حتى يتم للإنسان الخلاص من الاستعباد والاستبداد المجتمعي والسياسي . لابد من القطع مع الالوهية بمفهومها التقليدي الشعبي الخرافي, والاخذ بالالوهية بمفهومها المدني ( الكوني العلمي الإنساني ) بإعتبار أن نواميس الكون وسنن الله وقوانينه في الطبيعة والنفس والاجتماع والتي يتم كشفها والتعرف إليها وتسخيرها بواسطة العلم التجريبي , هي ( أي سنن الله وقوانينه ) وحدها مجال الاتصال والتواصل والروحانية مع الله خالق الإنسان وصانع وموجد هذا الكون وفيها مجال التعبد والتوحيد الخالص لله . ويتوجّه هذا المجهود العقلي المدني إلى النّاس بقصد أخلاقيّ هو التّنوير لا التّدمير، والقطيعة المعرفيّة لا الانقطاع عن الوحي في آيات الله المنظورة في كتاب الكون , وفكّ الارتباط مع ثقافة النصوص المختلف حولها , إن الانسان المتدين والتنويري لا يعيشان في حالة تصحر روحي بل كلاهما يصل إلى حالة ارتواء روحي وان اختلفا في كل شيء .أن تصورنا للروحاني لا يكافئ بالضرورة الديني، وحتى عندما يكافئه في سِجِلٍ معرفي محدد، فإنه لا يستأثر به ولايحوله إلى كمالي أومعصوم مقدس , ذلك أن للمفاهيم حياة تتجاوز عتباتها شبه القارة في منظومات وفلسفات بعينها، إنها تنفتح على ممكنات أخرى أرحبَ في سِجلاَت معرفيةٍ أخرى وسياقات تاريخية أخرى. كما أن الروحاني لا يطابق دائما الأخروي، وقد يكافئ في مستويات أخرى من النظر الأخلاقي، كما يطابق أحيانا الجمالي، فالخبرة «الروحية» التي لا تجعل دم صاحبها «يغلي» أمام ألم الإنسان، ولا تستحثه على فعل المستحيل لترجيح كفة العدل على كفة الظلم، ولا تهيب به أن يحترم المعرفة – كلَّ معرفة – هي خبرة لا طائل فيها، وأغلب الظن أنها من قبيل الوهم.
واظنها لاحت لحظة الحقيقة لنميز ونفرق بين المفهوم والتصور الديني السجالي عن الله والمفهوم والتصور العلمي المنطقي عن الله , فالله في قوانينه ( سننه ) التي بثها في الكون المعمور ثابتة ومطردة ومحايدة وموضوعية , لاتحابي ولاتجامل ولاتنحاز لأحد , ليست مؤمنة ولاكافرة ليست ملحدة ولامبشرة , مبسوطة في الفضاء الكوني والاجتماعي من اخذ بها وتعامل معها حقق الهدف منها , فالعز والذل والملك والصحة والمرض و الرزق والغنى والفقر والعدل والظلم والأمن والاستقرار, قوانين وسنن محايدة صنعها الله واوجدها ونشرها لجميع الناس متوافقة مع ظروف عصرهم ومجتمعهم , صنع الله الوجود ثم تركه يمضي ويعمل بقوانين وسنن ونواميس لاتفرق بين المسلم والكافر بين الطائع والعاصي , من عرف كيفية التعامل معها وصل لتحقيق منطقها . إذ أن اكتشاف قوانين الحياة ( سنن الله ) في كل تفصيلاتها , والتعامل معها هو محض التقدير والتقديس لهذه القوانين ( السنن ) وهو بالتالي الوصول لتعظيم الله وتوحيده , إذ الفكر والثقافة , في فهم قوانين الله , لا يحتملان مبدأ: إمّا مع . وإمّا ضدّ، بل هما فضاء مفتوح على ممكنات شتّى واحتمالات شتّى وخيارات