسيوحها ووصف مدينتها »الهيصمية« التي كانت تُعدّ أحد أهم حواضر اليمامة في أواخر القرن الثالث الهجري ومطلع القرن الرابع( [96])، ووصف سوق الفلج فقال: »وسوق الفلج عليها أبواب الحديد، وسُمك سورها ثلاثون ذراعاً، ومحيطٌ به الخندق«. وبعد أن أشار إلى مدى قوة هذا السور وحصانته، قال: »وفي جوف السوق مائتان وستون بئراً، ماؤها عذب فرات يشاكل ماء السماء ولا يغيض، وأربعمائة حانوت«( [97]). ووصْفُ الهمداني للأفلاج وسوقها يدل على ازدهارها اقتصادياً في ذلك الزمان.
وبعد ذلك بأكثر من مئة عام، وبالتحديد في الثالث والعشرين من شهر صفر سنة 443 هـ/ 1051 م، وصل إلى الأفلاج الرحالة الفارسي ناصر خسرو، وانقطعت به السبل فأقام فيها أربعة أشهر، ووصف أحوالها وما شاهده فيها بقوله:

وتقع »فلج« هذه وسط الصحراء. وهي ناحية كبيرة، ولكنها خربت بالتعصّب. وكان العمران حين زرناها قاصراً على نصف فرسخ في ميل عرضاً. وفي هذه المسافة أربع عشرة قلعة للصوص، والمفسدين، والجهلة. وهي مقسمة بين فريقين بينهما خصومة وعداوة دائمة.
وقد قالوا: نحن من أصحاب الرس( [98])، الذين ذُكروا في القرآن الكريم. وهناك أربع قنوات يسقى منها النخيل. أما زرعهم، ففي أرض عالية يرفع إليها معظم الماء من الآبار. وهم يستخدمون في زراعتهم الجمال لا الثيران، ولم أرها هناك. وزراعتهم قليلة. وأجر الرجل في اليوم عشرة سيران( [99]) من غلة، يخبزها أرغفة، ولا يأكلون إلا قليلاً من صلاة المغرب حتى صلاة المغرب التالية، كما في رمضان، ويأكلون التمر أثناء النهار. وقد رأيت هناك تمراً طيباً جداً، أحسن مما في البصرة وغيرها. والسكان هناك فقراء جداً وبؤساء. ومع فقرهم، فإنهم كل يوم في حرب وعداء وسفك دماء. وهناك تمر يسمونه ميدون، تزن الواحدة منه عشرة دراهم، ولا يزيد وزن النوى به عن دانق ونصف. ويقال إنه لا يفسد ولو بقي عشرين سنة. ومعاملتهم بالذهب النيشابوري.
وقد لبثت بـ»فلجٍ« هذه أربعة أشهر في حالة ليس أصعب منها. لم يكن معي من شؤون الدنيا سوى سلتين من الكتب. وكان هناك مسجد نزلنا فيه، وكان معي قليل من اللونين القرمزي واللازورد، فكتبت على حائط المسجد بيت شعر، ووضعت في وسطه ورق الشجر، فرأوه وتعجبوا، وتجمّع أهل القلعة كلها ليتفرجوا عليه. وقالوا لي: إذا تنقش محراب هذا المسجد نعطيك مئة منٍّ( [100]) تمراً. ومائة منٍّ عندهم شيء كثير، فقد أتى - وأنا هناك - جيش من العرب وطلب منهم خمسمائة منٍّ تمراً، فلم يقبلوا، وحاربوا وقُتل من أهل القلعة عشرة رجال، وقُلعت ألفُ نخلة، ولم يعطوهم عشرة أمنان تمراً.
وقد نقشت المحراب كما اتفقوا معي، وكان لنا في المائة منٍّ من التمر عون كبير، إذْ لم يكن ميسوراً أن نجد غذاءً، ولم يكن لدينا أمل في الحياة، ولم نكن نستطيع أن نتصور خروجنا من هذه البادية، إذ كان ينبغي للخروج منها عن أي طريق، اجتياز مائتي فرسخ( [101]) من الصحراء، كلها مخاوف ومهالك. ولم أر في الأشهر الأربعة التي أقمتها بفلجٍ خمسة أمنان من القمح في أي مكان( [102]).

