هل أحسنا استغلال الأيام هل سخرناها فيما أمرنا الله
هل استشعرنا دورة الزمان
هل أحسسنا بأن العمر يمضي ومعه تمضي آجالنا
وأن كل يوم يأتي لا بد أن يذهب ولا يعود إلى يوم القيامة. . .
عن معاوية بن قرة ، عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا وينادى
فيه : يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وأنا فيما تعمل غدًا عليك شهيد ، فاعمل فيَّ خيرًا أشهد لك به غدًا ، فإني لو قد مضيت لم ترن أبدًا )) من كتاب التذكرة للإمام القرطبي
عليك إذا أن تغتنم من العمر قدر المستطاع
ولا يكون ذلك إلا بوضع الأهداف وتحديد الغايات والتخطيط الجيد للغد والمستقبل
وبعد هذا كله محاسبة النفس
ومراجعة الحسابات حتى نعرف ما إذا كنا قد حققنا هذه الأهداف أو حتى بعضها أم أننا نسيناها
وضاع اليوم كما ضاعت من قبله الأيام دون أن نحقق فيه أو نغتنم منه ما نفخر به في الدنيا ويكون لنا ذخرا يوم القيامة
يجب العمل بكل جهد
لا تقاعس
لا تخاذل
مع مراعاة أن تكون أعمالنا في طاعة الله ومرضاته
ليس معنى هذا أن تقتصر أعمالنا على العبادات فقط من فرائض ونوافل
بل كما قال الإمام محمد الغزالي رحمة الله عليه في كتابه ــ الإسلام والطاقات المعطلة ــ
أن العمل الصالح الذي يتقرب به إلى الله ويبتغى فيه رضاه يستوي في تقويمه أن يكون عملا عاديا أو عباديا
فكلاهما في نظر الإسلام أداة حسنة للخير ، ومظهر جيد للهدى والحق
وفي الحديث القدسي من رواية الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه (( من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب
إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه
الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي
لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفسِ عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ))
إشارة للوظائف الطبيعية لحواس الإنسان وأعضائه
فالسمع والبصر هما المنافذ الأولى للعقل وبهما يكون معلوماته عن كل شيئ
واليد وارجل هما المظاهر الأولى للحركة وبهما ينفذالمرء أغراضه ويحقق مآربه
ومعنى إثبات هذه الأربعة في الحديث أن الإنسان المؤمن بربه يصل إلى المنتهى في مرضاته يوم تكون حياته العلمية
والعملية كلتاهما مسخرتين لرسالته السماوية
غاية ما هنالك أن الإسلام اعتنى بطائفة من العمل الصالح ورسم لها هيئات وصور لا تعدوها ولا تتغير بتغير الأزمنة
كالصلاة والصيام
وترك بقية الأعمال مطلقة لا يحدها إلا الإطار العتيد الذي لا بد منه
وهو ــ النية الخالصة والغرض الشريف ــ ومع توفر النية الصالحة توزن في كفة الحسنات أشياء لا تخطر بالبال
هكذا المسلم يعمل ليومه
يخطط لغده
يراقب الله فيما يفعل
يتوكل على الله ويفوض الأمركله إليه
فأمره سبحانه بين الكاف والنون ، إذا قال للشيء ــــ كن فيكون ـــ