شتّى، كلها متساوية في القيمة والمشروعية، على اعتبار أنها خيارات أفراد أحرار مختلفين في كل شيء، ومتماثلين في الإنسانية والوطنية. انحيازات الأفراد وتفضيلاتهم وإيماناتهم كلّها مشروعة ومتساوية في القيمة، لا يحقّ لأحد أن يصنّفها في أحد بابي الصواب أو الخطأ، الخير أو الشرّ، الإيمان أو الكفر، الوطنية أو العمالة، فكل الخيارات الثقافية والإيمانية التي تسعى للوصول لقوانين النفس والمجتمع والآفاق في سبيل تحقيق ( سنن الله ) قوانينه في المجتمعات البشرية , هي تفضيلات المؤمنين العبادية , إنّ المفهوم المدني للالوهية، وهو يتصدّى لنقد المفهوم الدومغائي للالوهية والتي تعني المعصومية ، والدمغية أو اللادحضية (الزعم بأن قولا معينا غير قابل للدحض بتاتا) ، يمكن أن يساهم في إيجاد تمثّلات دينية مغايرة لا تفصل الإنسان عن خالقه ، بل تردّه إليه من منظور جديد متأصّل في الوعي الحداثي المدني ولكنّه منفتح على التجربة الروحانية التي كانت على الازمنه النبوية، حيث التواصل انفتاح على الإلهي من غير جبر ولا إكراه، بل باختيار حرّ يمثّل المسؤولية الأخلاقية الفردية في أبهى تجلّياتها. التي تعبّر عن روحانيّة كونية جديدة تشير إلى ما عبّر عنه الأستاذ المنصف بن عبد الجليل من إمكان للنّجاة بأخلاقيّة من خارج الرّموز الدّينية واستقامة الحقيقة خارج المؤسسة الدينية . مما يدلّ على الوعي بتقدّم الإنسانيّة على الشّرع الديني
رسم التصور الديني التقليدي عن الله مفهوماً اقرب لبشرية الإله من كونه إلهاً مطلقا متعاليا فوق التصور البشري , فهم مثلاً يتصوّرون موجوداً ماديّاً يطلقون عليه اسم (الله) هذا التصور الناتج عن ظروف وتحولات التاريخ والجغرافيا وازمات المقدس الديني , لكن الله مغاير لهذا التصور تماماً , فالمشكلة في التصوّر لا في التصديق , فلكي نعرف الله سبحانه وتعالى , علينا أن نتعرف على قوانينه المبثوثة في الكون والنفس , فالمشيئات المطلقة التي ننسبها ونبررها بالحكمة والابتلاء والكيد والامهال والاستدراج لاتصح في جانب الله الذي صنع الوجود بالقانون والنظام الذي لايختل ولايتبدل ولايُفسر بالظنون والاماني والإيمان المبتور , قد يتم تأويل الايات الواردة بشأن المشيئات بالعودة للضمير المحذوف هو : أي الإنسان , كما قال بذلك بعض العلماء , ومن ثم لا مجال للتصور البشري لينشىء صورة عن ذات الله . فكل التصورات البشرية إنما تنشأ في حدود المحيط الذي يستخلصه العقل البشري مما حوله من أشياء . فإذا كان الله - سبحانه - ليس كمثله شيء , توقف التصور البشري إطلاقاً عن إنشاء صورة معينة لذاته تعالى . ومتى توقف عن إنشاء صورة معينة لذاته العلية فإنه يتوقف تبعاً لذلك عن تصور كيفيات أفعاله جميعاً . ولم يبق أمامه إلا مجال تدبر آثار هذه الأفعال في الوجود من حوله ( السنن / القوانين ) وهذا هو مجال الإنسان في الروحانية والتعبد والتعرف إلى الله والتواصل معه .