ووصْف ناصر خسرو هذا يدل على سوء الأوضاع ة والأمنية في بلاد الأفلاج، في الوقت الذي زارها فيه؛ كما يدل على وجود فراغ سياسي.
وبالمقارنة بين ما ذكره الهمداني وما ذكره ناصر خسرو، يتضح أنه حدث تغير كبير في الأوضاع الأمنية وة في بلاد الأفلاج نحو الأسوأ. ولا تتوافر لدينا معلومات تكشف أسباب هذا التغير. ولعل هجرة قبائل بني عامر - التي كانت تمثل غالبية سكان هذه المنطقة - إلى بلاد البحرين على أثر تعاونها مع القرامطة خلال القرن الرابع الهجري( [103])، أدت إلى خلل في التوازن السكاني في المنطقة، ونشوب منافسات وصراعات، نتج عنها اختلال الأوضاع الأمنية وة.
وعلى أي حال، فإن كلاًّ من الهمداني وناصر خسرو لم يشيرا إلى نفوذ للأخيضريين في بلاد الأفلاج. وعندما تحدّثا بعد ذلك عن منطقة الخرج، أشارا إلى حكم الأخيضريين بها.
وهذا يجعلنا نرجح أن حكم الأخيضريين لم يصل في امتداده جنوباً إلى بلاد الأفلاج، وبالتالي لم يصل إلى منطقة السليل ووادي الدواسر التي تليها جنوباً، أي أن الجزء الجنوبي من اليمامة لم يخضع للأخيضريين، وبقي منعزلاً تتصارع فيه القوى المحلية، في ظل فراغ سياسي على أثر انحسار سيادة الخلافة العباسية عن تلك البلاد من الناحية الواقعية؛ بسبب بُعدها عن مركز الخلافة، وعدم أهميتها، ووجود قوى خارجة عن سلطة الخلافة، مثل القرامطة في البحرين، والأخيضريين في وسط اليمامة، تفصلها عن مركز الخلافة.
كما أن الأطراف الغربية من اليمامة وما يليها من بلاد عالية نجد، كانت هي أيضاً تحت سيطرة القوى القبلية المحلية. وقد أشار ناصر خسرو إلى ما يفيد ذلك، حين مر بها في منتصف القرن الخامس في طريقه من الطائف إلى الأفلاج، فقال: »قالوا: ليس لهذه الناحية حاكم أو سلطان. فإنّ على كل جهة رئيساً أو سيداً مستقلاً. ويعيش الناس على السرقة والقتل، وهم في حرب دائم، بعضهم مع بعض«( [104]).
وأشار بعد ذلك إلى أنه كان يلزم لاجتياز أراضي أي قبيلة من القبائل التي تقطن تلك الديار مرافقة خفير منهم حتى لا يتعرض المسافر لسلب ما معه من مال ومتاع، أو ما هو أسوأ من ذلك. كما أشار إلى حالة الفقر، والبؤس، والخوف، التي كانت تسود تلك البلاد( [105]).
وخلاصة القول إن الأخيضريين حكموا وسط اليمامة فقط، وإن أقصى اتساع لنفوذهم في فترة قوتهم خلال النصف الثاني ومطلع القرن الثالث الهجري لم يتجاوز المناطق التي كانت تقطنها قبيلة حنيفة، والأجزاء الجنوبية من المناطق التي كانت تقطنها قبيلة تميم، أي من جنوب منطقة الخضارم (الخرج) حتى منطقة الفقي (سدير)، ثم انحسر نفوذهم ليقتصر على جو الخضارم وما حولها فقط. أما بقية أجزاء اليمامة وعالية نجد، فلم تخضع لنفوذهم، فضلاً عن منطقة القصيم، التي تقع خارج الحدود الجغرافية لإقليم اليمامة.

