في أحدى رحلاتنا للصيد ، خيمنا في منطقة خالية من الناس وهي منطقة جبلية وعرة التضاريس ، وفيها جبال عظية الأرتفاع ، وكنا في نهاية فصل الصيف وعددنا أربعة رياجيل ، متعودين على الصعاب وتسلق الجبال ، وتوزعنا من الصباح في الجبال ، ونظراً لصعوبة طلوع تلك الجبال ووعورتها ، أتفقنا أن كل أثنين يروحون سواء فيما لو لا قدر الله حصل لأحد مكروه يساعده خوية ، ومعنا حبال وشناكير لربط الحبال ، وسكاكين ، ومعنا كل أحتياجات الصيد والسلامة المتبعة لرحلات المناطق الصخرية ، وأخذين حذرنا من الذياب والنمور والهوام ، فربما تكون موجودة في كهوف الجبال ، وقد حصلنا على صيد وفير ولله الحمد ، وبعد منتصف النهار بداءات السحب في التكاثف حتى تراكمت السحب فبداء الرعد يرعد والبرق يبرق ، وأظلم الجوء ، فقررنا أن نعود بسرعة إلى خيمتنا قبل أن يهطل المطر علينا، وتقطع السيول الطريق بيننا وبين خيمتنا، فنزلنا مسرعين ، وبداء المطر في الهطول بغزارة ، وقد قررنا أن نستمر في السير ، وأن لانتوقف فربما يقطع السيل طريقنا ، وكانت خيمتنا في مكان مرتفع عن الوادي ، لكن خفنا على السيارة لا يشيلها السيل ، حيث تركنا الجيب في وسط الوادي تحت ظل شجرة طلحة كبيرة .
وواصلنا السير ، والمطر يطهل بغزارة علينا ، لكن السيول ما قد جات من الجبال ، حيث أن السيول إذا جات تجي مندفعة بسرعة ، وعندما وصلنا رحنا وطلعنا الجيب من بطن الوادي ، وبعد دقايق الا والسيل قد غطاء على مكان سيارتنا وكان الوقت صلاة المغرب ، وحصلنا حطبنا قد بلله المطر ، ففرشنا فراشنا وصلينا صلاة المغرب وجلسنا ، وبدينا نفكر كيف نسوي قهوتنا ونطبخ عشانا والحطب قد بلله المطر ، وكان الطريق الرئسي يبعد عن مكانا اللي جالسين فيه حوالي عشرين كيلو والطريق إلى الخط العام طريق صحراوي ، ويوجد عند مفرقه من الخط العام محطة بنزين بجبنها بقالة يوجد بها أدوات الرحلات والحطب ، وقال خويانا سليمان أنا ومرزوق نبا نروح للمحطة نجيب حطب وأذا كان ناقص أغراض نجيبها معنا ، ماهو معقول نقعد بدون قهوه ولا عشاء ولا شبة نار ، وقمنا نتفقد في أغراضنا ونشوف اللي ناقص من أغراض من شان يجيبونه خويانا معهم من البقالة.
وسيارتنا جيب قديم لكن مجهز ومخصص للمقناص ، كل معداته جديده ، ومعانا أسبيرات قطع غيار وكفرتين للأحتياط وعدة إصلاح البنشر.
راحوا خويانا سليمان ومرزوق للبقالة ، وبقيت أنا وذيب نجهز العشاء ، في أنتظار خويانا يجيبون الحطب وباقي الأغراض .
مشوا من عندنا خويانا سليمان ومرزوق ، وكان الخط متأثر من المطر والسيول ، ولكن مافيه وادي كبير سيله يقطع الطريق ، وأستمروا حتى وصلوا ألى البقالة وكان وقت صلاة العشاء ، وصلوا في مسجد بجنب المحطة ، وكان المصلين بالمسجد حوالي عشرة رياجيل ، خويانا وواحد لابس ثوب وعمامة ، والبقية عمال المحطة والبقالة والمحلات الموجودة بجنب المحطة .
وبعد ماخلصوا من الصلاة وطلعوا من المسجد ، شافوا خويانا الرجال اللي لابس ثوب وعمامة يركب في سيارة ونيت موديل قديم ، وحاول يشغله ولكنه ما أشتغل و كرر المحاولات لكن بدون نتيجة ، ونادى صاحب الونيت على خويانا وقال لهم تعالوا ساعدوني ، دفوا السيارة ، وراحوا له ودفوا الونيت وأشتغل وشكرهم ، ومشى مع الطريق العام .
أشتروا خويانا الحطب والأغراض وعودوا راجعين لنا مع طريقهم ، وفي منتصف الطريق لنا حصلوا صاحب الونيت سيارته متعطله ، ووقفوا عنده ، ونزلوا وحاولوا يشغلون السيارة بأشتراك للبطارية وما أشتغلت معهم ، وطلع العطل من السلف ، والليل ظلام والمحلات اللتي بجنب المحطة تقفل بعد صلاة العشاء .
قالوا له خويانا ، أنت وين رايح في هذا الليل ، قال لهم أن والده يعيش في منطقه وسط هذي الجبال وأنا أروح له نهاية الأسبوع أتطمن عليه حيث أنه يعيش وحيد ومامعه جيران ولا عنده زوجه ولا أحد يساعده .
وسآل الرجال خوينا وأنتم فين رايحين ، قالوا له حنا قناصة ندور الصيد ولنا خويا قدامنا مخيمين في وادي بين هذي الجبال ورحنا نجيب لهم مقاضي ، لكن خاونا ، وليا أصبح الصباح نوديك لورشة الميكانيكا اللي في المحطة ونجيب منها فني يصلح العطل اللي في سيارتك .
وافق على رايهم وطلع معهم وعادوا لنا خويانا قبل منتصف الليل ، ونزلنا الحطب وشبينا النار وسوينا قهوتنا وركبنا عشانا ، وجلسنا نسولف مع ضيفنا اللي جاء مع خوينا وقال لنا سالفة وجود والده اللي عايش في الخلاء لوحده بين الجبال ووسط السباع والأهوال وقال لنا أن والده .......