النظام في مخلوقات الله
الإثنين 19/09/2011
عبدالعزيز علي السويد
ربما فهم البعض من مقالي في الأسبوع قبل الماضي المعنون بـ (المفهوم المدني للألوهية) غير الفكرة المراد تحققها في المقال، مع أن للقارئ الحرية في الفهم الذي يراه صوابًا، لكن لا يعني هذا الصواب أنه متحقق في فكرة المقال. وهي تنزيه الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله عن التصورات التي تمتلئ بها محاورات الفرق الضالة في النصوص الثانوية، ومما هو قار في كثير من التصرفات والعادات في المجتمعات المتدينة، أو تلك التي جاءت في صحف الأديان المحرفة أو غير التوحيدية، من لغو القول والانتقاص من ذات الله سبحانه وتعالى ونظامه الكوني في الأحكام والمقادير، وصلب فكرة المقال أنه من المتحقق أن معرفة الله سبحانه وتعالى ممكنة من خلال سننه الكونية، فمنظومة نظام الكون أساسها واحد هو العلم، السابق واللاحق، أما السابق فهو علم الغيب الذي اختص الله به نفسه، وأما اللاحق فهو مقتضيات السنن والقوانين الكونية، فلا وجود للعبثية والعشوائية والمزاجية والفوضى والحظ والصدفة في نظام المخلوقات والمبثوثات أو المقدورات ولا وجود للتناقض أو التنافر في نظام الكون، إن التفكر في دقة نظام الكون وأحكامه يقود إلى التيقن من أن هذا الخلق خالقه واحد لا شريك له وليس كمثله شيء وله المثل الأعلى، وإن استثمار السنن الكونية وتوظيفها هو نتيجة التأمل والتدبر في آيات الوحي المشهود، والأمثلة على ذلك كثيرة بفضل ما كسبه الإنسان من ثمار التفكر واستعمال عقله، منها المجال الصحي، فالأبحاث الطبية الحديثة قدمت خدمة كبيرة للإنسان للقضاء على كثير من الأوبئة ومعالجة الأمراض التي كان الطب التقليدي يعجز عن معالجتها. وفي مجال التواصل حقق التواصل في العصر الحديث طفرة نوعية كبرى، فالمسافات الطوال التي كان يقطعها الإنسان القديم في سفره تستغرق شهورًا وسنوات، يستطيع أن يقطعها اليوم في دقائق أو ساعات، إضافة إلى ما تقدمه وسائل الاتصال الحديثة من إمكانات التواصل الصوتي المرئي المباشر مما جعل العالم غرفة صغيرة. قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) يجب أن نثق أننا ما خلقنا أبدا لنفشل أو لنحزن أو أن نكون بلا هدف، يجب أن نثـق أن وجودنا ليس صدفة وليس رقمًا فحسب، وجودنا له معنى، أنت موجود لأن الكون يحتاجك قال تعالى: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين) وقال تعالى: (أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق). والحق هو النظام والحكمة والعلم، إن تنزيه الله عن العشوائية والصدفة واللا نظام هو محض التوحيد الخالص، بعيدًا عن التصور الأسطوري عبر تاريخ بعض الأديان.
فالتفكر في خلق الكون يدعو المؤمن لليقين بأن الله تعالى لم يخلق هذا الكون باطلًا وعبثًا، بل هناك نظام دقيق ومحسوب، فنظام الموجودات والمخلوقات والأقدار جاء وفق نظام مطرد ومتوازن ضمن سنن وقوانين لا تختل ولا تتبدل ولا تتحول حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهو دليل على دقة النظام الكوني، بل إن دقة نظام الكون وما فيه من اتقان وارتباط بعضه ببعض وجريانه على نظام محكم لا يختلف ولا يضطرب من أدل الدلائل على سابق الحكمة والعلم، لقد كانت معرفة الله ولا تزال خلف سياج القراءات الغيبية للفكر النقلي التقليدي وخلافاته المتراكمة في حلبة الصراع المتواصل حول خارطة الوجود والحياة. وإن كان وعي العقل النقلي التسليم بوجوده بدليل الأثر إلا أن البعد العقلي لحقيقته يتدرج من تشخيص ظاهرة الوجود والحياة والقوانين التي تحكم الظواهر الكونية وأشكال التطور الطبيعي لأنظمة الخلق وتأثير البعد الكوني على طبيعة الإنسان والحياة. ومعرفة الله شاهدها العقل في قوانين الكون ودليلها الوجود في فكر المعقولات بلغها الإنسان ووعاها بالعلم التطبيقي والتفكير العلمي التحليلي وبالتدبر العقلي، فكانت في كل عقل دوّنها كما علم واستشهد بدءًا بأسماء الله وصفاته وأفعاله مسترشدًا بالرسالات السماوية وتعاليمها ومسلماتها، كما أن المعارف التي تحقق بها الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومن حذا حذوهم واتبعهم قاعدتها التوحيد، وهو التحقق بصفات الله فكرًا وحسًا في ملكوت النفس وقيم الروح حتى تماثلت معارفها فيهم فكانوا لسان الصدق بما نطقوا ويد الحق بما فعلوا ونور اليقين في كل غاية وطريق. فالمعرفة بالله هي إطلاق علمه وصفاته في سكن الذات فيكون هو المثال في صوره ومعانيه ودلالاته. فهو الإحساس المتناغم في حركة الوجود ونظامه. وهو العلم بمعقولاته. وهو القدرة في مخلوقاته وهو الأمر في كينونته وفعله وتصريفاته. وهو الغاية في كل خلق وفعل وإليه تعود علته ومقدراته، وحين يقف الإنسان عاجزًا أمام الأسرار التي تحيط الكون بالغموض فمكمن العجز في وعيه وتكوينه ومنقولاته. أما حقائق قوانين الكون فتمثل البعد الأول للحقيقة المشتركة بين الكون والإنسان.
