بسم الله الرحمن الرحيم
احبتي السلام عليكم ورحمة الله:
اليكم هذا المشهد :
مع هدوء الشفق وتدلي الشمس للمغيب ..خرجت من بيت جارتها بعد مغيب شمس دافئة بعد أن مرت بعدة بيوت ..... تحمل في يدها كيس كبير مليء بأنواع الملبوسات ..... ممسكة بيدها الأخرى صغيرتها ذات السبعة أعوام ,,تسير في طريقها الذي لا تكاد تبصره من شدة الإعياء والتعب وصغيرتها بجانبها تسارع الخطى لتلحق بأمها....ومعه هذا كله التفت إلى ابنتها ونظرت إليها بنظرة يغمرها الشفقة والرحمة على صغيرتها ...... التي رفعت رأسها باتجاه أمها الحنون فوقعت عينها بعين أمها
صاحت الصغير بأمها ....ماما .....ماما ....نروح البقاله .......
أحست الأم بثقل الأمانة على كاهلها وهي تسير في ذلك الطريق الملئ بالسكك الصغيرة يمنه ويسره ......
فهي التي تربي .....وتعمل ......وتكدح ..... حياتها مليئة بالألم والحزن وبناتها الأخريات ينتظرن أمهن تعود إلى المنزل بكيسها الكبير الذي خرجت به ..... مضيفة إليه كيساً صغيراً من خبز تعودت الأسرة أن يكون عشاء لها في كل يوم .....
في مشهد متكرر على ربة أسرة لم تدري ما هي صانعة ببناتها التي لا عائل لهن بعدها إلا الله .....
في طريق قد امتلاء حزنا واسى ترتمي على قارعته هذه الأسرة واسر كثيرة تحمل ذات الطابع بنمط آخر.....
ذهب صديقي على عادته في أول يوم من شهر رمضان إلى أسره عصرتها الأحزان .....
طرق باب ذلك المنزل الذي ذهبت علامات ألوانه فلا تدري أي لون كان مصبوغا به ذلك الباب ....
وفي يده ظرف اصفر اعتاد على وضع مبلغ زكاته فيه ليدفع به إلى هذه الأسرة أو تلك منذ عدة سنوات ........
ما إن طرق الباب إلا وردت من خلفه امرأة كبيرة في السن اعتادت على طرقات ذلك الرجل في مثل هذه الأيام .....
سلم عليه ثم دفع إليها بالظرف من عند الباب ........ابتدأت المرأة جوابها بالشكر والحمد لله تعالى وثنت له بذلك ...
ممتنعة عن اخذ الظرف تفاجأ الرجل لامتناع الأم اخذ الظرف لماذا ترفض أخذه ......
التلفت يمينا وشمالاً ليرى هل من تغير في البيت فما رأى من تغير .....
رجع بنظراته إلى ظرفه مندهشا من رد تلك المرأة الكبيرة.... فأعاد السؤال عنها فقال أم فلان ....قال نعم ....
تأكد انه لم يخطئ وان المرأة المقصودة هي ذاتها ....فيا للعجب ما الذي الحدث إنني اعرف البيت وهله .... اعرف الأسرة ومدى حاجتهم إلى المال ..... فالبيت يحوي سبع بنات وأمهن ......
سأل الأم وعيناه مشدودتان إلى أرجاء ذلك المنزل الصغير ما الذي جد فيه .....لماذا ترفضين اخذ الظرف.... أنه حق واجب علي وليس لي فيه أي منة أو فضل عليكم فيه فلا تخجلي مني يا أم ....... فقالت الحمد لله فرجها الله علينا والبركة في حافز .....
إلى هذا الحد ...نعم كيف يا أم .....لقد سجل خمس من بناتي في حافز وأصبح يأتينا في كل شهر عشرة الآلف ريال.....
لم يتمالك الرجل نفسه وأجهش بالبكاء ...........
إلى أي حد كانت الدولة غافلة عن مثل هذه الفئة........ إلى أي حد كانت الأمة غارقة .............
يا الله ما الذي أراه كيف فعل هذا المبلغ بهذه الأسرة هذا ....... كيف وكيف وكيف ......أسئلة كثيرة دارت في خلد ذلك الرجل وهي تروي له الحكاية مع حافز ........لقد انتهت ماسة اسر ........ودبت الحياة فيها ......
طلب منها أن تأخذ المبلغ مره أخرى رفضت وقالت لا يحل لنا فهذه زكاة ولها أهلها ونحن لسنا من أهلها هذا العام .....
أعاد الرجل الظرف إلى جيبه وسلم على تلك المرأة يحمد الله ويلهج بالدعاء لمن سن حافز .....
كم من بيت استقر مع حافز ......
كم من فتاة عفت مع حافز.......
كم من شاب حس بطعم الحياة مع حافز.........
دون خجل أو وجل .... دون تعال من صاحب ما ل أو تاجر...... حين رأيت تلك الضجة الكبيرة التي علت وجوه أولئك التجار مع فرض رسوم على الشركات التي لاتصل نسبة السعودة فيها إلى خمسين بالمائة .........
نعم ضجة عجيبة ...... وتجمعات لمن .....لأصحاب تلك الشركات .....لأصحاب الأموال .......لأصحاب الثروات.... واجتماعات لأصحاب تلك الغرف التجارية .......... على مستوى الحراك الاجتماعي في هذه البلاد لم أر في أي قرار اتخذ ما رأيت في حراك هؤلاء المسعورين بحب المال .........للحفاظ على أموالهم .........
تعجبت كثيرا..........قلت ماذا فعل فقيه بهؤلاء .........كم اشقى فيهم من أسره ........ كم أفقر فيهم من غني .......كم ......وكم .....وكم ......
كيف وقد أوقف حافز عن اسر كثيرة لم نسمع ببنت شفه لهم ........
أي قلوب تلك .......أي عقول تلك ...........أي مجتمع نعيش ............
نموذجان متغايران متناقضان متباينان في كل شيء
أنها خطوة مبارك تلك التي سارت أو ستسير عليها وزارة العمل فخذ من القوي للضعيف وخذ من الغني للفقير .....
نعم لإسعاد اسر ........نعم لرفع بؤس .....نعم لمسيرة امة طالما وقع أبناؤها تحت رحمت هؤلاء الجشعين .....
ودمتم بخير