ب - سقوط الدولة الأخيضرية
سبق أن أشرنا في مطلع حديثنا عن فترات حكم الأخيضريين باليمامة، إلى أن هناك من يذهب إلى أن حكمهم قُضي عليه مبكراً على يد القرامطة في العقد الثاني من القرن الرابع الهجري، أي أن دولتهم - حسب هذا الرأي - لم تعمّر سوى نحو من خمس وستين سنة فقط.
وبيّنّا أن هذا رأي غير مقبول في ظل النصوص التي تشير إلى استمرار حكمهم بعد ذلك التاريخ. وقد أوردنا هذه النصوص في ثنايا حديثنا عن مراحل حكم الأخيضريين بما يغني عن الإعادة هنا.
أما آخر نصّ مؤرخ وصلنا عن الأخيضريين، فهو ما ذكره الرحالة ناصر خسرو الذي مر بقاعدة حكمهم »الخضرمة« سنة 443 هـ/ 1051 م. وقال عنهم: »أمراؤها علويّون منذ القديم، ولم ينتزع أحد هذه الولاية منهم، إذ ليس بجوارهم سلطان أو ملك قاهر. وهؤلاء العلويون ذوو شركة، فلديهم ثلاثمائة أو أربعمائة فارس«( [106]).
وما ذكره ناصر خسرو يُستفاد منه أن أوضاعهم كانت مستقرة في ذلك التاريخ، وأنه لم يكن هناك قوة محلية أو خارجية قريبة منهم تهددهم أو تنافسهم على السيادة في منطقة نفوذهم، وأنهم يمتلكون قوة لا بأس بها وفق معايير المنطقة وأوضاعها آنذاك. ويلاحظ أن ناصر خسرو لم يذكر اسم أمير الأخيضريين في ذلك التاريخ. ولو فعل ذلك، لأفادنا كثيراً في محاولة تحديد تاريخ سقوط الدولة الأخيضرية وأسبابه.
ويبدو أنه وقع بعد ذلك صراع حاد على السلطة بين أبناء أبي المقلد جعفر بن أبي جعفر أحمد بن الحسن، الأمير الثامن في سلسلة أمراء الأخيضريين. فقد قَتل جعفرُ بن أبي المقلد أخاه الأمير محمداً واستولى على الإمارة، ثم ما لبث أن ثار عليه ابن أخيه كرزاب بن علي وقتله ثأراً لعمه محمد، واستولى على الإمارة [107]).
ولعل هذا الصراع الداخلي على السلطة وما نتج عنه من انقسام كان السبب الرئيس في سقوط هذه الدولة. وقد تكون بعض القوى المحلية استغلت هذا الأمر وأجهزت عليهم: فقد وردت إشارة عند ابن خلدون نقلاً عن ابن سعيد المغربي تفيد أن بني كلاب كان لهم نفوذ وغلبة وسيطرة في بلاد اليمامة في الفترة التي تلت سقوط دولة الأخيضريين( [108]). فلعل بني كلاب هؤلاء هم بنو كلاب الذين سبق أن رجحنا أنهم ربما تعاونوا مع الأخيضريين في إقامة دولتهم، وفي إحكام سيطرتهم على البلاد التي حكموها، ولعلهم هم أنفسهم الذين أجهزوا على الأخيضريين وحلوا محلهم بعد ضعفهم وتنازعهم.
أما عن احتمال أن يكون سقوط الأخيضريين بسبب غزو خارجي من قوى في الأقاليم المجاورة، فلم نجد في المصادر ما يشير إليه( [109]). إلا أن هناك احتمالاً وارداً، وهو أن يكون القضاء على بقايا سلطة القرامطة وقيام دولة العيونيين الفتية في إقليم البحرين في عام 467 هـ/ 1075 م قد أدى إلى نزوح بعض القبائل البدوية من البحرين إلى اليمامة، وبالتالي تكون تلك القوى القبلية هي التي أجهزت على دولة الأخيضريين.
أما تاريخ سقوط الدولة الأخيضرية على وجه التحديد، فلا تمدنا المصادر بمعلومات عنه. وفي ظل غياب هذه المعلومات، يمكن تحديد تاريخ تقريبي لسقوط هذه الدولة، اعتماداً على بعض القرائن.
فمن خلال النظر في سلسلة نسب آخر أمراء الدولة الأخيضرية، وهو كرزاب بن علي بن جعفر بن أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد (الأخيضر الصغير، مؤسس الإمارة)، نجد أن كرزاباً الذي سقطت الدولة في عهده، هو السابع في سلسلة نسب الأسرة، بدءاً من مؤسس الدولة الأخيضرية محمد بن يوسف، أي أن كرزاباً من الجيل السابع في هذه الأسرة.
وبناء على القاعدة التي يستخدمها بعض المؤرخين وعلماء الأنساب في تقدير الزمن في مثل هذه الحالات بتحديد مئة سنة لكل ثلاثة أجيال( [110])، يمكن تحديد تاريخ تقريبي لسقوط دولة الأخيضريين على النحو التالي:

1
3

100
3
عمر الدولة الأخيضرية = 7 (أجيال) × = 233.