عبقرية لا إله إلا الله
الإثنين 29/08/2011
عبدالعزيز علي السويد
ماهي قصة كلمة التوحيد والعروة الوثقى، والكلمة الطيبة، وكلمة التقوى، وشهادة الحق، ودعوة الحق، (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ), كانت الارض قبل الرسالات السماوية مكفهرة الحياة , الشر يجوس خلال الديار وخلال الجبال والانهار والاشجار مامن موضع قدم في البسيطة إلا وفيه شر مستطير , كوكب الارض كله بخلائقه ينوء باحمال الكفر والشرك والضلال , والظلام – رغم سطوع الشمس - يغطي فضاء الوجود , والوحشة - رغم وفرة العطاء - تتلبس النفوس , والتيه والخوف والحيرة والارباك , هو حليب الارض اليومي الذي يرضعه البشر من اثداء امهاتهم , كانت الارض تموج بالضلال المبين الفساد وسفك الدماء , وذات يوم وضاء كزبد النور , اسفر الكون عن هبة ومنّة عظيمة ونعمة كريمة اسداها الخالق الواحد لفجاج الارض شفى بها سخامها , فلاول مرة كان لقاء الكون المعمور بكل خلائقه العاقلة من انس وجن وملائكة و الخلائق الغريزية والجمادية بــ لااله الا الله كان لقاءً استثنائياً , فلاول مرة تحاط الارض علماً بوحدانية الخالق وألوهية الصانع وتفرده وصمديته , ولأول مرة تسمع الارض وتحس وتعرف من خلال نشيد وتسابيح الكائنات المخلوقة عليها بأن ماخلا الله من الاله باطل , لقد مر الكون والانسان من حيث العدم والوجود بثلاث مراحل : الايجاد بعد العدم ثم خلق الخصائص والسنن والقوانين ثم مرحلة لااله الا الله , تعتبر مرحلة لااله الا الله مرحلة استثنائية بالنسبة للكائنات الارضية وبالاخص الإنسان , فقد وجد اخيراً ضالته ومنشوده في التأله وانتهت حيرته ومتاهته وتفزعاته ومخاوفه من عماليق الطبيعة الشمس والقمر والكوكب والانهار والجبال والاشجار العملاقة والحيوانات الضارية , حيث استعادت الارض زينتها ونظامها الانساني وروحانيتها بعد مجئ لااله الا الله مع آدم وتوجت وختم الوحي مع محمد الامين .
بـ لااله الا الله استعاد الإنسان قوته وبدأ بالتعامل مع قوى الطبيعة ليس بالخوف والتأليه ولكن بمحاولات التسخير والاستفادة ومع أن لااله الا الله ليست كلمة سحرية ولاتعويذة دينية ولانفثة مصدور إلا انها روح الكلم وريحانة الكلام انها هندسة وتقنية التواصل مع الله انها خارطة الطريق الإيماني وبوصلة العقل والرشد والعلم, اصبح الإنسان معها سيداً في الارض بعدما كان طريد مخاوفه واوهامه , لكن مالبث الإنسان بعد أن طوى مراحل من التأريخ أن اجتالته الشياطين ففزع للاصنام والاوثان المادية والمعنوية يبحث فيها ومعها عن طمأنينة وجودة وارزاقه وقوته وشفاءاته هنا عادت باكورة لااله الا الله كآلة للزمن حيث ارجعت الزمن لشبابه وفتوته فقبل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم , كان الزمان والمكان بما يحتويان من مخلوقات آدمية وعجمية , يعيشان في فترة وانقطاع من الرسل والانبياء , فعاشت الارض وسكانها بعداً خرافياً اسطورياً وتيهاً وضياعاً وتلبساً بالكفريات والشركيات وعم الظلم والجور و القتل من غير سبب , فصار الإنسان يصيح بالاسواق قائلاً ألا مـــوت يباع فأشتريـه فهذا العيش مـا لا خير فيـه ألا مــوت لذيذ الطعم يأتي يخلصني من العيش الكريـه إذا أبصرت قبراً من بعيد وددت أننــــــي مما يـــليـه ألا رحم المهيمن نفس حر تصــدق بالوفاة على أخيــه , و اصبح اتيان كبائر الموبقات السحر والوأد واستعباد الإنسان امراً مستساغاً , , حتى الجن تلوثت حياتهم ففروا يبحثون عن ملجأ وعلاج فكانت لااله الا الله التي بعث بها محمد رسول الله خير دواء للارض لكل الادواء .
