ليس من قبيل النكتة أطرح أسئلة مقالتي هذه.. لكنني منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة و أنا اتساءل بالفعل: من الذي وضع القاعدة النحوية والزمنا بها، حتى أننا في مناهجنا التربوية والأكاديمية نجد أنفسنا - نحن مدرسي مادة اللغة العربية - ملزمين بتطبيق قاعدة المذهب البصري تحديداً في كافة المدارس والجامعات العربية وغير العربية.
###
أقول بصراحة مفعمة بالحزن والذهول: إن الذي أثارني لكتابة هذه المقالة مؤخراً مثال نحوي لا يكاد يخلو منه كتاب قديم أو حديث إلا ونجده مدوّناً فيه وهو : «ضرب زيدٌ عمرو» وليس العكس، حتى أعلنت هذا التساؤل الجدلي على زميل متخصص في مجال النحو حيث قلت له: لماذا دائماً نقرأ هذا المثال النحوي في كل كتب النحو العربي، حتى لكأن عقول جهابذة النحو العربي أُغلقت على هذا المثال دون سواه بمثال آخر على الأقل، فأجابني زميلي الأكاديمي الفطن حقاً بالقول: أتعرفين لماذا ضرب زيدٌ عمرو، ذلك لأن عمرو سرق واو النبي داوود؟! فتساءلت بيني وبين نفسي، هل كان زيد عنصرياً إلى هذا الحد؟! هل كان زيد يهودياً مثلاً؟! هل كان اليهود يتلاعبون بعقول العرب من أمدٍ بعيدٍ، تزامن في أحد مراحله بمرحلة التفكير في وضع قاعدة نحوية ينبغي تقديسهاإلى أبد الآبدين؟! ولماذا الالتزام بالقاعدة البصرية والأخذ بها؟، هل لأن البصرية نسبة الى البصر أي النظر أو المحسوس المتعلق بالثقافة البصرية الحسية قياساً على البنيوية الشكلية اليوم؟! الأمر الذي دفعني إلى محاولة إيجاد علاقة بين القاعدة النحوية ذات السلطة الاستبدادية والهيمنة اللامنطقية واللاإنسانية وبين كتاب صادر عام 1999م عن سلسلة عالم المعرفة ، اسمه الرئيسي (المتلاعبون بالعقول) وعنوانه الفرعي: «كيف يجذب محركو الدمى الكبار في السياسة والاعلان ووسائل الاتصال الجماهيري خيوط الرأي العام؟!» (ط آذار تأليف هربرت أ. شيللر، ترجمة : عبدالسلام رضوان).
###