إذن، تاريخ سقوطها = 253 (تاريخ قيامها) + 233 (عمرها) = 486 هـ، أي أننا نقدر أن تاريخ سقوط الدولة الأخيضرية كان في أواخر القرن الخامس الهجري، وفي حدود التاريخ المشار إليه. لكننا نؤكد مرة أخرى أن هذا التحديد تقريبي غير مؤكد، مبني على المعطيات المشار إليها.
أما مصير الأخيضريين بعد سقوط دولتهم، فقد أورد ابن عنبة نصّاً عنه، قال فيه: »حدثني الشيخ المولى السعيد العلامة النقيب، تاج الدين، أبو عبد الله محمد بن معيّة الحسني( [111])، أن إبراهيم بن شعيب اليوسفي حدّثه أن بني يوسف الأخيضر مع عامر( [112])، وعايذ( [113])، نحو ألف فارس يحفظون شرفهم، ولا يدخلون فيهم غيرهم، لكنهم يجهلون أنسابهم، ويقال لهم بنو يوسف«( [114]).
ويبدو أن الأخيضريين تفرقوا بعد ذلك في أنحاء نجد وغيرها، تحت ضغوط القوى الأخرى وظروف المعيشة، واندمجوا مع سكان المناطق التي حلوا بها، وتخلوا عن مذهبهم الزيدي( [115]). ولا تزال بعض الأسر في نجد في عصرنا هذا، تحتفظ بانتسابها للأخيضريين من حيث أصولها العرقية( [116]).



الموضوع الأصلي: تاريخ الدولة الأخيضرية في إقليم اليمامة || الكاتب: لميسـ || المصدر: منتديات

شمس الحب



تستطيع المشاركة هنا والرد على الموضوع ومشاركة رأيك عبر حسابك في الفيس بوك




jhvdo hg],gm hgHodqvdm td Yrgdl hgdlhlm








آخــر مواضيعـى » رواية بنات اون لاين كاملة,تحميل رواية بنات اون لاين,رواية سعودية جريئة,على ملف وورد
» موسوعة الروايات,تحميل روايات في ملف وورد ومفكرة, أكثر من 100 رواية مشهورة
» تحميل روايات كاملة على هيئة ملف وورد او مفكرة تكست txt
» تحميل روايات فارس احلامي,الحب المستحيل,بشروه اني ابرحل,سعوديات في بريطانيا,احلى ماخلق
» قمر خالد كاملة,قمر خالد للتحميل,قمر خالد على ملف وورد,قمر خالد رواية,رواية قمر خالد
التوقيع


๑۩ التّفكير الفلسفي هو ممارسة الحرّية في أرقى أشكالها ۩๑



الحوار البناء وسيلة تبادل المعرفة
أما الحوار العقيم فهو وسيلة لإخفاء الجهل

 

  رد مع اقتباس
 
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صفقة سوداء اليمامة لميسـ سلة المحذوفات والمواضيع المكررة 0 09-06-2012 07:52 PM
فتوحات الدولة العثمانيه( تاريخ ماضي مبعثر ومزور عند البعض) بقايا عشق سلة المحذوفات والمواضيع المكررة 0 09-05-2012 07:51 PM
تاريخ عائلة الاسد ( تاريخ اسود ) لميسـ سلة المحذوفات والمواضيع المكررة 0 09-04-2012 08:52 AM
صور وثائق أمن الدولة المصري,فضايح صور وثائق أمن الدولة,فضيحة وصور وثائق امن الدولة سواها قلبي أخبار - أحداث 8 03-07-2011 07:50 PM
نغمة الحمامة الحلوة همسات الامل برامج الجـــوال - وسائط - نغمات - ثيمات - رسائل - خلفيات - sms - mms 0 02-25-2010 01:04 AM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الإعلانات النصية


الساعة الآن 12:25 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By Almuhajir
Adsense Management by Losha
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات شمس الحب
ما يُكتب على منتديات شمس الحب من قِبل الاعضاء لا يُمثل بالضرورة وجهة نظر الإدارة وانما تُمثل وجهة نظر صاحبها .إلاإذا صدر من ادراة الموقع .

Sitemap

PageRank Checking Icon
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B4%D9%85%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8 Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to NewsBurst Add to Windows Live
Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

 
Web Counters
Emergency Cash Loan Michigan
إنظم لمتابعينا بتويتر ...

أو إنظم لمعجبينا في الفيس بوك ...