فكانت لااله الا الله مصنع العزمات في اولي العزم من الرسل والناس والحكام اضفت العروة الوثقى على بعض الانبياء والرسل قوة العزم والارادة والحزم والبسالة , كما اعطت كلمة الحق من تحمل عبئها وكلفتها الايمانية وصدق في تطبيق عدلها من الحكام قوة الحق وحق القوة , النصر والتمكين ورغد الملك والعيش والامان النفسي والمعنوي والمادي , وقدمت كلمة التقوى لبعض الناس ممن اخذها بحقها العز والمكنة وقوة الشكيمة والمنعة فكان عزيزاً حيث ولّى ولو كان وحيداً , و غنياً حيث الصفق بالاسواق ولو كان دون دراية , وأمناً مطمئناً حيث التوترات والقلق تمر من بين يديه ومن امامه وخلفه انها عزمات لااله الا الله التي تهديها لمن يقبلها بأشتراطاتها وإلتزاماتها وحقوقها , ومع كل هذا الفيض النوراني والقانوني والسنني لمنطق لااله الا الله , إلا أنه تم في بعض الامصار والاعصار اختطاف لااله الا الله من قبل بعض تجار الدين والحكام والعلماء فغدت لااله الا الله كغيرها من سلع الله الايمانية يمكن توظيفها واستثمارها والمتاجرة بها للكسب الرخيص والمنافع العاجلة الذاتية فكم هم تجار لااله الا الله من لصوص الدين , ليست المتاجرة مع الله بل استجلاب للمصالح الشخصية تحت غطاء الدعوة بكلمة الحق واليقين , هكذا لابد لكي تعود كلمة التوحيد لسابق نصاعتها ومجدها وقوتها وهيبتها أن يحميها ويذود عن شرفها ويشرف على اعادة توازنها وفاعليتها وارثها العطر الطيب , وحتى تؤتي اكلها ويانع ثمرتها , لابد من قانون مدني عصري ينظم الاستفادة من كنوز لااله الا الله وقوتها العجائبية , فالتوحيد الذي هو سر منطق لااله الا الله واساس التوحد بصفات الله وقيمه العليا التي تضع الحدود والقيود الثابتة للعلاقات والمعاملات الإنسانية في مفاهيم الحياة إذا لم يحرر التوحيد الناس من انظمة الاستبداد ويحرر الفرد من سلطة المجتمع ويحرر العقل من سطوة الاوهام والخرافة والاساطير فهو توحيد لاينفع الإنسان المؤمن بالله , أن الغاية من لااله الا الله التي جاءت بها وارستها الرسالات السماوية هي توجيه العقل البشري لبناء نظام قيمي متكامل يجمع الناس على كلمة واحدة وحقيقة واحدة لا تحكمها نزعة أو خصومة أو استحقاق أو أطماع , وهذه هي خلاصة عبقريات لااله الا الله
الشيخ: الصوت والصورة
الإثنين 12/09/2011
عبدالعزيز علي السويد
كلما بدأ الكاتب والمثقف والشيخ والسياسي في الاهتمام بخصوصياته ويومياته بالحديث عنها كثيرًا وكثيرًا للقرّاء، أو المشاهدين صوتًا وصورة، ومقالاً وخبرًا. فقد دخل في النرجسية، والإعجاب بالنفس، وعبادة الذات، فيتحدث وينشر صورًا لرحلاته ويومياته في المطبخ، والمسبح، والحديقة، والبحر، والبر، وصورًا لأطفاله الصغار، إن الفاعل الثقافي هنا يدرك بذكائه المعرفي أن الصور النمطية الحسية أقوى ثوابت الصور الذهنية التي تبقى لدى المعجبين، والطلاب، والجمهور المتلقي، فهي أقوى وأكثر تأثيرًا من الكلمات والأفكار، بل تصبح الصورة فكرة، تختزن في الذاكرة، فالصورة الواحدة أفضل من ألف نص كما المقولة الصينية، لأن الصورة تستثير الوجدان أكثر من العقل.
