عرف هذا الجيل كيف يحتفي بالوطن، كيف يرفع شعاراتِ الوطنية، والأهم كيف يحب الوطن! هل هو من مادة التربية الوطنية التي أضيفت لمناهج الذكور لسنوات ثم تلاشت؟ أم إنها حصيلة آباء استطاعوا أن يورثوا أبناءهم هذا الحب! أم تقليد للشعوب الأخرى التي تجيد التعبير عن الحب، أم إنه قرارٌ إجباريٌ إداريٌ يأمر بحب الوطن! ما هي المواطنة؟ هل هي الأعلام التي يحملها الأطفال ويلقونها وعليها اسم الله ورسوله عليه صلوات ربي وتسليمه؟ ولا أدري ما الداعي لذلك، فبالإمكان صناعة أعلام لا تحمل إلا السيف، فالشهادة أغلى من أن تبعثر بين أقدام الأطفال. هل المواطنة الأغاني والأوبريتات والقصائد التي تتمايل على أمجاد الوطن؟ هل المواطنة كل ما هو أخضر حتى الطعام والحلوى تتحول إلى أعلام! ولا اعتراض فلعلها أرزاق بائعيها. الوطن ليس الأرض؛ ولكنه الأمة التي تعيش فوق الأرض، الوطن أراه فيما بعد، أراه الأمانة التي استُخلفنا عليها لمنحها من يخلفوننا. (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الإنعام 165]، (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [يونس14]. في يوم الوطن تُشغلني الأمانة من مولد المواطن وحتى وفاته (حضانته، تربيته، تعليمه، صحته، وعمله)، نحن الخلفاء الذين اصطفانا الله على أرضه في مهمةٍ رسمية تعهدنا بأدائها بمحض اختيارنا جهلاً وظلما! ماذا صنعنا بتلك الخلافة؟ ومن هو الإنسان السعودي؟ أهو الأكثر مالا والأقل عملا! أهو الأكثر حديثا والأقل عملا! أهو الذي يدّعي إنفاق الكثير على التعليم ثم يظل الأقل عملا! أهو الأقل مالا والأقل عملا! أهو العاجز عن إدارة ذاته والبيئة المصغرة من حوله دون الاستعانة بدخيل غير مُبَرر الوجود! ليظل هو الأقل عملا! أهو الذي يدرس ١٦عاماً ثم يبقى تائها ليظل الأقل عملا! أهو بصير العين قليل الحيلة؛ يرى الخطأ ويميزه ولكنه لم يعتد أن يكون له رأي وحقٌ في مظلمةٍ إلا بما يوافق هوى من لا يهواه، ليبقى تائهاً وبلا عمل! أحبك يا وطني بالقدر الذي يجعلني أتمنى أن أُولد فيك من جديد لأشهد عصراً تنموياً مختلفاً يعتني بالفرد قبل أن ترى عيناه النور بتعليمٍ علميٍ تطبيقي تليه بيئة عمل صحية خالية من البكتيريا البشرية والعفن الآدمي، فأكتسب مهارات جديدة تُغنيني عن أي لصٍ يستغل جهلي وضعفي وقلة حيلتي، وإن وُجد فالعدل والوطن كفيلان برد حقي؛ سأجد بعدها عملا حقيقيا أؤدي من خلاله الأمانة لأورثها من بعدي بفخر
المواضيع المتشابهه 
الوجع الوطني / بقلم المعلمة القديرة منيرة الرميح 
العرض الشجري