يحاصرنا النرجسي متضخم الذات والعنوان (الشيخ والمثقف والسياسي واللاعب والفنان) بالصور من كل اتجاه، كما الإعصار، كما الفيضان العارم. آلاف الصور التي تهب علينا في كل يوم وتفيض وتُغرق أذهاننا بكثافة وسرعة.. صور تعقبها صور، ومن ثم صور فالصورة نفسها هي علامة، مبتكرة بسياق معين وأفق دلالي، وموجهات إيديولوجية وفي ضوء مصالح وأهداف. والصورة ليست حيادية دائمًا، فهي أيضًا لها تحيّزها الخاص، غير أن لها قدرتها على إخفاء ذلك التحيز.. إن الصورة المعروضة هي في نهاية المطاف خيار منتجها وعارضها، فهي واحدة من بين عشرات أو مئات الصور الأخرى المرتبطة بالشيء نفسه، أو الحدث نفسه (صاحب الصورة) والتي تم استبعادها. وعملية الاختيار تفضي إلى إرسال رسالة بعينها، أو بث معنى محدد. وقد تكون هذه الرسالة محاولة لتشويه الحقيقة، أو مواربتها. فزاوية اللقطة وحدودها، وعملية المونتاج التي تتعرض لها، والسياق الذي تنشر فيه، والتعليق (الشفهي أو المكتوب) الذي يصاحبها ومناسبة نشر الصورة وتوقيتها، كلها عوامل تتدخل في ترك أثر معين (مخطط له)، ومعنى بعينه في ذهن المتلقي. واليوم هناك كثير من المفكرين الذين يطرحون رأيًا مؤداه أن ثقافة الصورة لا تعكس الواقع في حقيقته، وإنما تخلق واقعًا متخيلاً ومتوهمًا، لأنها ببساطة تصدر عن إيديولوجية شخصيات اعتبارية، أو مؤسسات تبغي التحكم والسيطرة على العقول لغايات نرجسية سياسية واقتصادية. إن ثقافة الإعجاب وتكثير الرصيد الجماهيري من خلال صناعة الصور تنمِّط العقل وتحدده وتسطّحه لترسخ قيم عابرة وتخاطب الغرائز، عبر نشر الصور الشخصية للخصوصيات والمواقف اليومية لبطل الصور، وتكرس الكاريزما الصورية.
إن الجدب الإبداعي في حقل المهمة والهواية والوظيفة هو منشأ الانكباب على الزخم الصوري في الحضور والمشهد الإعلامي، وذاك بالظن أنه كلما قصُرت فكرتك فأطلها بصورتك، حين تكون أفكارك وما تقدمه للناس من خلال حضورك الاجتماعي والاشهاري غير بيّن وواضح ومسدد، فعليك بالصور الجميلة واللقطات الحميمة البينة الواضحة الدقيقة فهي تغطي العجز هناك. صار المفكرون والمثقفون والمشايخ وأبطال الإعلام والشهرة يُقيَّمون بحسب عدد ونوع الصور الخاصة بهم وبذويهم وحيواتهم اليومية، وربما لهم العذر في ذلك فالناس المستهلكون للإعلام المرئي الصوري، صاروا (البومات) لحفظ الصور واللقطات، وليس ذاكرة للأفكار الجميلة، ومع هذا يظل المشايخ المكثرون من التصوير في كل مناسبة، وغير مناسبة، عليهم الوزر الأكبر في عبادة الناس للصور، عبودية الإعجاب وليس عبودية الطقوس.